| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                الأربعاء 21/11/ 2012

     

حكامنا يمنحون "الجنسية" وهم من يسقطونها ..!

جمال الخرسان         

بيد الحاكم وابنائه مصير البلاد والعباد والارزاق، هكذا سارت الامور في معظم بلادنا العربية، بل اكثر من ذلك فالحاكم قادر ايضا على تخوين ايّ من ابناء وطنه متى اراد، كما انه قادر على رفعهم الى درجة وطنية بامتياز، الحاكم قادر ليس فقط على تخوين وتجريم وتكريم ابناء الشعب بل قادر على سلب هويتهم ايضا والتلاعب بها، فالهوية وما يتبعها من اوراق رسمية ليست الا قرار يخضع لمقاسات الحاكم ودوائر الأمن المحيطة به ليس اكثر..!

بسبب التمرد او التحرك السياسي او القيام بفعل لا ينسجم وذوق الحاكم يمكن ان يصبح كل منّا بلا وطن..! على الاقل وفقا للاعتبارات الرسمية المتّبعة، وما يتعلق بسحب الاوراق الثبوتية، فللتوّ فقط وبفعل الضغوط الدولية والداخلية الهائلة حصل اكراد سوريا على ما يثبت انهم ابناء ذلك البلد..!! ذات الاحداث التي ضربت العالم العربي في الفترة الاخيرة كانت سببا كافيا لسحب الجنسية عن عدد كبير من المعارضين البحرينيين وذلك بسبب ما يقومون به من تمرد على العائلة الحاكمة في البحرين!

القصة تكررت في الامارات حيث اسقطت الجنسية عن ستة ناشطين على الاقل، في الكويت ايضا اسقطت الجنسية مؤخرا عن احد الكويتيين بسبب قناعاته الدينية، الحال هو الحال في السعودية، اما في قطر فقد اسقطت الجنسية قبل سنوات عن قبيلة بكاملها لاسباب سياسية قبلية، في الاردن ايضا يدور سجال كبير وقلق من سحب الجنسية عن شريحة كبيرة من الاردنيين، كذلك الحال بالنسبة للعراق في فترات الحكم السابقة فهناك سيل من الاسماء التي اسقطت عنها الجنسية فقط لانها وقفت بالضد من سياسيات حزب البعث وبعض العابثين بمصير العراق!

والملفت ان من اسقطت عنهم الجنسية هم من خيرة ابناء العراق ومن نخبته التي يعتز بها القاصي والداني وشهد لفضلهم اعدائهم قبل اصدقائهم، ان كثيرا من بلدان هذا العالم دأبت على منح الجنسية بشكل استثنائي للرموز والاسماء الكبيرة فقط من اجل الاعتزاز بها واستمالتها، فيما لا نزال نحن نمارس سياسة طاردة لكل من حولنا!

لا فرق هنا بين الزمن الماضي او الحاضر فالعقلية التي تقودنا لم تتغير للاسف الشديد، الحكام يريدون تطبيق جميع انواع العقوبات القاسية على الذين يغضبون عليهم، ولان الحاكم هو المعيار الاساسي في تشخيص مصلحة الوطن، ومنه تستصدر صكوك الوطنية وقرارات التخوين فانه لا يتردد في سلب الهوية والمواطنة عن كل من يغرّد خارج السرب، في تصور الحاكم ان الهوية يمكن ان تسلب بقرار وان تمنح بقرار ايضا، في تصور الحاكم ان سحب الجنسية عن اي مواطن يبعده عن الانتماء الى بلده الام ويقصيه تماما عن الحياة الاجتماعية والسياسية بل واحيانا يحرمه تماما حتى من لقمة العيش!

انها قصة قديمة متجددة لم تنفع بالتأثير عليها كل المتغيرات الكبرى التي حصلت في المنطقة.

 

free web counter