| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

السبت 13/4/ 2013                                                                                

 

هنيئا للقتلة بمكرمة الحكومة

جواد وادي

لا ننوي في هذه المقالة أن ننحو منحى تحليليا، ونحن في حيص بيص لما يحدث من فوازير في السياسة العراقية، إنما نورد حالات تثبت وبالقرائن الدامغة أن المد البعثي قادم وبقوة الطوفان العاتي، بعد أن بدأ بتأسيس موطئ قدم له في السلطة الجديدة، بكل مفاصلها العسكرية والأمنية والسياسية والتعليمية والدبلوماسية والثقافية والإعلامية وغيرها، وبطرق خبيثة، قد لا تكون غائبة عن ضحاياه بالأمس القريب، ممن عانوا الأمرّين وتعرضوا لشتى صنوف القمع الوحشي، وغالبية الضحايا هم على سدة الحكم اليوم من المنتمين للأحزاب الدينية، أيام كانوا مدرجين في لائحة التصفيات والملاحقات، لكن العناية السماوية وحظهم من الإفلات من ماكنة البطش البعثي، حال دون وصول يد النظام لهم، هؤلاء ممن كانوا من طرائد البعث الصدامي المجرم، هل باتوا في (دار غفلون) على كلام اخوتنا المغاربة، أم أنهم تحولوا إلى متواطئين مع فلول البعث الصدامي، حفاضا على الكرسي والامتيازات، انطلاقا من مبدأ التحالف مع الشيطان من أجل الإمساك بالسلطة، أفضل من مشاكسته، حتى وإن تطلب ذلك منهم، أن يمسحوا من أدمغتهم (وبالأستيكة) المصرية، ما عانوه من هول ورعب، وأداروا ظهورهم للمغيبين، ليمدوا أياديهم وبشفافية ويتعاونوا مع جلاديهم، وبكل محبة، مستعينين بشكل لا يقبل (طرّة وكتبة)، بقوى البطش البعثية المنتشرة في كل مفاصل الدولة، وليذهب ماضيهم وتأريخهم الى السجلات القديمة، وترك آلاف المغدورين من رفاقهم ومن كافة الشرائح العراقية إلى رحمة ربهم. فماذا يعني عندهم الوطن المنخور من شماله لجنوبه إذن؟ ولماذا الاستمرار في مقارعة أذناب البعث؟ والصمود بوجه المد الأصفر؟ وضحايا البعث؟ وإجتثات القتلة؟ وتطبيق الدستور؟ بعد أن تم وبشكل مضحك، الالتفاف على اجتثاث هذا الورم الخبيث من الجسد العراقي، الذي ما اندملت جراحه بعد، ولا سبيل لنسيانه، وخفافيش البعث ما زالت تعشعش في أسرّة العراقيين. وترك الاجابات عن هذه الأسئلة للمغامرين والبعيدين عن نعيم السلطة.

لماذا يغامر ساسة العراق بمستقبل الناس والوطن؟ وهم يعلمون أن البعثيين قوة طاردة لا يمكن الوثوق بها والاطمئنان لها، حتى وإن أغلظت الأيمان وأحرقت، وعلنا كل صحائفها الرثة؟ فقط ليستمروا على سدة الحكم؟ ونسيان الأهوال التي سببها الفاشست الصداميين؟

كنا ننتظر بعد إزاحة الكابوس الصدامي البغيض، أن يكون البديل من أؤلئك الذين شُردوا وعذبوا وعانوا ما عانوا، حتى يأتي البناء على أسس قويمة، وأن يتم فعلا التخلص من زمن الظلم، بممارساته المرعبة، وبأزلامه وأدواته وأساليبه القمعية في القتل والإقصاء وتغييب الآخر، وعدم الاعتراف بأية شرعية لتولي السلطة من دونهم، غير شرعية الحكم البعثي، وكأنه إرث تأريخي وشرعي، أورثته السماء لعفلق وإيتامه القتلة، لا يمكن التقرب منه أو حتى التفكير فيه، وها هم وبعد الزلزال الذي طال الناس والدولة وتأريخ بلد بإرث عريق، والخراب الذي زحف لكل شبر من تراب العراق الذبيح وما زال. هل راجعوا وبعقلية المتزن ما سببوه من كوارث؟ وهل أعترفوا بأخطائهم؟ وهل طلبوا الصفح من كل من تضرر من مغامراتهم الصبيانية؟

أبدا... أبدا...
ولا يوجد هذا الأمر في قاموسهم، بل يسعون وبكل ما أتيح لهم من سبل شيطانية وبآليات الأبالسة وهم جهابذة في ذلك، استرداد عرشهم الضائع، واستعادة المجد المنهار، وإعادة الكرّة، تلو الأخرى، للشروع بدورة دماء جديدة، وكأن ما سُفك من دماء، ما أشبعت نزوعهم المرضي في الإبادة ومسلسل القتل الأهوج، لأنهم وبكل بساطة، جبلوا على أن يكونوا مصاصي دماء لا نضير لهم، حتى فاقوا ذلك المسمى دراكيولا، والذي يعتبر تلميذ صغير في هذه المؤسسة القمعية المخيفة.

تسلل البعثيون في غفلة جديدة من الوقت بعد سقوط عهدهم الأول، إلى سدة القرار بكل تشعباته، بسبب المحاصصة سيئة الذكر، والتي حولت العراق إلى بقرة حلوب، الكل يتقاتل من أجل شفط ما تدر من خيرات. لتأتي الشعرة التي ستقصم ظهر العراق من جديد، بالقرار الأخير القاتل بإنصاف فدائيي صدام القتلة واعادة حقوقهم، وأية حقوق؟ وأياديهم ما تزال تنضح من دم الضحايا لما ارتكبوه من مجازر مخيفة تقشعّر لها الأوصال.

الله... الله...
يا حكومتنا الرشيدة، هكذا يكون الانصاف وإلا فلا... انصاف من؟ ضد من؟
فمن يفك هذا الاشتباك... ضاع الخيط والعصفور علينا.
أما كفاهم أن يكون البعثيون نواب رئيس جمهورية، ونواب رئيس وزراء، ونواب برلمانيين، وموظفين سامين في كل مرافق الدولة، من ساسة ودبلوماسيين وأصحاب قرار هام في إدارة الدولة، والكارثة والأدهى أن أزلام صدام من ضباط بمراتب مختلفة في الجيش وأجهزة الشرطة والأمن، هم في غالبيتهم من يتسيّد سلطة القرار الأمني وكذا رجال المخابرات من تلامذة اللعينين برزان ووطبان وأمثالهما، هم من يتحكم ب(أمن البلد) الآن، طبعا ما كان بوارد الحال أن يتسلم البعثيون سلطة القرار الأمني ليحققوا وبنجاح باهر هذا الاختراق لولا هشاشة الوضع السياسي، ناهيكم عن نظام المحاصصة الذي أتى برجالات تنتمي للأحزاب الدينية وألبسوهم الخاكي وجعلوا منهم ضباطا كبارا ومراتب مختلفة، وهم لا يتعدون في أحسن الحالات أن يكونوا من حاملي الشهادة الابتدائية، إن لم تكن حتى هذه الشهادات مزورة، وهذا سهّل المهمة لفلول البعث لأن تدلوا بدلوها في التحكم بأمن البلاد والعباد، بوجهين قد يكون لهما ثالث، هما الإمساك بقبضة الأمن أولا، وتمرير الأجندات البعثية المخطط لها بإتقان، ومن ثم يأتي الوجه الآخر وهو الهدف الأبعد لخلق إرباك دائم في النظام الأمني، بصدد الهجمة النهائية لإعادة المجد البعثي المنهار. ثم وهنا تكمن المصيبة، تتوج بإنصاف الجيش العرمرم من فدائيي صدام الموغل بالسادية وكان بالآلاف، أين أختفى هؤلاء بعد سقوط الصنم؟ إن لم يجدوا لهم دهاليز حشروا أنفسهم داخل عنكبوت السلطة الجديدة، بانتظار يوم الحشر لتلبية النداء البعثي للثورة المضادة، بعد إن تحالفوا مع أراذل القاعدة.

وهلهولة للبعث المخادع
أرى أن هذا اليوم الموعود ليس بالبعيد

ما يمر يوم إلا ونكتشف أن ما ذهبنا إليه هو الذي يشكل المشهد الأمني في العراق، فمن تشكيل ميليشيات إرهابية تحت إمرة قيادات تصول وتجول في السلطة ذات ماض بعثي، إلى حدوث اختراقات أمنية تعترف بها الحكومة نفسها، تسهل مهمة القيام بأعمال إرهابية وتهريب سجناء خطرين، وتسهيل إرهاب القاعدة، ووجود مافيات تعمل لخدمة الإرهابيين، وهم في سلطة القرار، ومد الإرهابيين بما يحتاجون من دعم مالي وسلاح، وفتح ممرات للقتلة لتنفيذ جرائمهم، وسواها من فنتازيا، لا نعرف كيف تبدأ ومتى ستنتهي، والأدهى والأغرب والأكثر سريالية، أن كل الخيوط معروفة ومكشوفة من حيث: من يخطط، ومن يسهل، ومن ينفذ، ومن يدعم، ومن يتباهى بذلك، وسفك الدماء متواصل، والقتل والتصفيات بكواتم الصوت على عينك يا تاجر، ولا من سبيل لمعرفة ما يجري للمواطن المغلوب على أمره زي حالاتنا....

حالة أخرى من فنتازيا الوضع في العراق، تلك التي بدأت تهلل لها بعض أجهزة الإعلام العراقي، ومتنفذي السلطة، بإعلان العفو وإسقاط التهم عن مجرم وإرهابي وفاسد وسارق أموال العراق ومحرض على قتل العراقيين وهو المالك لفضائية ساهمت بقتل آلاف الأبرياء، وقد يكرّم هذا السفاح بتعيينه بأعلى سلطة للقرار في عراقنا الديمقراطي. وكل شيء بات ممكن التحقق في عهدنا المبارك.

فهنيئا لكل القتلة بهذه الرعاية الأبوية من حكومتنا المصونة.
واستعدوا أيها العراقيون لمسلسل النحر من جديد، لأنني أرى بريق السيوف البعثية تلوح في الأفق القريب جدا جدا.



* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter