| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

الخميس 18/2/ 2010



لو كنت سنيا لألجمت أفواه المتقولين!!

جواد وادي

تنتابني قشعريرة وأنا أزمع الكتابة عن هذا الموضوع بما يحمله من توصيف لا يليق بنا ذكره ولكن لأسباب لا مناص من مخاطبة القارئ الكريم بها تجعلنا نتحمل مرارة التوظيف: أولها أنا رجل علماني ولا علاقة لي بالدين كمنهج حياتي إلا كونه عندي مادة للبحث الفكري لاهتمامي بالمعتقدات القديمة والتوحيد والأديان وأساطير الشعوب الغابرة، وثانيها أنني وجدت في الموضوع عتبة مناسبة للدخول إلى صلبه وحيثياته ذلك إنني اضطررت للكتابة عنه لأنه يشكل هما حقيقيا وركنا أساسيا من أركان الدولة العراقية منذ تأسيسها عندما أرادت الأحزاب الدينية والمروجين لها أن تكون سمة الوضع الحالي بكل سيئاته الطائفية والتحاصصية والكارثية بنتائجها التي إذا ما واصل المروجون للحكم الثيوقراطي سندخل نفقا خطيرا لا يرتضيه كل من يمتلك ذرة وفاء للعراق وتاريخه إن لم نكن فعلا قد دخلنا طريق الصد ما رد هذا إن لم نعالج هذه الهفوة الخطيرة بأقصى ما يمكن ومحاربة وتعرية كل المنادين والمخططين والراسمين لهذا الدرب المظلم سيما ونحن مقبلون على استحقاقات انتخابية قد تكون الفرصة الذهبية والمفصل الحقيقي لإعادة التوازن المجتمعي المفقود للعراق والعمل على تأسيس قيم عراقية أصيلة مستمدة من موروث جميع المكونات العراقية دون التركيز على أغلبية وأقلية بل صناديق الاقتراع هي الفيصل في صعود الكفوئين من العراقيين دونما التبجح في الانتماء الديني والطائفي والعرقي والقومي لإذابة كل هذه المكونات في موزائيك عراقي متأصل ومتجذر في الأرض العراقية طولا وعرضا، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا، غورا وعلوا، لسد الطريق بوجه أعداء العراق من عراقيين ليس لهم من العراق إلا رسم الولادة ومن يدعمهم ويساندهم من عرب وأعاجم وبهذا العمل يكون العراقي الأصيل بكل تفاخر يحمل هذا التوصيف للانتقال إلى مرحلة بناء العراق والإنسان على حد سواء وبمسميات تنتمي للوطن وتاريخه وحضارته وترميم شروخه التي لا عد ولا حصر لها والاستشراف على مستقبل يمكننا أن نقول عنه وباطمئنان بالأمل الحقيقي للعراقيين.
لو كنت سنيا لأعدت قراءة المشهد العراقي بتجرد كامل عن التعصب والعاطفة والاندفاع غير المحسومة نتائجه ذلك حسبما يروج له أعداء العراق اليوم كونهم يحركون في نفوس الضعاف وعديمي التجربة والحصانة الفكرية إزاء المزالق الخطيرة والتي تؤدي بصاحبها إلى المحو بعد أن يفقد روح المواطنة ليكون لقمة سائغة بيد المتطرفين والمنحرفين والأشرار من عراقيين وغيرهم ممن يتربص الشر بالعراق ووحدته ومكوناته وسلامة شعبه من بعثيين فارين ومجرمي القاعدة ومليشيات قتل ارعن، وكل هذه الإطراف تجد في تلك الإرادات الهشة سوقا رائجة وفرصا ذهبية لتمرير صيغ الخراب التي تلحق الضرر الفادح بالأرض العراقية ومن يعيش عليها وعلى خيراتها، ليكتشف المغرر بهم بعد فوات الأوان أن من كان يدفعهم للخراب يتحولون إلى ناحرين لهم ولنا في ذلك العديد من التجارب والأمثلة.
وهذا لا يعني أن بقية الطوائف والمكونات العراقية خالية من أدوات الفناء داخلها وخصوصا ما عايشناه منذ سنوات من دمار وقتل وتخريب على يد منحرفين من الشيعة بمسميات عدة، لكننا هنا بصدد الطائفة السنية سياقا تاريخيا من حيث تداولها السلطة من حاكم لآخر من ذات الطائفة على امتداد قرون مرت وباتت لديهم قناعة تكاد تكون عقيدة لا يمكن المساومة عليها بان السلطة من حقهم وحدهم ولا يحق لبقية المكونات مجرد النقاش أو التفكير بأحقية تداولها بطرق سلمية ووفاق اجتماعي دون إراقة قطرة دم واحدة إنما فقهاء الظلام ممن يسميهم العلامة المرحوم علي الوردي فقهاء السلاطين من موظفي دولة الحكام الظالمين والجلادين الذين اكتسبوا الشرعية تعسفا من أئمة الأمة الموتورين والمنافقين هم من زرع وغذى ورعى فكرة الاستحواذ على الحكم من قبل الطائفة السنية وعلى الآخرين الرضوخ لهذا الأمر وكأنه شرع الهي لا يمكن التطاول على الخروج من طوقه الذي قيد الناس وكبلها بهذا الحيف والظلم والتعسف في حرمان الآخرين في قيادة الأمة مما خلق بغضاء وحقد وضغينة لا سبب لها خدمت السلاطين ومنحتهم الحق في إنزال الويل والثبور لكل من يخرج عن طاعتهم.
وألان وقد تغير الوضع وانزاحت على إثره قيم إلغاء الآخر وحلت مكانها قيم حضارية يتطلبها التعايش السلمي داخل المجتمع الواحد وباتت صناديق الاقتراع هي السبيل للحكم العادل بصوت الناخب الواعي بعيدا عن لغة القتل والنحر وتسليط السيوف الظالمة على رقاب الأبرياء وعادت هكذا ممارسات ديمقراطية مصدر عيش رغيد للجميع، بات من اللازم والضروري بل والواجب على الأخوة السنة ممن يعنيهم كلامي هذا بمصداقية ما يفرزه الاقتراع الحر والنزيه ليكون السبيل للسلطة العادلة للجميع ومن اجل الوطن ووحدته ومستقبله وحماية الأجيال القادمة من العراقيين وسد الطريق على كل القتلة والمحرضين ومن شاكلهم.
الجميل في الأمر أن العديد من مفكري الطائفة السنية وأئمتها ومنظريها اخذوا ومنذ تغيير النظام الصدامي الفاشي بالتوجه لهذا الهدف النبيل وشرعوا بتوجيه الناس وغرس قيم المواطنة انطلاقا من مبدأ التعايش بين كل الطوائف وهذا لعمري انتماء حقيقي للدين والوطن، بقي القلق الرئيسي من اؤلئك الذين نوجه لهم تحديدا الخطاب العقلاني بالابتعاد عن المؤثرات الداخلية والخارجية من الخطابات ذات الأهداف المغرضة للدفع بهم ليكونوا وقودا لمحرقة يكونون هم المستفيدون منها وعندها فليذهب المغفلون إلى الجحيم.
فلينأى ممن نعنيهم بأنفسهم حفاظا على كل ذرة تراب عراقية تغذوا من خيراتها وكل قطرة ماء من دجلة والفرات انتشوا بارتشافها وباتت من مكونات أجسادهم وعقولهم دون أن يتجهوا صوب العقوق لهذا العراق العظيم وتلك هي خيانة ما بعدها خيانة للدين والوطن والناس. وهنا إذا ما عادوا لرشدهم سيلقمون الأفواه الرثة حجرا ليصمتوا والى الأبد ويستعيدوا بهاءهم العراقي الأصيل.
وقد اعذر من انذر


 

 

free web counter