| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

الأحد 22 / 9 / 2013                                                                                

 

أين أنتم من الزعيم الخالد يا صغار؟

جواد وادي

كلما راهنا على ثلة المسؤولين بالعودة إلى حكم الضمير وتحريك الوازع الوطني فيهم، نجدهم ينحرفون أكثر عن المسار الوطني والانساني، ليزدادوا عداء واختلافا ومغايرة عن المألوف، ويتحول مصير الوطن ومصير المنكوبين إلى حالة أكثر تعقيدا، وأشد حيرة، ونبتعد عن أمل التغيير المنشود، وسبب هذه الانحرافات والسلوكات الشائنة، لمحدودية وعي هؤلاء واستئناسهم في عتمات النفق الذي يعيشون فيه، والله يعرف ما يفعلون فيه من فضائع، الأمر الذي يبعدهم هذا الوضع الكارثي، يوما بعد آخر عن المسار الوطني، إن كانوا يحتكمون على شيء من الوطنية، والحيرة الأشد أنهم لا يستفيدون من الهزات العنيفة والتي أسقطت عروشا، بسبب هذه العنجهية وهذا التخبط والانحرافات عن قصد وتعمد وتوجه نحو الخراب بتكريس ملفات ستحيل العراق حتما إلى أرض لا حياة فيها، وشعب لا يعرف كيف يعيش وهو مطوق بالعوز والجوع والتخلف والحرمان، وهو يعاين سراق المال العام وحرامية العصر الأسود، دون أن يرف لهم جفن، حتى أخذ العالم بأجمعه يستغرب من هذه الحالة وكأن الناس كلهم قد حشروا بردهات التبنيج واعطائهم جرعات قوية من التخدير، وبقي المتسيبون يلعبون بالبلاد والعباد على هواهم. وليذهب من يعترض إلى الجحيم.

أن مسؤولين بهذه المواصفات، وهذا التردي من القيم والاخلاق، وبهذا التنصل من المسؤوليات التي تتطلب جهودا استثنائية جبارة، لاخراج البلد من مسلسل المحن والكوارث، لا يصلحون حتى لادارة مسؤولية عوائلهم، فما أحرانا وهم يجلسون على سلطة القرار لدولة كانت فيما مضى يقام لها ولا يقعد، والماضي هذا ليس في عهد الطاغية المعدوم والذي ترك لنا ارثا من الدمار، جاء الجدد ممن عافته الأرض ولفظه البشر، ليتسيد ادارة هذا البلد الجريح، إنما نحن بصدد المجد التليد والانجازات الانسانية الكبرى منذ آلاف السنين وما حققه للبشرية، ليأتي أنصاف أميين وجهلة ومزورين لكل شئ: نقاء السريرة، والخطابات، والحقائق، والتاريخ، حاملين شهاداتهم المزورة كذلك ليحكموا بلدا، لم يتبق من ارثه التليد غير الحسرات والألم وشعب مكلوم، ليأتي ورجال، (وأشك في ذلك) لا يحتكمون على أي شيء... أي شيء، سوى المساوئ والخيبات والألسن الطويلة والأذرع التي لا تتردد في الوصول إلى انتزاع قلب العراقي، ليبقى يتضور جوعا، وهم المنتفعون، وهيهات للعراق والحالة هذه أن تقوم له قائمة، ومسؤوليه ومن يتحكم بمصيره، ويتصرف بقدرات البلد، على هذا التردي الاخلاقي الذي لا مثيل له في كوكبنا الأرضي، ولعلهم مخلوقات كونية، هبطت في غفلة من الزمن لتصول وتجول بطريقة حاقدة وانتقامية، ولا يهمها من أمر العباد سوى ملأ الجيوب بالسحت الحرام، ودونهم والخراب.

هل نحن نتجنى عليهم أيها العراقيون؟ ام أنه واقع الحال، ولا أظن عراقيا واحدا يختلف عن هذه التوصيفات ولا يعاني من هذه المخلوقات الرثة...
بات إذن من غير المستغرب أن نتلقى الصفعات في كل وقت وحين من هذه العينات، دون أن نعترض أو نقول... لماذا؟

بالأمس اغرورقت عيناي بالدمع، وأنا أقرأ خبر أعتبار الزعيم المحبوب الشهيد عبد الكريم قاسم، بأنه ليس بشهيد العراق والمبدأ والوطنية الحقة، إنما هو مجرد رجل ميت أو (هالك) بلغة الفقهاء من شاكلتهم،
من يرضى بهذه الزلة الكبيرة؟
من يقبل ضميره بهذا العقوق؟
من ينكر نزاهة هذا الوطني الغيور؟
من يقارن هؤلاء بشهيد العراق ورمز الشهادة الحقة؟
تحضرني ما قاله فقهاء الظلام السعوديون عن سيد الشهداء أبي عبد الله، هو وآل بيته،بأن الإمام الحسين (ع)، لم يكن على حق حين تمرد على (أمير المؤمنين) يزيد بن معاوية.
ألم يلتق هؤلاء الأجلاف مع أجلاف السعودية وسحب صفة الشهادة عن إبن الشعب البار. الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم،

لا أنسى أبدا ذلك اليوم الذي نهض مواطن عراقي، وطني غيور، وحر شريف، وهتف بأعلى صوته، أثناء محاكمة الطاغية صدام، بحياة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، مما أغاظ، المجرم صدام، كرد اعتبار لهذا الوطني الأصيل، واسماع العالم، أن الشهيد (رغم أنف الصغار والأقزام) عبد الكريم قاسم هو ابن الشعب البار، الساكن في الوجدان العراقي.

ما هي معايير الشهادة عندهم إذا كان عبد الكريم قاسم ليس بشهيد، لعلني أجدهم وضعوا شروطأ للشهادة حسبما يرون هم من وجهة نظرهم، باعتبار كل لص، وحرامي، وعديم ضمير، وسارق للمال العام، وبلطجي، وميليشياوي، وله أكثر من وجه، ولون، ولا يستحي ما يقول، من أكاذيب، ورياء، وأمام الملأ، وينافق القريب والبعيد، ويشوه الحقائق، ويستغل الفضائيات لبث سموم طائفية ومذهبية، ويبيّض الأموال العراقية، بدعوى توزيعها على المحتاجين بوقاحة وانعدام ضمير، إلى ما سواها من مثالب ممجوجة، لعل هذه السلوكات هي معيارهم للشهادة إذا ما تعرض أحدهم للموت، فيضفون عليه صفات التقديس وهو على هذه القيم الرثة؟
شتان بين الزعيم الخالد وهذه المخلوقات النكرة، الضئيلة، الكريهة.

ماذا كان يملك حين قتل مغدورا من مجرمي البعث وقتلته؟ سوى دنانير معدودة في جيبه، وبيت كان يستأجره، ورحل وهو ببدلته العسكرية، تاركا وراءه إرثا وطنيا كبيرا من الانجازات، وفي ظرف سنوات حكمه الأربع والنصف، وقيما، من الصعب على الأجلاف الوصول اليها، وحسنات كان يسميها واجبا وطنيا، بطموح لا حدود له، لنقل العراق إلى مصاف الدول المتقدمة، لكن يد الغدر والخسة، أنهت حياته الحافلة بالعطاء والأمل لكل العراقيين، حتى لأؤلئك الذين وقّعوا بالأمس على عدم اعتباره شهيدا...

إنها الطامة الكبرى بعينها أن يتعدى الأقزام الخطوط العراقية الحمراء، لينتقلوا من ملف أسود إلى ملف أكثر قتامة، كيف تسنى لهم إتحاذ مثل هذا القرار الكارثي؟ الا يعلمون بأنهم داسوا على الحرمات العراقية؟ ووجهوا لطمة موجعة وخسيسة لكل العراقيين، باعتبار الزعيم الوطني، ميتا أو هالكا، وذويهم من الشهداء، ليتسنى لهم النهب والسرقات بسن قوانين تخدمهم هم دون غيرهم، وعائلة الزعيم الخالد هي الأحق والأولى برد الاعتبار واعادة كامل حقوقهم مع تقديم تعظيم سلام لابنهم البار والقائد التاريخي، وطوبى لهكذا عائلة أنجبت مثل هذا البطل العراقي الشجاع.

تبا لكل من وقّع، وساهم، وبارك، وصمت باتخاذ مثل هذا القرار الصبياني.
إن الزعيم عبد الكريم قاسم أكبر، وأسمى، وأعلى، وأنقى، وأكثر شهامة ووطنية واخلاصا وشجاعة من كل هؤلاء الصغار والجهلة.

المجد والخلود لشهيد العراق وقامته الشامخة، الزعيم البطل عبد الكريم قاسم، ولكل شهداء الحركة الوطنية الميامين، والخزي والعار لكل جاحد وعاق وناكر للجميل.

واليوم الذي سيكون فيه الحساب قاسيا وعسيرا ليس بالبعيد

 

* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter