| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جمال الخرسان
gamalksn@hotmail.com

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

 

                                                                                 الأحد 10/6/ 2012

     

لبنان .. الحلقة الاضعف

جمال الخرسان

من سوء حظ منطقة الشرق الاوسط انها كلما ابتعدت قليلا عن التصعيد السياسي المتشابك والمعقد عادت له مرة اخرى بزحم أكبر مما سبق، وبعد سلسلة من الازمات الكبرى سادت حالة من التمترس الآيدلوجي غير المسبوق. هذا الانقسام الحاد في المواقف السياسية انعكس بشكل سلبي على جميع بلدان الشرق الاوسط، وبالذات على الساحة اللبنانية، وذلك لان لبنان ربما يمثل الحلقة الاضعف في المشهد الشرق اوسطي، فلبنان أساسا لم يكن فقط منطقة نفوذ بين المحاور الاقليمية وربما الدولية ايضا، ولكنه بالاضافة الى ذلك كان ساحة مؤاتية لحرب الوكالات، وهذا ما يدفع ثمنه المدنيون اللبنانيون وكذلك الاقتصاد اللبناني الذي يعتمد اساسا على عامل السياحة، والسياحة هذه لا يمكن لها ان تنتعش وتتنفس الا مع الاستقرار الامني الكامل. ان لبنان بلد صغير يرزح تحت وطأة اخوته الكبار من جهة، وانتهازية الاسرائيليين من جهة ثانية، ناهيك عن عبثية الفصائل المسلحة المتواجدة على الاراضية اللبنانية، كل هؤلاء لاتمثل لهم شيئا مصلحة الشعب اللبناني على الاطلاق.

في ذاكرة اللبنانيين ارشيف دموي عن الحروب الاهلية وخصوصا تلك التي امتدت من العام 1975 حتى العام 1990. وهذه الذاكرة المتوقدة تمثل شبحا يطل على مرأى ومسمع الابرياء في لبنان كلما شهدت منطقة الشرق الاوسط تصعيدا ما. الازمة السورية امتدت الى لبنان واولى مناطقه الرخوة التي استجابت لها هي مدينة طرابلس بحكم تركيبتها المتنوعة. فالاشتباكات المتقطعة التي بدأت قبل شهر من الان بين العلويين المناصرين للنظام السوري وبين السنة المناصرين للمعارضة السورية اوقعت عددا ليس قليلا من القتلى والجرحى، وحوّلت المدينة الى مدينة اشباح لا يعلو صوت فيها على صوت القناصة ولايطغى فيها مشهد على مشهد المتاريس والخنادق المجهزة تحسبا لأي تطور امني قد يحصل، والكل هناك يتوقع جولات قادمة من الصدام المسلح بين الجانبين.

ان ما يحدث في طرابلس يمتد للمدن الاخرى بتداعيات مخيفة وقد يجرها لمشاهد مماثلة فتصعب السيطرة على الشارع ويعود المشهد اللبناني بأكمله فريسة للعنف. ان النسيج الاجتماعي اللبناني نسيج هش رغم كل ما اتخذ من تدابير وحملات توعية لترميمه بعد احداث الحرب الاهلية، وكما هو الحال مع بقية بلدان المنطقة فإن التنوع الديموغرافي في لبنان يمثل مشكلة بحد ذاته، فلكل شريحة ونوع إرث من الضغينة والكراهية تجاه الاخر، هذه الضغائن بمثابة نار تحت الرماد تشتعل فقط حينما تمر او تمرّر عليها ريح من هنا او هناك.
 

free web counter