| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جواد وادي

Jawady49@hotmail.com

 

 

الخميس 10/1/ 2013                                                                                

 

ها هي الفأس تطال لرأس

جواد وادي

لا أظن أن العراقيين بشتى مشاربهم المذهبية والقومية والدينية لا يدركون مخاطر التوجه الطائفي المخيف، المقيت، الهادر للدم دونما سبب عقلاني يدعوا القائمين على هذا الملف وتغذيته بشتى صنوف الخبث اللعين والأحقاد المبيتة، لا لتوجيه الأنظار صوب تصحيح العملية السياسية التلفانة برمتها، بل بغرض إستغلال الهياج الجماهيري للعب على الوتر الطائفي لتدخل من مساربه وثقوبه; أجندات خبيثة يخطط لها البعث الفاشي وقتلة القاعدة، متمثلين بما يسمى دولة العراق الإسلامية، وكل من تضرر من التغيير الذي كان سينقل العراق خطوات متقدمة في بناء الوطن المدمر والانسان المحبط،، بعد أن تمكن العراقيون من إستعادة حريتهم التي صادرها النظام الصدامي الفاشي، لولا ذلك الخبل الذي بات من سمات السياسيين لتأزيم الوضع أكثر مما هو مأزوم...

هذا ما نبهنا له وكتبنا عشرات المقالات، رفقة كتاب وطنيين حريصين على بقاء اللحمة الوطنية دون تفتت سيطال الجميع للدخول في دوامة الصراعات التي لا منتصر فيها، وسيخسر الكل دون إستثناء، لتبدأ مرحلة عذابات جديدة وكأن الناس اعتادو مازوشية غريبة في الحياة وعذاباتها.

سبق وأن حذرنا مرارا من تدارك الخلل في التسيير واصلاح الإعوجاج الواضح في جميع المجالات، وقلنا أن في مقدمة الإجراءآت التي ينبغي التنبه لها ومعالجتها بحكمة، هو ملف الخدمات، وإعادة اصلاح البنية التحتية الخربة، وفي كل مجالات حياة المواطن المغلوب على أمره، من خدمات كهرباء وماء وتعبيد شوارع وإيجاد حلول للعاطلين، بتشجيع المقاولات الصغرى، وحل مشكلة السكن المتفاقمة، وإنصاف المتضررين من كل الشرائح العراقية دونما تمييز مناطقي أو مذهبي، وإبداء اللين في تطبيق القوانين، واحترام حقوق الإنسان، وغيرها من المشاكل التي تلامس حياة المواطن بكل تفاصيلها. والأهم من كل هذا، ملف محاربة الفساد، ومحاسبة الفاسدين مهما بلغت مراتبهم في السلطة، لأن هذا الشرور هو الآفة الحقيقية للخراب، وإعتماد الشفافية في تسيير ومراقبة الملف الاقتصادي، والضرب بيد من فولاذ على كل المتلاعبين والفاسدين وناهبي المال العام، لأنه من غير المعقول أن المواطن الذي يعيش شظف العيش مثلما كافة الناس المتعففين وكل المحتاجين، يراقبون هدر أموالهم تذهب لجيوب اللصوص ولا من رادع أو إجراء يحد من هذا التلاعب الخطير بمقدرات البلد ويرهن الناس تحت طائلة الفقر والحاجة، وهذا الهدر المخيف للمال العام على أيدي من يفترض أنهم هم الحريصون في الحفاظ على المال العام، لنكتشف أنهم هم اللصوص والحرامية وتشكيل مافيات من الحوت الكبير في السرقات للثراء الفاحش. ليصدق عليهم المثل، (حاميها حراميها). قطع الله أياديهم جميعا.

يا من تريدون من المواطن أن يساهم في استتباب الأمن، كيف يتسنى له أن يفعل ذلك وأطفاله يتضورون جوعا ومستقبله وعائلته يضيع في متاهات لا أمل في إيجاد من يخفف عنه إكراهات الحياة المتفاقمة.

ناهيكم عن الملف الأمني الخطير، وغياب الآليات الموضوعية لإيجاد الحلول له.

وتفاقم الوضع السياسي، والتجاذب المستمر بين كل الكتل التي تقود البلاد إلى الهاوية، فلا سيادة للمركز، ولا إحترام للإقليم، والشد والجذب على أشده، وقد بلغ السيل الزبى، حين يهدد مسؤولو بعض المناطق بالتمرد والعصيان وعدم تطبيق القوانين الواجب تنفيذها حفاظا على وحدة النسيج الوطني، حتى بلغ الأمر مديات خطيرة من العصيان وإدارة الظهر لحكومة المركز حتى من المقربين لسلطة القرار.

كل هذه المخاطر المحدقة والتي كانت تلوح في الأفق، لم يألوها المسؤولون أدنى اهتمام وتقدير مدى خطورتها. وها نحن وصلنا إلى حيث لا نصيب للترقيعات التي قد تقوم بها الحكومة لتدارك الإنزلاق الخطير الذي نحن ذاهبين إليه، وهو كالطوفان الذي سيجرف الجميع وقت لا يمكن تلافيه، إذا ما اشتدت وطأته وبلغ الذروة.

فهل هذه مواصفات الدولة القوية بهيبتها وسلطتها التي ينبغي أن يحترمها الجميع؟!

ما يحدث في الأنبار ليس وليد اللحظة، ولا هو بسبب قضية العيساوي، ومن قبله الهاشمي، أو كل القتلة والإرهابيين الذين هم في السلطة، ومن قصورهم المطوقة بقوى أمنية لا حصر لها. حيث غزتنا الدهشة والحيرة ونحن نكتشف ولأول مرة، أن العيساوي لوحده يحرسه 200 عنصر أمن مدفوعو الأجر…!، فكم هم عدد الحراس لكل مسؤولي العراق؟ وكم تبلغ ميزانية رواتبهم؟ وتلك الأجهزة هي جزء من قوى البلد الأمنية، يقودون مسلسل القتل الهمجي، ولا غبار على توجيه أصابع الاتهام ضدهم، يشكلون شبكة من مليشيات قتل للأبرياء، هدفها تدمير العملية السياسية وتخريب البلد، وهم جزء هام منها وفيها، هنا تكمن الكارثة واللغز المحير. فمن يتكرم علينا بالجواب الشافي؟!

إن ما يحدث في المنطقة الغربية هو بسبب تجمع كل هذه السلبيات، وطيلة عقد التغيير، دون أن تنتبه الحكومات المتعاقبة لمخاطر التجاوزات المرافقة لفترة بسط مسووليتها على كل مرافق الدولة العراقية، أرضا وشعبا، وتركت الحبل على الغارب دون معالجات جدية لمشاكل المواطن المغلوب، حيث كان العراق يعيش حالة من الهدوء النسبي، وبعد أن برد فتيل القنبلة الموقوتة، والتي كان على السياسي المحترف والفطن التنبه لها، وتوقع إمكانية تفجرها في أية لحظة، وتفاقمت حالات البؤس والفقر والحرمان، في الوقت الذي كان على المسؤولين الحريصين على وحدة البلد، نزع فتيل الإنفلاتات ومنع تفاقمها، وإستغلال هذه الفترة الماسية، لإيجاد الحلول لمعظم المشاكل، ولا نقول جميعها، خصوصا تلك التي قد تكون هي الشعلة التي تقترب من فتيل القنبلة للحيلولة دون تفجرها، ولكنهم لم يكلفوا أنفسهم العمل على تصحيح الأخطاء وحدث ما حدث. واليوم وصلت الفوضى والسلوكات المنفلتة مديات قصوى، فمن يوقفها؟

لعلني أجد المسؤولين بذات العناد والعنجهية، والأمور في طريقها للتصعيد يوما بعد آخر، وهم من يسعّر لهيب المواجهات وتعاظم الإحتقان الجماهيري، ولا من مؤشر يغير إتجاه بوصلة المد الشعبي المتعاظم. ولعله يمتد على كامل الأرض العراقية، إن لم يبادر الجميع لتهدئته.

إن البعث المنهار بأزلامه المندحرين، ومجرمي القاعدة يتحينون الفرص للإمساك بهذه اللحظات الذهبية لهم، لتأجيج المشاعر، واستثمار هذا الغضب الجماهيري، للسعي لخلق البلبلة، على أمل حدوث شرخ كبير في العملية السياسية، وتفاقم الإحتراب بين جميع الفصائل، وبالتالي تتهيأ الفرصة للإنقضاض على العملية برمتها. لحظتها سنغني جميعا ومعا: (لا حضت برجيلها ولا خذت سيد علي). (والبكة براس الجماعة الناهبة)

أجدني أسمع القهقات من لدن المسؤولين لهذه التحذيرات، وهنا تكمن المصيبة، حين يبلغ الأمر بالمسؤولين حد بناء أسيجة من الإسمنت على كل مجساتهم وتعطيلها، وهذا لعمري منتهى التخلف السياسي.

نلاحظ من الحراك الجماهيري في المنطقة الغربية، أن جل العراقيين المتضررين يباركون هذا التوجه، إذا كان سلميا وبطرق قانونية ودون تكريس للطائفية المقيتة، وهكذا نجد تأييدا كبيرا من مناطق جنوبية وشمالية وفي الوسط، تريد مثل هذا الحراك بعد أن بلغ بالناس اليأس حدود اللامعقول. لتنظيف البلد من السراق، لكننا نؤاخذ على المشاركين في هذا الحماس الذي لا نتمنى أن ينفلت، وجود مظاهر تخيف الناس، وتتوجس من بعض المشاركين، منها رفع رايات صدام حسين القديمة، وسماع بعض الشعارات التي تمجد الحكم المنهار، والتي تصب في مستنقع الطائفية، ورفع صور وهتافات تجعل المراهن على هذا الحراك يتوجس خيفة استثماره لصالح المقيتين من أزلام الحكم الصدامي. وتبتعد بوصلته عن التوجه الوطني وحسب، ومما يعزز هذه التحذيرات الحراك البعثي الصدامي بقيادة الأجرب الدوري لتجييره للرصيد البعثي المنهار، وبالتالي ينحرف مسار المطاليب السلمية المشروعة.

ألم نقل لكم أن تنتبهوا لمثل هذه المفاجئآت أيها السياسيون؟ لكنكم سددتم آذانكم بالطين والعجين، وألتهيتم بالنهب والسرقات، وليذهب كل العراقيين للمحرقة، ولكن تمهلوا قليلا يوم لا تنفعكم، لا الأموال التي نهبتموها وحولتموها لحساباتكم في الخارج، ويوم لا ينفع الندم، وستجرون والله جرا، إلي حيث كلمة القضاء العادل. ساعتها تلاقون ذات المصير الذي طال الإرهابيين، لأنكم ببساطة لا تختلفون عنهم وتلتقون في ذات التصنيف والفعل.

هم يقتلون الأبرياء بشكل مباشر وبدم بارد، وأنتم تقتلون الناس بشكل غير مباشر من خلال سرقة قوتهم وتركهم عرضة للهلاك،وبدم أبرد.

فلا فرق بينكم وبين القتلة الإرهابيين، لأنكم جميعا تسعون للخراب والتدمير.

ونقول لهؤلاء المنتفضين حذار من اللعب بالنار والعزف على وتر الطائفية المقيت، لأنكم ستخسرون كل شئ حتى الوطن الذي هو ملاذكم الوحيد…..

اللهم إنّا بلغنا فأشهد


* شاعر ومترجم وكاتب عراقي مقيم في المغرب




 

 

free web counter