| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم المطير

 

 

 

السبت 3/11/ 2007



شاعر الشعب مظفر النواب

جاسم المطير

قرأت في 1 – 11 – 2007 خبرا عن زيارة مجيدة قام بها اثنان ( الدكتور علي العقابي وسمير الساعدي ) من أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي لدار مظفر النواب شاعر الشعب العراقي في دمشق .

قد يكون لهذه الزيارة معنى واحدا هو تفقد صحة مظفر النواب والاطمئنان عليها ، وربما تم أثناء اللقاء استعراض أخبار الوطن ، لكن الزيارة من جوانب أخرى عديدة تقدم معان متعددة .

فلم تعد المعاني مقيدة بما أشار إليها الخبر المنشور في صحافة الحزب الشيوعي العراقي بل يمكنني القول أن المعاني الأساسية لهذه الزيارة تسبح في تيار رئيسي كان يحيط بالحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه وهو تيار العلاقة الوطيدة بين الثقافة والحزب ، بين الفنون والحزب ، وبالتالي بين المثقفين جميعا والحزب .

تطورت هذه العلاقة منتقلة من ثنايا أحداث الماضي لمعاصرة 73 عاما من عمر الحزب كان فيها المثقف العراقي التقدمي والمثقف الشيوعي والحزب الشيوعي يقفون صفا واحدا لمواجهة التطورات السياسية الناتجة عن ضراعات متشعبة في مختلف الجوانب المتعلقة بحياة ومستقبل الشعب العراقي .

كان مظفر النواب الشاعر الأكثر جدلا في الحياة السياسية العراقية خلال ما يقرب من نصف قرن مضى.. كان شعره الشعبي مبعثا لتربية ثورية ومنطلقا للحس الجمالي في الأدب والفن متجاوزا في كل ذلك مصاعب النضال و مصاعب حياة الغربة ، وما ألقى بلوم على آخرين في أي يوم من أيام حياته .

كانت قصيدة الريل وحمد ظاهرة لغوية موسيقية ذات قدرة نافذة إلى قلوب العراقيين المحبين .
كانت وتريات ليلية لغة التواصل مع روح النضال .
كانت ثقافة مظفر النواب تجسد سعة معرفة ذات تأثير في المستقبل العراقي .

في نضاله اليومي السري في المدن العراقية والأرياف والاهوار اوجد الصلة العضوية والنظام الصوتي المتبادل بين المثقف والإنسان الكادح ، الشغيل المياوم والفلاح ، وقد ظلت هذه العلاقة حتى اليوم أداة للتواصل الاجتماعي والثقافي والسياسي بين جمهرة المثقفين وكيان الحزب الشيوعي العراقي الواسع الانتشار.

في السجون التي القي في ظلامها مظفر النواب كان لسانا شعبيا صارخا ، وفي الغربة ظل كلام مظفر النواب منطوقا ومكتوبا ومسموعا ومقروءا يحمل رموز النضال العراقي وإشاراته ودلالاته ، وكل ذلك وفر وسائل إنتاج لتواصل العلاقة بين صوت الشاعر وقلوب الجماهير ، وبين الحزب الشيوعي والجماهير .

ظل مظفر النواب بليغا في كلامه،
رساما في شعره ،
عالميا في إنسانيته ،
شجاعا في علاقته بين فنه الشعري وحياته النضالية ،
مقدما نموذجا متحررا واضحا من العلاقة الديالكتيكية بين اللغة الشعبية والنضال من اجل مصلحة الشعب فاستحق عن جدارة تامة لقبا ساميا هو شاعر الشعب لان الشعر لم يكن في حياته مجرد تسلية ، لم يكن مجرد فن عابر ، بل كان خطابا من خطابات القوة في البحث عن مستقبل أفضل.. كان الشعر في حياة مظفر النواب قضية أزلية عبر من خلالها ، في مراحل سياسية مختلفة ومتعاقبة ، عن مشكلات وأوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية من صميم حياة الشعب .

عرفته منذ زمان طويل ، عن قرب وعن بعد ، انه رجل من نوع الرجال الذين يحملون أفكارا يصرون على إيصالها إلى الناس بواسطة بيت شعري أو في قصيدة .

إن زيارة القائدين الشيوعيين الدكتور علي العقابي وسمير الساعدي هي نوع من صياغة علاقة متينة بين الخطاب السياسي والخطاب الثقافي كما أنها شكل من أشكال الحالة النضالية المطلوبة في الواقع السياسي الراهن للعراق المعاصر ، إذ تأتي من أواصر علاقة الحزب الشيوعي مع المثقفين الديمقراطيين العراقيين ، داخل الوطن وخارجه ، مقدمة نتائج ذات قدرة وبلاغة معبرة عن مفاهيم تجيش في صدور العراقيين لتتحول ، بكل تأكيد ، إلى شعارات وعبارات تلقي بظلالها على الواقع العراقي كله .

بهذه المناسبة أقدم لمظفر النواب تحية .

والى ممثلي ْ الحزب الشيوعي أقول ، لقد حملتْ زيارتكما الكريمة رسالة كبيرة و كلاما بالغا وبليغا كما ينبغي ، إذ قالت لجميع المثقفين العراقيين : أن في قلب الحزب الشيوعي مكانا رحبا وحبا عظيما لجميع المبدعين .. ففي هذا المكان يجري اتحاد كبير بين تيارين : تيار يضم من يستطيع أن يفعل أشياء فنية عظيمة وتيار آخر يضم من يستطيع أن يقود أشياء وتغييرات عظيمة...



بصرة لاهاي 2 – 11 – 2007


 


 

Counters