| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

السبت 3/4/ 2010



المجد للحزب الشيوعي بعيده السادس والسبعين
ما هذا العقوق أيها العراقيون؟

جواد وادي *

أين يكمن الخلل الذي نزل كالصاعقة على رؤوسنا نحن الذين ارتبطنا وجدانيا وفكريا ومصيرا وتعلقا حميما بالوطن ما إن تعرفنا على الحزب الذي يمثل حقا العمل السياسي المتلازم فكرا ونضالا بتضحيات تذهل وما زالت من تعرف على تاريخه منذ التأسيس صديقا كان أم مناوئا حين قدم القرابين تلو القرابين على امتداد سنوات النضال التي ما عرفت انفراجا سياسيا إلا في النزر اليسير من المحطات وما تبقى كانت مراحل محن حقيقية مرت على الشيوعيين وما تخاذلوا أو تخلوا عن مبادئهم التي كانت مرسومة لهم حين بلغت قناعة الشيوعي وهو يلج خيمة الحزب أن عليه أن يكون مشروع تضحية من اجل الأفكار النبيلة والانتماء الوطني لمقارعة الأوضاع الشاذة والشائنة وتصحيح الاعوجاج في مجتمع تعشش فيه أدران لا حصر لها من فكر متخلف إلى عشائرية بصيغتها الذاتية المقيتة والمنغلقة مرورا بالأمية التي تضرب بأطنابها كل مفاصل المجتمع العراقي وصولا إلى تخلف اقتصادي مخيف وتردي الوضع الخدمي بسبب السياسات العرجاء وارتباطها بأجندات آخر ما تفكر به إحداث تغييرات في العراق وتحقيق نقلات نوعية استغلالا للخيرات التي يحتكم عليها هذا البلد الغني ثراواتا وموقعا وتاريخا مشرفا وشعبا منتجا فكريا وعطاء.

إذن ما حقيقة الأمر وكيف لنا أن نقيم ما وقع وهل من المعقول أن لا يحصل حزب كان المتسيد للوضع السياسي لأكثر من نصف قرن وبامتياز وليس فكرا مفروضا على الناس قسرا ولا يخاطب مشاعرهم التي ينقصها الوعي والحصانة الكفيلة بتمييز طبيعة الحزب واتخاذ القرار السليم هل يعقل أن حزبا بهذه المواصفات لا يحصل حتى على مقعد برلماني واحد؟

يقينا أن خللا ما أو لعلها مجموعة أخطاء حدثت لتقود إلى هكذا نتيجة فاجأت الجميع فاعلين سياسيين وإفراد ومنظمات مجتمع مدني ومراقبين وبات حديث الناس لمعرفة الأسباب لما حصل سمته الحيرة والاندهاش وخيبة الأمل.

أولها أن تزويرا كبيرا قد وقع في انتخابات الخارج وقد كنا جميعا نراهن على هذه الأصوات لكن التقارير التي توصلنا بها من الأصدقاء أثبتت وبالدليل القاطع أن تلاعبا خطيرا قد حصل وان آلاف الأصوات قد تم استبعادها ولم نتمكن معرفة الأسباب لذلك كوننا بعيدون عن مراكز التصويت إنما ما وصل من قرائن موثقة لا تقبل الطعن أو الشك.

هناك أيضا تلاعبا قد وقع في عمليات الفرز والعد في عموم المراكز الانتخابية في العراق سيما تلك المناطق النائية ولا نعرف حجمها ولكنها حتما أثرت كثيرا على النتائج.

الأمر المتوقع الأهم والأخطر هو هذا التغير الغريب في مواقف الناس الذين وكما عهدناهم كانوا في يوم ما من اقرب المؤيدين للحزب ونضالاته مضافا إليهم الأعضاء الفاعلون ومدى تعلق الناس بهذا الفصيل السياسي الذي ما شوهت مواقفه الشوائب أبدا مقارنة بأحزاب هي التي باتت تصول وتجول ومن ورائها المصفقون الذين لعل العديد منهم كان من المقربين للشيوعيين. فماذا الذي حصل؟

كانت بشاعة القمع البعثي وملاحقة الناس أينما وجدوا لتصفيتهم إن لم يتحولوا إلى كلاب حراسة وكتبة تقارير كيدية لقطع رقاب من يتجرا بالوقوف ضد سياسة البعث العفلقي الأجرب السبب الرئيسي لدفع الناس بالتفكير في البحث عن طرق خلاص من هذه المحنة فلجا العديد منهم وأنا اعرف بعضهم الى التدين وإضفاء صبغة الدين على سلوكهم اليومي طردا للشبهات ونأيا من السياط البعثية القاتلة ونجح العديد منهم في الاختباء تحت جبة الدين، إنما بمرور الوقت ونظرا لكون الغالبية العظمى من هؤلاء الناس بسطاء ولا يحتكمون على تلك الإرادة القوية والبديل الواعي إزاء الفكر الديني الذي هو أصلا بيئة تربى ونشا فيها هؤلاء المساكين فتحول الانتماء الشكلي إلى ارتباط حقيقي بالدين غذته بقوة عوامل من أهمها أن تفاقم القمع البعث بات قدرا لعينا لا مفر من مجاراة القتلة للنفاذ من الموت المحدق وما أن حدث التغيير وسقوط النظام الفاشي حتى ظهرت القوى الدينية في الصورة واخذ كل تابع لأي فصيل ديني يدافع عن ذلك الحزب أو التكتل مما غذى وبشكل غريب نزوعا لم يكن معروفا بهذه الحدة في العراق الذي تركناه إبان السبعينات وبات التخندق الطائفي سمة خطيرة تميز ملامح الوضع السياسي في العراق وخرجت خفافيش جديدة بلبوس مختلفة ولكنها تلتقي كلها في الانتماء الطائفي بأبشع صوره ناهيكم عما فعله نظام صدام المقبور حين مسخ كل شئ في المجتمع العراقي من قيم وتربية ووعي وأخلاق وسلوك إنساني وغيرها من توصيفات كانت لصيقة بالعراقي.

وعند حلول موعد الانتخابات والتحضير لها كنا نحن المقيمون في منافينا نراهن على ان الوضع سيرمم رغم صعوبة المهمة وان السواد الأعظم من العراقيين سيعيد ترتيب قناعاته ويعيد وشيجة الانتماء أو الاقتراب على اقل تقدير من الحزب الذي ربى أجيال وأجيال إذا ما عرفنا إن العراقيين معروفون بوفائهم حتى وان وقعت قطيعة وهوة زمنية متباعدة جدا مع الحزب بسبب الظروف الاستثنائية كما حدث في العراق ولكن لم يكن يدور بخلدنا إن الابتعاد بين الناس الطيبين كما عهدناهم والحزب العريق في النضال والتضحيات تصل إلى هذا المدى من النسيان والجفوة والعقوق كون الحزب له الفضل الأعظم في تربية أجيال لا زالت تحتكم بتكوينها الأول والبذرات الخيرة الأولى التي دسها الحزب في تركيبة الناس حيث مكنهم لان يمسكوا بخيوط الأمل ويفتح أمامهم طرق المعرفة التي ما زالت الرصيد الحقيقي لتكوينهم ووعيهم الرصين والجاد.

ما زال أملنا في العراقيين كبيرا في تجاوز الخطأ والتقرب أكثر للولوج في بيت العراقيين الحقيقي الذي وكما ألفناه بدفئه وحبه للعراقيين يسعى دائما لفتح منافذ ودليل عمل ليكون المرشد للوصول إلى الأهداف الوطنية والتعلق بالقيم النبيلة.

تلك كانت كبوة لها أسبابها الذاتية والموضوعية ولكن الأمور ستعود لوضعها الطبيعي كحتمية لها ما يبررها وسنتجاوز المحنة من جديد وستطرد الأيام القادمة كل الحالات الشاذة وغير الطبيعية.

وأملنا في الانتخابات القادمة كبير وقد عاد العراقيون لإنصاف الحقيقة التي علقتها الظروف الطارئة ولو لحين وستعود راية الحزب خفاقة في سماء العراق ليفهم كل من به خصاصة أن الحزب باق والفكر في خير والشيوعيين في عطاء دائم للمساهمة مع كل الطيبين لبناء العراق الجديد.

والمجد لكل شهداء الحزب الأبرار وكل عيد والحزب والشيوعيون في تألق وتقدم وعطاء دائم.

 

 


* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter