| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

                                                                 السبت 18/5/ 2013



مَن يوقف هذا الجنون الطائفي ويحقن دماء العراقيين.. ؟
 

د. جاسم محمد الحافظ 

لقد تصاعدت وتائر العنف في بلادنا بشكل ممنهج وتبادلت الأدوارفي جعله قدرنا اليومي كل أطراف التشدد والهمجية من القوى المحلية والأقليمية دون رادع أخلاقي, واتسعت خارطة ضحاياه من المدنيين العزل, فطال هذا النهج بوحشية الاطفال والنساء والشيوخ , اؤلائك المستضعفين الذين أضحت دماءهم ورقة ضغط متبادلة في صراعي طائفي وعرقي يخلوا من الفروسية وقيم التنافس السياسي النبيل, دون أن تلوح في الأفق كوة أمل في ايقاف طاحونة الموت المجاني هذه لتعاد الى الشعب ثقته بالدولة , التي ترهلت منذ بدء تشكيلها بديلاً عن دولة الأستبداد البعثي , كما امل الناس بها أن تكون, دولة أنسانية ترسي مقدمات السير في طريق بناء وطن تُحقن فيه الدماء الطاهرة وتُصان فية أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم وتُعز فية كرامة الإنسان وآدميته, لكن مثل ذلك لم يتحقق الى هذه اللحظة للأسباب التالية :-

1 – عدم الإقرار والأعتراف من قبل غالبية الأحزاب والتيارات الحاكمة بأن هناك مشكلة سياسية جدية يجب حلها بعيداً عن مقولتي " ما ننطيها " ومقولة " لن تهنأوا بالسلطة " اللتان لا تؤشران إلا على غياب الكفاءة والحكمة بأدارة الصراع, الى جانب أستشراء مضاهر التعالي والغطرسة من بعض الأطرف في مقابل سيطرة مشاعر الريبة والثأر من الطرف الآخر, وتراجع مشاعر الوحدة الوطنية في مشروع الطرفين .

2 – عدم تحرر غالبية القوى المشاركة في الحكم وبالتحديد المتطرفون منهم من القيود التاريخية القديمة, التي فرضتها نتائج أشتداد العصبيات القبلية بعد وفاة الرسول وتفرغ العرب لبعضهم , وإنتقلت إلينا إرثاً ثقيلاً صِيغَ وفق توازن المصالح والظروف الموضوعية التي احاطت الناس في السنين الخوالي , والتي تختلف بكل تأكيد عن ظروف عصرنا هذا , الذي ليس فيه أمام الشعوب المتحضرة من وقت للألتفات الى الماضي , لذا أحاطوه بجدران المتاحف واخضعوه للدراسة والتحليل العلمي, حتى لا يكون مبعثاً للصراعات .بل لتصبح أوجاعه ومسراته حافزاً لبناء مستقبل أفضل .

3 – إستمراء الولايات المتحدة الأمريكية وبرطانيا للوضع السيء الذي تمر به بلادنا والمنطقة , لضمان تحقيق كامل المصالح الانانية الضيقة لهذه الدول وللكيان الصهيوني بالتأكيد , الذي يتم أعداده لقيادة المنطقة في أطار مشروع الشرق الأوسط الكبير.بعد أن ينجز العرب والمسلمين عملية الإجهاز على بعضهم في اطار أستراتيجية إذكاء الحقد الطائفي والعرقي, المرتبطة أساساً بتدني التطور الإقتصادي والتنمية الإجتماعية وترك بلدانهم اسواقاً مفتوحةً للراسمال العالمي المتوحش.

4 – خيبة الأمل التي أصابت غالبية الأحزاب والتيارات المشاركة في الحكم من نتائج سوء إدارتها للدولة, مجسدةً في نتائج إنتخابات المحافظات , التي مال فيها المزاج الجماهيري العام نحو القوى التقدمية والديمقراطية رغم عدم مشاركة اكثر من 50% من الذين لهم الحق في الإدلاء بأصواتهم. بسبب تفشي الفساد وسوء الخدمات على كل الجبهات بشكل مريع.

5 – نهج الإنعزال القومي لبعض القيادات الكردية وتنكرها للتضامن الكفاحي وقيمه الراقية, التي صاغها شهداء الشعب العراقي بعربهم وأكرادهم وأبناء وبنات القوميات المتآخية الأخرى يوم وضعت الفاشية الجميع تحت نيران الفكر القومي العربي الشوفيني والاستبداد الهمجي , وأجتازوا معاً كل منعطفات ذاك الأمتحان المرير بأدراكهم لوحدة المصير. غير ان الذي يؤسف له, ان إغراءات السلطة والمال اعمت عيون البعض, قبل تحقيق احلام الكادحين من العرب والأكراد كاملة ودون إدراك أن المشوارلازال في بداياته الجنينية , وأن مصالح الشعب الكردي تصان فقط في إطار صيانة مصالح الشعب العراقي كله.

6– التضييق على دور القوى المدنية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والجمعيات الثقافية, وعرقلت نشاطاتها الهادفة الى رفع الوعي العام لضحايا ضعف الدولة في تنفيذ القوانين النافذة .

7 – تسرب العناصر الإنتهازية والمعادية للتغيرات السياسية الجارية في بلادنا الى المراكز الهامة في جهازي الدولة المدني والامني وأنتشار الرشوة بشكل مقزز بين صفوف غالبيتهم .

انني أعتقد جازماً , بأن المخدوعين من اتباع المذهبين سَيُحشَدوا بإستمرار لعرقلة نجاح اي من الطرفين المتنازعين على السلطة والمال, أذا ما مَنَحَت صناديق الإقتراع فرصة الحكم لأحدهما, وستتكرر أحداث الفلوجة أو أسوء منها بكثير على طول البلاد وعرضها , أذا ما أستمرت قوى النهج الطائفي والمحاصصة والإنعزال القومي تتصدر المشهد السياسي, وسيكون ذلك كله على حساب الشعب ان لم يستعيد زمام المبادرة لوقف الجنون الطائفي وإحباط مشروعه الجهنمي جملةً وتفصيلا.
 

 

 

free web counter