| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الجمعة 20/7/ 2012

     

سوريّا بوابة روسيا لعالم متعدد الاقطاب

جمال الخرسان

بينما تدور مباحثات شاقة هذه الايام بين الخمسة الكبار في مجلس الامن حول الموقف من سوريا فيما يتعلق بتمديد مهمة المراقبين من عدمها، كذلك امكانية فرض مزيد من العقوبات على النظام السوري وربما خيارات اكثر من ذلك، عقد وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" يوم الاثنين الماضي مؤتمرا صحفيا من موسكو ابدى فيه بشكل واضح موقف الجانب الروسي الرافض لتمرير اي قرار من شأنه وضع سوريا تحت طائلة البند السابع. منذ سبعة عشر شهرا وحتى هذه اللحظة لم يتغير الموقف الروسي الداعم لنظام الاسد، وكما ان لامريكا وحلفائها اوراق ضغط تقوّي مواقفهم على طاولة المفاوضات وامام الرأي العام الدولي خصوصا فيما يتعلق بسقوط الضحايا المدنيين على يد الجيش السوري، فإن لروسيا والصين ايضا اوراق اخرى تسمح لها بمزيد من المناورات السياسية، ويبدو انها استطاعت ان تكسب من خلالها بعض الاطراف الدولية، خصوصا فيما يتعلق بتوسع نشاطات تنظيم القاعدة في سوريا، اضافة الى ممارسات ميلشيا "الجيش السوري الحر" عفوية التنظيم وغير المرتبطة بهيكل تنظيمي متكامل، التي تقوم بردود افعال طائفية في بعض الاحيان ومن جملتها اختطاف مدنيين والقيام بعمليات قتل تطال الابرياء، وما يؤيد ذلك هو موقف اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي اكد بأن "ما يدور في سوريا هو حرب اهلية" وهو ذات الامر الذي جاء على لسان "هافر لادسو" قائد قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة حيث قال: "إن سوريا في حالة حرب اهلية". اضافة الى ذلك التشكيك الروسي الصيني اساسا بسقف ارقام الضحايا المبالغ فيها جدا والتي تعلن في معظم الاحيان بناءا على مصادر "تنسيقيات الثورة السورية" فيما هذه الاخيرة اصبحت بشكل او بآخر تابعة لجماعة الجيش السوري الحر.

الموقف الروسي لازال متصفا بذات الصلابة السابقة، حيث اكد لافروف في مؤتمره الصحفي على قضيتين مهمتين، الاولى: إن روسيا لن تمرر في مجلس الأمن أيّ قرار يخالف ما اتفق عليه في جنيف، ويضع سوريا تحت طائلة البند السابع. والثانية: استمرار الدعم الروسي لنظام الاسد وبقائه في السلطة. وهذا يعني ان روسيا لن تتنازل عن الملف السوري ونظام الاسد بالذات الا بثمن باهض جدا، وهذا الثمن لم يتحقق حتى الان رغم العروض الخليجية المغرية التي ارادت شراء الفيتو الروسي بصفقة مالية، كما حصل في حرب الخليج الثانية، لكن الامور مختلفة هذه المرة. ان ما يدفع روسيا للمغامرة بالملف السوري الى هذا الحد ليس فقط المصالح الروسية المباشرة مع الجانب السوري، وليس فقط ما يربط روسيا مع حليف سوري آخر هو ايران الدولة المهمة في المنطقة، وليس فقط العداء التاريخي بين روسيا وتركيا خصوصا فيما يتعلق بصراع النفوذ في العديد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وليس فقط لان روسيا تريد الحفاظ على الحد الادنى من مصالحها في كعكة الشرق الاوسط الشهية جدا، بل اضافة الى ذلك فإن الجانب الروسي يريد استثمار الورقة السورية لارساء مرحلة روسية جديدة، وارسال رسالة للجميع بأن روسيا اليوم مختلفة كثيرا عن روسيا الامس، في ظل اوضاع اقتصادية سيئة جدا تعيشها البلدان الغربية مما يعطي لروسيا مساحة اكبر للمناورة. ان روسيا في مرحلة "فلايدمير بوتين" تختلف كثيرا عن روسيا "بوريس يلتسن"، من هنا فان "قاعدة طرطوس العسكرية الروسية" التي اسست في السبعينات من القرن الماضي والتي اهملت لفترة طويلة من الزمن، امر بوتين بتنشيطها وبنائها من جديد منذ عدة سنوات. روسيا لازالت على موقفها الصلب بأن المصلحة الروسية في الشرق الاوسط اكبر بكثير مما يتصور الاصدقاء والخصوم، كما ان سوريا ليست الا بوابة لعودة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، استعدت لها جيدا موسكو هذه المرة فيما يعيش الاخرون ازمات اقتصادية خانقة، من هنا فمن يريد شراء الموقف الروسي عليه تقديم سقف اعلى بكثير جدا مما تم تقديمه حتى الان.
 

free web counter