| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

السبت 21/8/ 2010



العراقيون ضحايا البرجوازية الطفيلية الناشئة في بلادهم..!

د. جاسم محمد الحافظ

بات في حكم المؤكد أن طبقة السياسيين العراقيين الفائزة قوائمهم الأَنتخابية على قاعدة تأجيج المشاعر الطائفية والعرقية ,لا يُقيِمون وزناً لمصالح البلاد ولا يمهدون لوحدة أَبنائه , مثلما يقاتلون بشراسة من أجل مصالحهم الشخصية الضيقة , فقراءة سريعة لورقة تقييم نتائج الأنتخابات البلدية المنصرمة , التي تداولها أعضاء أحدى الحركات الأسلامية النافذة, والتي تشير الى تجيير المالكي لكل نشاطاتهم – الارجح أنهم يقصدون تنظيم الشعائر الدينية - لصالح حزبه وقطف ثمارها في الأنتخابات, ومن ثم التوصية بقلب المعادلة والطاولة عليه , توضح لنا طبيعة هذا الصراع المرير على السلطة والمال , الذي تجري فصوله البائسة كل يوم تماماً كما يجري في ساحات أحزاب الأسلام السياسي الأخرى , وبأعتقادي ان أسباب هذا الصراع تعود الى :-
1- أَن أحزاب هؤلاء ليست مُمَثِلة لطبقاتٍ أَجتماعيةٍ متجانسة المصالح والأهداف وتشكلت بفعل الظروف الموضوعية التي خلقتها حركة تطور علاقات الأَنتاج الأَجتماعي ورسخت لدى أعضائها قيماً نضاليةً نبيلة كقيم التضحية والأَيثار مثلاً , بل أنها منظمات فئوية لجماعات هشة الترابط متناقضة المصالح جمعتها أفكار طوباوية تحمل في أحشائها بذور التفرقة , وتتسم سلوكيات غالبية قياداتها بالأَنتهازية والخداع , وفي أحسن أحوال بعضها , أَنها أحزاب قومية شوفينية متعالية ,مسدودٌ أٌفقها الأَنساني , تفترس وتعشعش في رؤؤس قياداتها ألأفكار ألأقطاعية الرجعية والقبلية البائدة . صَيرت سلوكها العدواني عجرفة البداوةِ وقسوةِ بيئتها القاحلة... تَطوفُ ومناصريها ليلَ نهار حول طواطم عَفَنها زمن الأنترنيت والثورة التكنوليجية الهائلة , وتجاوزتهاالحضارة الأنسانية المعاصرة والمنطلقة في دروب التقدم والعدالة الأجتماعية المنشودة .

2- أن المرجعيات الأديولوجية والأثنية لغالبية قيادات هذه الطبقة السياسية توجد خلف الحدود الوطنية , لذا شكلت ومنذ ثورة 14 تموز الوطنية عام 1958م مصدر توتر سياسي وعرقلة لمساعي أَرساء مقدمات تشكيل الهوية الوطنية القائمة على المصالح المشتركة والمساواة بين سكان البلاد , وغلبت مصالح أَمتداداتها الأقليمية على الأرادة الحرة للعراقيين في بناء وحدتهم الوطنية وتجربتهم السياسية .

3- أَن هؤلاء وبكل المقاييس , طبقة برجوازية طفيلية مسنودة بتحالف اقطاعي - أسلاموي , تعتاش على قوت الشعب - (أطلَقَ البؤساء على أحدى شوارع أحيائهم الجديدة في أحدى المحافظات بشارع الحرامية ) - وتنتعش في ظل الفساد وغياب الرقابة الشعبية , وتتطابق مصالحها مع الرأسمال العالمي ومؤسساته المالية الجشعة المعادية لتطلعات الشعوب الفقيرة في البناء الديمقراطي والحرية والعدالة الأجتماعية .

ولذا لا مناص من الأقرار بأن الشعب العراقي , الذي ينبغي العمل على رفع وعيه السياسي لظمان حشد طاقاته الخلاقة , لأستعادة زمام المبادرة في سبيل أدارة وتسيير العملية السياسية وفق مصالحه الحيوية , هو اللاعب الأساسي في المعادلة العراقية , وأن القوى الديمقراطية الوطنية والقومية التقدمية ستظل هي المحرك الطليعي له , رغم ما أعترى مسيرتها من ضعف نتيجة القمع الوحشي للدكتاتورية البعثية المقبورة , وكذا الصراع الطائفي والعنف الدموي بعد سقوطها , فظلاً عن قصر نظر بعض أطرافها - التي أنظوت تحت قوائم لا تقاسمها الرؤى السياسية ولا المناهج الأقتصادية - الى جانب تزايد النزعة الأنعزالية للتيار الديمقراطي الكردستاني عنها , والذي للاسف لم يدرك حقيقة أن مصالح الشعب الكردي مرهونة بتوطيد العلاقات النضالية مع القوى الديمقراطية في عموم العراق لأنجاز بناء الدولة الديمقراطية وتطوير مؤسساتها , وأكتفى بالأرتماء في أحضان التيارات المعادية للديمقراطية لتحقيق مكاسب آنية , تعكس مستوى الاوهام والسذاجة السياسية في تحليل قوانين وأسس الصراع الأجتماعي , ولذا لابد للتيار الديمقراطي من توسيع جبهته وقيادة الجماهير الغاضبة من تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية وغياب الخدمات . ولعمري أن الظرف ناضج جداً لهذا الدور المشرف .

كما ينبغي الأشارة الى أن المرجعيات الدينية وخاصة المرجعية العليا في النجف الاشرف , التي تحلت بالاعتدال ودعم التغيرات السياسية , مدعوة الى رفع الغطاء الروحي عن هذه المنظمات السياسية , التي تسئ لها ولمكانتها المحلية والدولية , وتتسبب في أراقة دماء الأبرياء وانتشار الفقر والجوع بين صفوفهم عبر تأخير تشكيل الحكومة .

ولعلي أكون مغالياً أن قلت , لو دعمت المرجعية فرصة منح القائمة العراقية - رغم مخاوف الكثيرين من بعض أطرافها المغامرة - تشكيل الحكومة , لاسهمت في ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة ولسجلت لنفسها موقفاً عقلانياً جديداً يحرج كافة الأطراف المشككة بصمتها أزاء هذا الانسداد السياسي , علماً بأن دعوتها للناس أبان الانتخابات الاخيرة بالقول :- "أَن صوتك أغلى من الدنيا وما فيها " أسهم في رفع رصيد هؤلاء المتناحرين على السلطة الآن .

 

 

free web counter