| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جميل روفائيل

 

 

 

 

الثلاثاء 1 / 5 / 2007

 

 

يومـان مع سركيس أغاجـان والحقيقة

 

جميــل روفـائيــل

عـندما عـدت مـن العراق في تشـرين الثـاني الماضـي ، كتبـت مواضـيع في الصحـف والمواقـع بخصـوص الوضـع الـذي وقـفت على حقيقـته في شـمال العراق ، واتصـل بـي العـديد مـن الأصـدقاء طالبيـن عقـد لقـاء معـي مـن خـلال البالتـالك ، ولبـيت طلبـهم ، وأشـرت إلى إنجـازات مهمـة في بنـاء قـرى شـعبنا المدمـرة ، منـها التي زرتـها : بيرسـفي وفيشـخابور وديره بـون وديـانا ، وإعـادة أهلـها إليـها الذيـن وجدتـهم يعبـرون عـن إمتـنانهم للسـيد سـركيس أغـاجان مـن خـلال إشـرافه على الهيئـة التي تـتولى هـذه الإنجـازات المهمـة بروعـتها لشـعبنا في مرحلتـه المصـيرية الراهنـة .

وعـقـّب صـديق من بيـن الموجوديـن في لقـاء البالتـالك قائـلا : أكيـد أنـك تأثـرت بالسـيد سركيـس أثنـاء لقائـك معـه ؟ فأجبـته : لـم ألتـق مع السيد سركيس ولـم أراه وجهـا لوجـه حتى هـذه اللحظـة ، رؤيتـي لـه هـي فقـط مـن خـلال صـوره المنشـورة ، كمـا يـراه غيـري من النـاس ؟
فـردّ الصديـق : كيـف يمكـن أن تكـون 45 يومـا في شـمال العراق ولـم تلـتق السـيد سركيـس ؟ أجبتـه : ثـق لـم ألتـق بـه إطلاقـا ، على رغم أنـني قصـدت أربيل مرتيـن ، وأقمـت نـدوة في " جمعيـة الثـقافة الكلدانية في عـنكاوا " وقضـيت أيـاما عـدة في عنكـاوا ، التـقيت خلالهـا رؤسـاء ومسـؤولين قـياديين في أحـزاب شـعبنا ، إضافـة إلى نـواب في البـرلمانيـين الفيديرالي العراقي والإقليمي الكردستاني وشـخصيات قوميـة وثـقافية واجتماعيـة لشـعبنا ، ولـو شـئت لربمـا تمكـنت مـن اللقـاء بـه ، وذلـك إعتـمادا على عملـي الصحافـي في " جريدة الحيـاة " والشـخصيات القريبـة منـه التي إلتـقيتها ، ولكـن لـم أجـد ضـرورة للقائـه لمجـرد اللقـاء مـن دون حاجـة ماسـة لذلـك ، والأخـذ مـن وقتـه الـذي ينبغـي مراعـاتـه لمهماتـه الكثيـرة كوزيـر ماليـة في إقليـم كردسـتان ، والإشـراف أيضـا على شـؤون تخـص المسـيحيين .

وقـال الصـديق بنـوع مـن العصـبية : كيـف يمكـن أن أصـدق بـأن جميـل روفائيـل لـم يلتـق سركيس أغـاجان خـلال وجـوده في أربيـل ؟ فأجبتـه : لـك يـا أخي الحريـة والخيـار ، بـأن تصـدق أو لاتصـدق ، ولكنـني ثـق أقـول لـك الحقيقـة .

ومـرت الأيـام ، حتـى كـان آذار الماضـي ، ومشـاركتي في المؤتمـر ( الكلداني السرياني الآشوري ) في عـنكاوا ، وفـي قـاعة حديـاب حيث عـقـد المؤتمـر ، صـادف جلوسـي في الصـف الأول الـذي كـان يجلـس فيـه السـيد سـركيس ، وكنـت قريبـا منـه ، حيـث لـم يفصـلني عـنه سـوى الأخـوة بهنـام البـازي وبنيـامين حـداد وجـلال يلدكـو ، وعـندما ألقـيت مداخلـتي في الجلسـة الأولـى ( المسـائية ) المخصـصة لمحـور ( توحيـد خطابنـا القومـي قضـية مصـيرية ) لاحظـت أن السـيد سـركيس يصغـي إلـيّ بـانتـباه كبيـر ، ومـع إنتـهائها وجـدته يصـفق لـي بحـرارة ، وتـقديرا لموقـفه هـذا أثنـاء إلقـاء كلمتـي ، توجهـت أولا نحـوه وصـافحتـه وتحـدثت معـه نحـو 15 ثانيـة قلـت فيـها : أنـا الصحـافي . . . ، فـردّ : أعـرفك جيـدا مـن كتاباتـك الصحافيـة ومواقـفك القوميـة ، فشـكرته ، وثـم عـدت إلـى مقـعدي الذي يبعـد عنـه نحـو متـرين .

ولـم أتحـدث ثانيـة مـع السـيد سـركيس أغـاجان ، كمـا لـم ألتـقط معـه أي صـورة ـ باسـتثـناء الصور المـأخوذة خـلال أعمـال المؤتمر والتي أظهـر في العـديد منـها بقـربه في الصـف الأمـامي الأول للحضـور ـ على رغـم أن عشـرات المشـاركين في المؤتمـر التـقطوا صـورا معـه خلال فتـرات الإسـتراحة بيـن الجلسـات ومـن دون أي صعـوبة ، وكـان في مقـدوري أن أنضـم متى أشـاء إلى الذيـن يقـفون معـه مـن أجـل الصـور ، ولـم أفعـل ذلـك لأنـني لـم أجـد حاجـة ، كـرأي شـخصـي لاغيـر ، لأكـون ضمـن صـور جماعيـة معـه مـن هـذا النـوع . . ولكنـني خـلال يومـي المؤتمـر كنـت أتابعـه بنهـج الصحافـي الذي يقيـّم الأمـور مـن وسـائل الملاحظـة العـامة .

واظـب السـيد سركيس أغـاجان على حضـور كـل جلسـات المؤتمـر ، وكـان يأتـي إلى القاعـة قبـل بدء الجلسـة بوقـت مناسـب ولا يغـادر إلاّ بعـد إنتـهائها ، ولـم يتـدخل بحسـب مـا رأيـت أو سمعـت إطلاقـا بـأي أمـر يخـص المؤتمـر وسـير أعمالـه ، ولاحظتـه يتابـع كـل مـايجـري في المؤتمـر كمشـارك مسـتمع لاغيـر ، وكـان منسـجما مـع المشـاركين بصـورة طبيعـية لـم أجـد فيـها أي تصـنع أو تكلـف .

لكنـه ، بعـدما أنهـى المؤتمر كـل عملـه وتهيـأ المشـاركون فيـه لمغـادرة القاعـة ، طلـب منـه عـدد مـن الحاضـرين إلقـاء كلمـة ، فاسـتجاب وألقـى كلمـة باللغـة السـريانية ، مسـتخدمـا اللهجـة العـادية المتـداولة في مناطـق شـقلاوة وديانـا ، وهـي لهجـة شـخصيا افتـهمتها بصـورة جيـدة ، لكـن اللافـت ، كمـا لاحظـت ، أن الكلمـة لـم تصـوّر تلفزيونيا أو تسـجل ، على رغـم أن كاميـرات التلفـزيونات سجلـت الجلسـة الختاميـة كاملـة ، لكنـها توقفـت عنـدما توجـه لإلقـاء كلمتـه ، وربمـا كـان ذلـك بطلـب منـه ومـن دون أن أعـرف شـخصيا السـبب ، كمـا أنـني لـم أستـفسـر ، لأنـني أعتـبرت الأمـر من شـؤونه الشـخصية .

وبكلمـة حـق ، أقـول : شـخصيا وجـدت كلمتـه قوميـة ( كلدانية سريانية آشورية ) بأفضـل مـا يكـون ، فقـد تطـرق فيـها ـ كمـا لاأزال أتذكـر ـ إلى ضرورة أن يلتـزم الإنسـان ( الكلداني السرياني الآشوري ) ـ ومـن دون أن يضـيف كلمـة سـورايـا التـي وردت فـي البـيان الختـامي للمؤتمـر ـ بمصلحـة أمتـه ويعتـز بكـل مـا يتـعلق بـها ويضعـها في المجـال الأول لقـناعاته ، لايضحـي بمصالحهـا سـواء من أجـل التـقـرب للآخـرين أو إكتسـاب المنصـب أو الأمـور الذاتيـة . . وأكـد على أهميـة وحـدة شـعبنا القوميـة وحصولـه على حقوقـه كاملة وترسـيخ مستـقبله في أرض آبـائه وأجـداده ، واعتـبر العمـل في هـذا المجـال هـو الوسـام الأسـمى لكـل فـرد من شـعبنا . . وشـدد على وجـوب أن يتمسـك كـل فـرد من شـعبنا بقوميـته ، وأن لايضحـي بـها ويقـوم بتـغيـيرها إلى قوميـة أخـرى من أجـل تحقيق غـايات شخصـية .

وخـارج أروقـة مؤتمـر عـنكاوا ، رأيـت بعيـني وسـمعت بـأذني انجـازات السيد سركيس أغـاجان في إعـادة اعمـار قـرى شـعبنا التي دمـرها النظـام البعثـي العنصـري وتوفيـر متطلبـات الحيـاة العصرية فيهـا مـن كنائس وقـاعات ومولـدات كهـرباء وشـوارع معبـدة ـ و بكـل تـأكيـد أن متطلبـات المصـاريف ليسـت من جيبـه وإنمـا مـن جهـات دوليـة مانحـة ، يتـردد في أوسـاط شـعبنا في الداخل ، أنـها منظمـات مسـيحية حـددت الإطـار العـام للصـرف وأوكلت الأمـر إلى السيد سركيس لمكانـته في حكومـة اقليـم كردستان وعـدم إنتمائـه إلى جهـة سـياسية لشـعبنا ، وهـذا أدونـه بنـاء على ماسـمعته شعبيـا وليس رسـميا ، وقـد سـمعـت أيضـا مـن مصـادر موثوقـة أن أحـزابـا آشـورية وكلدانيـة اتـفـقت على تـولي المهمـة بلجنـة مشـتركـة بيـنها وفاتحـت الجهـات المانحـة التـي رفضـت هـذه اللجنـة مؤكـدة اسـتمرار ثـقـتها بالسـيد سـركيس ـ وكـذلك إعـادة أراضيها الزراعية وبسـاتينها إلى أهلـها الأصليـين مـن شـعبنا واخـراج الذين استوطنـوها من خلال السـعي لدى حكومة اقـليم كردسـتان باعطائـهم التـعـويضات وحـل مشـاكلهم بـإعادتهم هـم أيضا إلى قـراهم الأصليـة . . ولكـن طبعـا أن حـل مشـاكل المسـتوطنين من غيـر شـعبنا لاتـزال في بعض القـرى مـن دون إنجـاز كامـل ، إلاّ أن الكـل يؤكـد أنـها تجـري بشـكل جيـد نحـو الحـل النـهائي .

و كمـا لاحظـت خـلال جـولاتـي فـإن ترتيـبات عـودة أبنـاء شـعبنا وحـدها لاتكفـي ، خصـوصا أن عـدد العـائلات هـو الآن أضـعاف مـا كـانت عليـه هـذه القـرى بالأصـل ، فمثـلا فيشـخابور كـان فيـها 73 عائلـة عـندما دمـرها البعـثيون عـام 1975 ، في حين أن عـدد العـائلات التي عـادت إليـها زاد عـن 200 عائلـة والعـدد في زيـادة متـواصلة ، ولأن سـكان هـذه القـرى كـانوا قبـل ترحيلـهم يعـتمدون فـي توفيـر متطلبـات حياتـهم على الزراعـة بدرجـة رئيسـية ، وأن الأراضـي هـي نفسـها فـي حيـن أن عـدد السـكان وحـاجاتهم تـزايـدت أضـعاف مـا كـانت عليـه سـابقـا ، فمـن المحـال عـلى محصـول هـذه الأراضـي بوضـعه السـابق تـلبيـة حـاجات العـدد المضـاعف مـن العـائدين إليـها مـا يتـطلب إيجـاد مجـالات عمـل أخـرى إلـى جـانب الزراعـة لضـمان إستـقرار العـائديـن فيـها ، وهـذا لـن يتـوافر إلاّ مـن خـلال إيجـاد مشـاريع انتـاجية توفـر العمـل والعيش والإستـقرار الدائـم في هـذه القـرى .

ومـن هـذه المشـاريع ، على سـبيل المـثال لا الحصـر : معـامل عصـير الطماطـة والفـواكـه والطحيـنية ( الراشـي ) وزيـت الزيتـون ، وفتـح آبـار ارتـوازيـة مجـانيـة في أراضـي مـن يرغـب بانشـاء مـزارع وحقـول دواجـن وتربيـة الخـراف والعجـول والنحـل ، وأيضـا معامـل للخيـاطة والجلـود وأحـواض تـربية الأسـماك ، ومشـاريع سـياحية خصـوصا فـي الأماكـن التـي توجـد فيـها أديـرة وكنائـس أثـرية وبقـايا تـأريخية مهمـة .

وهـذا لايعـني الطلـب مـن السـيد سـركيس بتـنفيذ كـل هـذه المشـاريع ، لأنـه محـال ، ولابـدّ مـن تعـاون مـن يمـلك إمكانـات ، سـواء مـن الموجـودين داخـل العـراق أو المغـتربين ، بتشـغيل أمـوالهم في مشـاريع انـتاجيـة فـي قـرى وبلـدات شـعبنا المختـلفة ، وقـد رأيـت بـادرة مهمـة فـي هـذا المجـال فـي ألقـوش حيـث تـم حفـر عـدد مـن الآبـار الإرتـوازيـة والبـدء بـإقـامة مشـاريع مـن خلالـها بيـنها زراعـة المئـات مـن شـتلات أشـجار الزيـتون ، وسـمعـت مـن أخـوة ينتـمون إلـى ألقـوش وتللسـقف ومناطـق العمـادية وغيـرها الذيـن حضـروا مؤتمـر عـنكاوا أنـهم بصـدد إقـامة مشـاريع فـي مناطقـهم ، وآمـل أن يفـوا بمـا أكـدوا لـي أنـهم سـيقومـون بـه .

الحقيـقة ، أنـه لاحظـت أعمـالا إنشـائية تخـص مبـاني لجهـات دينـية في ألقـوش وبلـدات وقـرى أخـرى في سـهل نيـنوى ولـم أتـناولـها ، لأنـني لـم أسـتطع معـرفة الجهـة التـي تـنـفـذها ، وقـد أتطـرق إليـها مستـقبلا ، إذا وجـدت أهميـة لذلـك .