| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

الأربعاء 22/9/ 2010



صار تشكيل الحكومة , مثل محنة جارنا الطاعن في السن...!!

د. جاسم محمد الحافظ 

ذات يومٍ كأيام بغداد القائضة هذه , تعالت من مأذنةِ جامع أحدى الأحياء الشعبية في مدينة الثورة أصوات تُشير الى أن شجاراً قد نشب أثناء أداء صلاة الجماعة , فهرع سكان الحي الى هناك , حيث أكتشفوا أن أحد رجالهم الطاعنين في السن ,الذي أعتاد مع بعض من أقرانهِ أن يؤدوا الصلاة خلف أمام المسجد , البَالَغَ هو الآخر من العمرِ عَتيا , وصار لا يقوى على التحكم ببعض نشاطاته البايولوجية , فيتكَرر لديه ما يبطل الوضوء ويمنع جواز الأمامة, حتى دأبَ على أشعار أتباعه بأعادة الصلاة , فيقبلون ذلك مستسلمين وعلى مضض , وذات مرة ما أن همَ الأمامُ ليعلن للمصلين خروج الريح من جوفه بغتةً , حتى وثب عليه صاحبنا المُسن وطرحه أرضاً , وأمسك بلحيته وهو يصرخ بوجههِ ... ولك أضبط نفسك دقيقتين ... اركبنا طاحت من السجود ... وحنه نريدها تخلص بألف يا علي ... وتكول عيدوا صلاتكم .

أنقذ الناس أمام الجامع , وأسعفوا آخرً كان يلتقط أنفاسه بصعوبةٍ ويتمتم .. لا هواي دخلنه الجنة أذا صار العرك بيت الله , وأقتادوا الرجل المهاجم الى اهله الذين أثقلوا عليه بالعتاب , حتى صرخ فيهم قائلاً : ولكم يا جماعة الخير .. احنه ناس شياب .. وعدنه مفاصل .. وبالكوه نكوم ونكعد ... وطول الصلاة حاطين ادينا على كلوبنا , بس انفكر بالمومن لا يطلع منه ريح وتخرب صلاتنه...وتعبنا هذا كله يروح بشيب أبهاتنا .. والمشكلة لا هو يضبط روحه ولا يخلي واحد بمجانه . قدرَ الحاضرون حجم المحنة التي يتعرض لها هؤلاء المسنين , الذين شكلت حكايتهم تلخيصاً لمحنةِ العراقيين المنتظرين لأكثر من ستةِ اشهر لتشكيل الحكومة وأيديهم على قلوبهم توجساً من مخاطر المجهول , فاذا ما صلى المسنين وراء أمام واحد أصدقهم القول وخلى مكانه لآخرٍ, فالناس يصلون اليومَ خلف أكثر من امامٍ , كلٍ متمسك بحقه في الأمامة ويُبطن لهم أكثر مما يُظهر ويعبث بارواحهم ومستقبلهم بكل أسترخاء , حتى أن أحدهم رد بتثاقلٍ على صحفي سأله : أين وصلت حواراتكم مولانا ؟ ومتى تشكلون الحكومة ؟ قائلاً : الحوارات كلها عقيمة ولا طائل من ورائها ,وستشكل الحكومة , يوم يفقد احدنا السيطرة على نفسه ويُخلي مكانه للآخرين , تماماً كما فقد أمام الجامع , السيطرة على نفسه وأخلى مكانه لآخرٍ بعد أن أنفض من حوله المصلين .

وأغلب الظن أنهم سيفقدونَ ضبط النفس معاً , أما بفعل ذواتهم المتعالية أو بفعل فاعل , وحينها ستُزكم الأنوف بروائحِ ما جنوا من السحت الحرام , وسينفض المصلين من حولهم .عاجلاً أم آجلاً.
 

 

free web counter