| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

الخميس 28/10/ 2010



ويكيليكس الشهيرة .! سقيفة بني بايدن , ووثائق

د. جاسم محمد الحافظ 

معلوم ُ أن النظام الرأسمالي بقيادة الولآيات المتحدة الأمريكية قد بلغ طوراً لايستقيم معه تبادل العلاقات العفوية والأرتجالية بين نظمه التحتية – ألا ما أقتضته قوانين التطور الرأسمالي - الى تلك الدرجة التي فيها تتسرب الى الأعلام وثائق بمثل تلك الخطورة والأهمية وتشير الى أسماءٍ بعينها , دون أن يكون وراؤها هدفاً أستراتيجياً يؤمن المصالح الحيوية العليا للرأسمال العالمي , ولذا سيكون من العبث تجاهل دروس التأريخ التي تُعلِمَنا بأنه مامن متعاونٍ مع الدوائر الأمريكية , ومهما تكن درجة ودافع تعاونه ألا وفَتَحَت له ملفاً تُأرشف فيه كل واردةٍ وشاردةٍ تعرفها عنه , لتستحضرها دون ترددٍ متى تناقضت نشاطاته مع مصالحها , فذاك هو الجنرال البنمي أُرتيكا لا زال نزيل سجونها بعد أن كان رجلها القوي في بلاده حتى تمرد , وبنُ لآدن طريدها في جبال ووديان أفغانستان بعد أن كان ذِراعُها الأيمن هناك , وليس بعيداً عن قصور النافذين اليوم في الحكم عُلِقَ صدام حسين في بغداد غير مأسوفٍ عليه وهو يصرخ بوجه القاضي قائلاً : لوما أمريكا... أبوك مايجيبني هنا ..., فالولايآت المتحدة لا تخشى ألسائرين في ركابها , بمثل ما تخشى المناضلين المناوئين بأخلاصٍ لسياساتها المعادية لمصالح الشعوب ,

لذا فأنني أعتقد أن قيادات القوائم الفائزة في الأنتخابات الأخيرة - أتمنى أن لاتكون لهم ملفات في (سي.آي.أيه.) أو غيرها - ستحضر جميعها "سقيفة بني طرطرة " للأجتماع حول طاولتها المستديرة, التي لا شك بأن وثائق ويكيليكس ستلقي بظلالها الثقيلة على المتحلقين حولها وسيكون الشك وعدم اليقين سيد الموقف , وهَمَهم المشترك هو أنهم لا يعرفون بالتحديد من سيكون كبير الطهاة من بينهم , ليطعم الآخرين ما أعده المطبخ الأمريكي وليخبرهم ايهم الامير ومَن منهم سيكون الوزير. أما نحن البؤساء الحالمون بالحرية ورغيف الخبز فلم يعد يهمنا من يكن رابحاً , فمثلما أَبعَدَ صراع الأغنياء ضدَ فقراء قريش علياً - لو عدتَ اليومَ لقتلوك الداعون أليك وسموك شيوعياً * - فأن مشروعنا الديمقراطي قارِبُ الفقراء الى العدالة هو المبعدُ والخاسر الأكبرُ , وذالك للأسباب التالية:

1 – أن غالبية السياسيين الفائزة قوائمهم الأنتخابية الذين سيشاركون في ألأجتماع , تتأرجح رؤاهم السياسية وخلفياتهم الأديولوجية بين قوميةٍ عنصرية أنعزالية أو أسلاموية رجعية , تعشعش في رؤس معتنقيها الأفكار القبلية وأحلام العودة للأقطاعية والأستبداد , وهؤلاء بكل المقاييس لا يجمعهم بالديمقراطية الممهدة لبناء دولة العدالة الأجتماعية أي جامعٍ غير الثراء , وطريق الثراء في مثل بلادنا التي أقتصادها ريعي ومتوقف فيها دوران دواليب ألأنتاج الصناعي والزراعي بهذا الشكل المخيف , لا شك أنه طريق ملئ بالضحايا وغارق بالدماء , وعلى جانبيه يتراكض الخوف والرعب مدججان بالسيوفِ وبالمقدساتِ , وتلف أزقته زفرات غضب الفقراء , الذين يطحن الجوع والجهل والمرض عظامهم ويحيلهم الى ذواتٍ مستَعبَدة تُدَوّرُ حيث تَدورُ مصالح الأغنياء , الذين لا يتورعون عن سلوك أي نهجٍ أو أرتداء أي ثوبٍ يؤمن لهم الوصول الى السلطة والمال العام .

2 – أن السياط التي ألهبت ظهور العراقيين وروائح لحمهم المشوي بالمفخخات وأحزمة حكام المحيط الجيوسياسي ألناسفة - كأستراتيجية لأرغام العراقين على التخلي عن مشروعهم الديمقراطي – جاهزة عبر ممثليهم من العراقيين على الطاولة المستديرة حتماً , وسيكون أفضل الخيارات لا يسير بأتجاه بناء الديمقراطية المنشودة حتماً.

3 – أن الولايات المتحدة الأمريكية الراعية للتغيرات الدراماتيكية في العراق , والحليف الأستراتيجي لأسرائيل والرجعيات العربية لا تجازف بمساعدة العراقيين أو غيرهم من شعوب المنطقة على بناء ديمقراطية حقيقية, قبل أن تنهي الصراع العربي ألأسرائيلي - بتأثير اللوبي الصهيوني النشط – والى ذاك الحين ستُبقي في يد أسرائيل بطاقة كونها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط , كورقة أبتزاز للشعوب الأوربية وغيرها , فظلاً عن رغبتها في التأكد من عدم زعزع عروش دول الاستبداد في المنطقة بفعل تأثير نجاح التجربة الديمقراطية في العراق .

4 – غياب ممثلي التيار الديمقراطي التقدمي , عن الطاولة المستديرة - لعدم فوزهم بالأنتخابات كنتيجة لقانونها , الذي طعنت المحكمة الدستورية العليىا بشرعيته متأخراً - بأعتبارهذا التيار صمام أمان العملية الديمقراطية والمدافع الفعلي عنها , وما تحقق من أنجاز لمنظمات المجتمع المدني في نضالها من اجل أستصدار قرار المحكمة العليا بأنهاء الجلسة المفتوحة للبرلمان يؤكد تلك الحقيقة .

أنني أعتقد أن التيار الديمقراطي العراقي , قَدرهُ اليوم أن يُصعدَ من نضاله المشروع من أجل رفع وعي الجماهير وتشجيعها على الأنخراط في الصراع الجاري في سبيل الديمقراطية , قبل أن تتزعز ثقتها بمستقبل هذا الخيار الذي لا بديل لنا عنه , والذي هو السبيل المضمون لقطع الطريق على عودة الأستبداد بمختلف تجلياته , الى جانب تعزيز التآخي والصداقة بين كافة فصائل شعبنا .



* المناضل الوطني الكبير الشاعر مظفر النواب



 

 

free web counter