| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم المطير

 

 

 

الأربعاء 20/2/ 2008

 

مسامير جاسم المطير 1429

الممنوعات قضية عصية على التفسير دائما ..
حتى بالنسبة للتنورة غير القصيرة..!

جاسم المطير

مع شروق كل شمس ، في هذه الأيام ، يبدأ بين الاندنوسيين جدل واسع ، في الشوارع وفي داخل المباني الحكومية والمدارس والجامعات وفي البيوت أيضا ، حول قانون جديد تريد بعض الأحزاب الرئيسية الإسلامية بضمتها حزب الرئيس (سوسيليو يوديون) فرضه على المجتمع حسب نظرية بعض معديه المتشددين والمطالبين بتنفيذه : من يقتنع يقتنع ومن لا يقتنع فبالسيف يقتنع ..!
القانون الجديد ليس اقتصاديا وليس سياسيا لكنه أثار موجتين متعارضتين من الجدل بين الاندنوسيين :
هناك من يعارضه بشدة ،
وهناك من يؤيده بقوة .
وأي متابع لهذا الجدل من خارج اندنوسيا لا يجد موقفا وسطا . وأمامي ، الآن ، بضع قصاصات من مقالات في صحف اندنوسية تجعلني أتخيل مدى الخلاف الشعبي والبرلماني حول هذا لقانون الذي اسمه قانون (مكافحة الإباحية) وقد نص مشروع القانون على ما يلي :
(!) ممنوع تقبيل النساء في الشوارع والأماكن العامة .. حتى بين الزوجين ..!
(!) ممنوع على جميع النساء في كل الأعمار ارتداء التنورات القصيرة وغير القصيرة.
(!) ممنوع استخدام " إيماءات " خاصة بين الشبان مثل الإشارة باليدين (باي باي !) أو الإشارة باليدين (Hi ..Hi) .
(!) ممنوع ارتداء السراويل القصيرة (الشورت وغيرها) من قبل الرجال والنساء وفي أي مكان كان ...!
وقد نص مشروع القانون على أن من يخالفه يعني أنه من " نشطاء الإباحية " وهي ممارسة ممنوعة تؤدي بصاحبها إلى تطبيق عقوبة السجن وفقا لهذا القانون ،وتصل العقوبة إلى السجن 12 سنة .
ويبدو واضحا مما نشرته الصحافة الاندنوسية أن الرئيس (سوسيلو) هو من أكثر المستاءين من رؤية الشابات الاندنوسيات يقلدن الفتيات الأوربيات بارتداء القمصان القصيرة التي تكشف عن جزء من بطونهن ..‍! وقد أشار خبر صحفي اندنوسي أن الرئيس سوسيلو كان قد أصدر بنفسه أمراً مباشرا بطرد مطربة غير اندنوسية كانت تؤدي بعض الأغنيات أثناء احتفال في قصر حكومي ثم أمر بترحيلها .
ملايين من الشباب الاندنوسي يعرفون من هي المطربة (أينول) تماما كما كان الإيرانيون يحبون المطرية كوكوش ، في عصر شاه إيران ، قبل الثورة الإسلامية والتي يحتفظ ملايين من الإيرانيين بكاسيتات أغانيها حتى الآن ، وكما هو حال الشباب العربي حيث تجزيهم بالسرور والحبور رؤية المطربة هيفاء وهبي على خشبة المسارح والنوادي في اغلب البلدان العربية وهي تنتزع المحبة من صدور المشاهدين والتصفيق الحار من أياديهم .
كانت المطربة أينول هي أول ضحية لهذا القانون لأنها ترتدي ملابس قصيرة وتغني ، ولأنها تتمايل وهي تغني ، ولأنها تدور بالمسرح وتلتوي حتى صار أسمها (الحفار) بين الشباب الاندنوسي ، بينما اللجنة الإسلامية البرلمانية لحزب الرئيس اعتبرت هذا النوع من الغناء بمثابة " الانحراف الجنسي " ‍..! ولذلك ينبغي مكافحته بحزم وحسم . ومن بدون ذلك ، كما يعتقد البرلمانيون ، فأن الحكومة ستفقد سيطرتها على الشعب وأن القيم الاندنوسية كلها ستنقرض .
ترى من هي المطربة أينول التي أحدثت ، وما تزال ، عواصف الجدل القانوني والجدل الأخلاقي وحتى الجدل الجنسي في أنحاء الدولة الاندنوسية ..؟
يقول احد النقاد الفنيين في الصحافة أنها ليست سوى مطربة تؤدي غناء مقبولا ومرغوبا من قبل الشباب .. تؤدي نوعا مشهورا في اندنوسيا من أنواع الأغاني الهندية المعروفة وقد استطاعت بسرعة أن تحصل على ملايين المعجبين ، كما أن الملايين ينتظرون مشاهدتها وهي على شاشات التلفاز تماما مثل غيرها من المطربات الاندنوسيات . ويشير هذا الناقد أن مظاهر وحركة أداء (أينول) لها بعض الجذور التقليدية أيضا في الثقافة الإندونيسية؛ فمثلا الزي التقليدي للمرأة الجاوية " الكباية " عبارة عن سترة شفافة شريطية وهي سترة لا تحجب بطن المرأة من الظهور . إلا أنه منذ سقوط الدكتاتور الإندونيسي السابق "سوهارتو" بدأت الاتجاهات الإسلامية المحافظة تتحكم في أمور البلاد وفي أخلاق وسلوكيات الناس حتى وصلت الأحكام إلى ملابسهم .
من جهة أخرى يرى المعارضون لهذا القانون ، من الرجال والنساء ، أن هذا القانون ليس سوى محاولة بائسة من قبل " الإسلاميين المحافظين " و" الإسلاميين المتشددين " لفرض الشريعة الإسلامية في كافة أشكالها خطوة خطوة .. لذلك شهدت الشوارع والجامعات الاندنوسية الكثير من المظاهرات و قامت النساء المسلمات العصريات والطالبات وفنانات المسرح والسينما والتلفزيون والفنانات التشكيليات بتقديم احتجاجات رسمية جماعية ضد القانون المسمى " المكافح للإباحية " .
من الناحية الدينية والسياسية أثار مشروع القانون الجديد عدم ارتياح السكان في مناطق جزر بالي وسولاويس وبابوا وسومطرة ، كما أعرب الناس عن شعورهم بعدم الارتياح أيضاً في المناطق التي تقطنها أغلبية غير مسلمة؛ حيث ينتاب الناس خوف حقيقي من أن يشكل ذلك القانون خطورة على حرية الأديان التي يكفلها الدستور الإندونيسي.
يخشى الهندوس في بالي من أن يتم حظر الصور المثيرة التي تتعلق بمعتقداتهم فيما بعد، فيما يعرف أن النساء العجائز خاصة في بالي وجزيرة بابوا في أقصى الشرق ، يتجولن وأجزاء أجسامهن العلوية عارية ، وهو الشيء الذي يحظره مشروع القانون الجديد بشدة.
بعد الاعتراضات الكثيرة التي خرجت تدين مشروع القانون، يبدو أن اللجنة البرلمانية بصدد إدخال تعديلات على القانون المقترح، كما سيتم تخفيف العقوبات المدرجة فيه.
من يدري ربما تتفاعل الإحداث في الشارع الاندنوسي لتؤدي إلى مواقف سياسية متغيرة في البرلمان والحكومة ، إذ تم الإعلان مؤخرا أن الحكومة الاندنوسية تعاني نوعين من ضغط الشارع :
الضغط الأول يأتي من أحزاب إسلامية تطالب بتفعيل القانون .
الضغط الثاني يأتي من قوى جماهيرية واسعة بما فيها قوى الإسلام العصري تطالب بإلغاء القانون ..
فأي الضغط سينجح ..؟
الشيء المهم لدى الحكومة ، في الوقت الحالي ، هو تهدئة الشارع وربما يجري تأجيل تنفيذ القانون للعام القادم.

***************
· قيطان الكلام :

حين سأل صحفي اندنوسي رئيس اللجنة البرلمانية المكلفة بإعداد القانون :
ــ هل يحق للمرأة التي تستقبل زوجها بالمطار تقبيل زوجها العائد إلى بلده ..؟
أجاب بشيء من التردد :
ــ نعم يجوز بشرط أن لا تكون الزوجة مرتدية تنورة قصيرة ..!!

*************

بصرة لاهاي في 6 – 2 – 2008


 

Counters

 

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس