| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

الأحد 18/4/ 2010



برلمان الزَحف ..!!

د. جاسم محمد الحافظ

في غَمرةِ أَحتفالات العراقيين أبان ثورة 14 تموز الوطنية 1958م بشر الزعيم عبد الكريم قاسم جميع الراسبين في الأَمتحانات الدراسيةِ بأَلغاء تلك النتيجةِ وأُعتبارهم ناجحين " بالزحف " , ومنذو ذلك الحين دأب العراقيون على التهكم على كل شخصٍ يشغل درجة وظيفية أوموقعاً قيادياَ دون أَستحقاقٍ أو فشلَ في أَختصاصهِ , بنعتهِ " ناجح بالزحف " , ومن المفارقات أن أكثر أعداء الثورة وقتها من اللذين أَستغلوا هذا القرار – العاطفي والمرتجل – كذريعةٍ للمبالغةِ في التهجم على عبد الكريم قاسم ,هم اللذين فازوا الآن بعضوية البرلمان القادم بواسطةِ الزحف .

أَن برلمان الزحف هذا جاء نتيجةً طبيعية لقانون الأَنتخابات الذي سنه برلمان الغفلة – صار أعضائه في غفلةٍ من هذا الزمن الردئ - , رغم ألأعتراض عليه من لدن كل القوى الوطنية المعنية ببناء الديمقراطية وتطويرها في البلاد , وهي العارفة بفراستها المستمدةِ من تجربتها النضالية الطويلة بطبيعة منافسيها وألاعيبهم ( ألله لا يثرد لك ويه مومن) والمدركين بأن صراعهم شبيهاً بذاك الذي دار بين الشيخ علي المتعلم والشيخ دبس الأُمي , للتحكم في شؤون قرية نائية في جنوب العراق , يوم طلب الشيخ دبس تمهيداً لأَبعاد الشيخ علي من القرية ,بأن يكتب كل منهما كلمة حية (أفعى) وسيفصل بينهما رواد المضيف من الفلاحين الأُميين , فرسم الشخ دبس حيةً رشيقةً بلسانها وعينيها وذيلها الطويل , في حين كتب الشيخ علي كلمة حية , فضحك الجهلة من حية الشيخ علي وطالبوه بمغادرة القرية , التي ظن أنه سيكون فقيهها * . في مثل أجواء تلك القرية تشكل برلمان الزحف هذا , والمثير للسخرية أن أحد الزاحفين فقد كياسته وتجهم عندما أَستفسر منه صحفي عن صحة منحه مقعداً تعويضياً وأجابه ممتعضاً , هذا شأن خاص لا يجوز الحديث فيه هنا , ناسياً أنه يعمل في شأنٍ عام يمس حياة ومستقبل الملايين من تعساء الحظ والبائسين , اللذين تتعاقبُ عليهم أشباه الرجال منذ وأدِ ثورة الفقراء , ثورة 14 تموز وأسقاط مشروعها التحرري والتنموي ,

أنني أعتقد أن برلمان الزحف هذا سيخلط الأوراق كلها ويعقد أعادة ترتيبها , لصالح بناء دولة المساواة والعدالة الأجتماعية , وسيكون مصدراً للازمات السياسية والأَقتصادية وستسود في ظله التوترات الأجتماعية والتدخلات الأجنبية , وسيضع التجربة الديمقراطية في مهب الرياح الصفراء القادمة من شرق البلاد أو غربها , أَن لم يكن الشعب معبأً للدفاع عن مصالحه تحت قيادة شعبية جرئة ومتمرسة في الكفاح ضد الاستبداد , وسيكون تشكيل أوسع جبهة ديمقراطية للأحزاب التقدمية والديمقراطية والنقابات المهنية الحرة صمام أمان لصيانة مكاسب شعبنا ورداً صحيحاً على سارقي قوت الشعب والعابثين في مستقبله ,
 

* مجداً للشهيد شمران الياسري , أبو كاطع , سارد تلك الحكاية , يوم كان أشجعنا


 

 

free web counter