| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

الأربعاء 12/9/ 2012                                                                                

 

إذا كان الأمن بهذه الهشاشة
فلمن كل هذه الأموال؟

جواد وادي *

إبتلع العراقيون كعادتهم في كل موجة إبادة،عمليات النحر بالأمس لذويهم وأحبتهم ومواطنيهم المغدورين، برغم الأنباء التي تتحدث عن أن ربع ميزانية العراق تصرف للرواتب ، اسمحوا لي، فأنا لا أفقه شيئا في الحسابات، حين يتعلق الأمر بالمليارات من الدولارات، إذ أن قشعريرة تنتابني وأنا أذكر هذه الأرقام الفلكية، إذا كان كل هذا الغلاف المالي الهائل يصرف على أجهزة الأمن يا ترى؟ فآين هو الأمن يا صاح؟

صديقي الضليع في أمور الحسبة والحاسبات قال لي إن ما يصرف على رواتب أجهزة الأمن من أدناها إلى أقصاها بامكانها أن توظف جيشا عرمرما يستطيع أن يقطع الطرقات فقط برصف الأجساد المصطفة وقوفا وليس إنبطاحا، فما بالك بما تحتكم عليه من تجهيزات، لا تعد ولا تحصى تجعل من المستحيل على النملة إختراق كل هذه الأجساد، بشرا كانوا أم عربات، همرا ومصفحات ودبابات وما شابه......!!، تظل الحيرة قائمة ويبقى الجواب على الأسئلة ضربا من الأماني الكسيرة...

إطلعت البارحة على بيانات المحروس حزب البعث التي تدين بشدة التفجيرات الأخيرة والتي أودت بحياة المئات من العراقيين الأبرياء حينما أختار القتلة أماكن عامة وأسواق ومناطق فقيرة لا تحتكم حتى على الماء شبه الصالح للشرب، مثل منطقة المعامل المنكوبة، ناهيك عن مناطق أخرى لا تقل نكبة عن المعامل كمدينة الشعلة والثورة(الصدر) لتشمل الأستهدافات مناطق منسية قلما تذكر لا في الإعلام ولا في البرلمان وكأنها تقع في كوكب آخر، كمدينة علي الشرقي وغيرها من مدن العراق الذبيح، مضافا لبيانات هيئة علماء المسلمين والتي هي بدورها تدين ما حدث، ولعل هناك أطراف أخرى معادية للوضع الجديد وترفع السلاح بوجه الحكومة ومكوناتها أدانت العمليات الإجرامية، ثم وهنا تكمن الحيرة الأكبر أن إعلاميي الأجهزة الأمنية ما انفكوا يؤكدون محاصرة تنظيمات القاعدة وتحجيم أنشطتها، ترى من قتل هؤلاء الأبرياء ومن أعد وفخخ وهيأ ونفذ كل هذا العدد من السيارات والعبوات والعجلات بإختيار أمكنة لا تصلها القطط السائبة ولا الكلاب الضالة، لكونها تحت مراقبة أجهزة الأمن بكل مكوناتها ومعداتها وتحضيراتها وعيونها الساهرة، وقبل هذا وذاك إمتلاكها لأجهزة الكشف والرصد الأستخباراتي وسولارات لا يختلف إثنان من العراقيين إنها فاسدة وغير فاعلة علما أنني شخصيا سألت أحد من يحمل هذه الأجهزة الخربانة حين كنت في بغداد مؤخرا، عن مدى فاعليتها أدار وجهه ضاحكا ليتركني وحيرتي ، لتتفاقم تلك الدهشة ونحن نقف على أنهار الدم وهي تغطي أسفلت شوارع الخراب العراقي.

في دول العالم المتحضر وكما يعلم ساسة العراق قبل غيرهم أن حدثا إجراميا مهما كان حجمه، من شأنه أن يعلن النفير العام في كل مفاصل الدولة، حكومة وبرلمانا ومنظمات واعلاما حرا، لا مزورا مثلما في بلادي من إعلام مدفوع الأجر لصمته المريب ومشوّه وعلى لسان بعض المشكوك في نزاهتهم من ضليعي الإعلام الموّجه من محللين وخبراء وهم ليسوا سوى مزوري حقائق ينتمون لأحزاب السلطة.

مثل هكذا أحداث دموية تقود للمحاسبة والاستقالات وربما لإنتحارات المسؤولين الأمنيين في تلك الدول التي تحترم شعوبها وتحرص على سلامتهم، أما في عراقنا فلا نسمع ولا نشاهد ولا نقرأ غير بيانات الإحتجاج والأسف وما أن يمر يوم أو عشرة حتى يتم نسيان كل شئ بإنتظار دورة جديدة من العنف والموت والخراب.

أنه لأمر مهوول هذا الذي يحدث في العراق حتى أننا بتنا نخجل مما يقع من إنفلات لا يحدث حتى في دول معروفة بحروبها وعنفها اليومي،

إن تفاصيل الوضع السياسي السريالي الصادم وما يخبئ من مفاجأت ومواجهات وتبادل التهم وتخوين البعض للبعض الآخر بين الكتل والأحزاب والمكونات فهي أمر معتاد ولا يدعو للقلق، لأن العراق يبقى بخير في نظرهم، دون أن يرف لهم جفن آدمي لمئات المنحورين الأبرياء هم وأطفالهم وأراملهم، ناهيكم عن أفواج المعطوبين جراء مسلسل العنف الذي لا نجد له نهاية في القريب المنظور ولعله سيستمر إلى ما شاء الله وحقيقة الحال تثبت وبالأدلة القاطعة إن ما يحدث من دمار سببه التطاحنات الخرقاء بين مكونات الطيف السياسي العراقي والتي وصلت حد تطبيق مبدأ البعث المقبور (إما أنا ولا أحد سواي)......(لو ألعب لو أخرب الملعب)...
(والبكة بعيون النشامى المسؤولين)...
فلتكبر كروشهم أكثر وتزداد أرصدتهم الفلكية أكثر وأكثر وليطمئنوا على مستقبلهم خارج العراق في حالة وقوع زلزال مدمر يجرف الجميع دون المساس بهم ودونهم والطوفان بعد أن وصل بهم الأمر إلى هذا الإستخفاف الخطير بالدم العراقي. ولكن هيهات أن يتسنى لهم ما يريدون إن بلغ المد الشعبي مديات لا يمكن تجاوز الغضب المشروع.

فأين إذن دور الشعب العراقي في إيقاف هذا الخراب قبل أن يغرق الجميع والسفينة تبحر بهم إلى حيث المجهول وصولا إلى الفناء ولا من حراك.........



* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter