| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

الأحد 14/11/ 2010



رأيٌ في مقالةِ ألأستاذ حسين شعبان حول دعوة السعودية للعراقيين ..!!

د. جاسم محمد الحافظ 

سيكون من السذاجة بمكان مصادرة حق الكتاب والمفكرين في أبداء آرائهم وأفكارهم - خاصة أذا ما صدرت من رجلٍ محترمٍ كالاستاذ حسين شعبان - لكنه من الحكمة التعامل معها كمخرجاتٍ ضرورية - جراء العمليات الذهنية - لأشباع حاجات الناس المتنامية للمعرفةِ , لتسهم في تحديد مسارات تفاعل نشاطاتهم أثناء عملية ألأنتاج الأجتماعي للخيرات المادية والقيم الثقافية وما تنطوي عليه من صراعٍ أجتماعي , بغية الوصول الى أهدافهم المرغوبة بأقل التضحيات الممكنة , وما أن تحط هذه الافكار بين أيدي مستهلكيها أثناء عملية التمهيد لتشكيل وعيهم الجمعي أو أعادة أنتاج وعي أرقى , حتى يصبح للمستهلكين الحق الكامل في قول ما يرونه مناسباً من المدح أو القدح لتلك الأفكار وذالك حسب مستوى كفاءتها في أشباع حاجاتهم , وعليه فأن ما ورد من أفكارٍ في مقالتهِ المنشورة في الحوار المتمدن في 9\11\2010 والموسومة بعنوان " المبادرة نداء حقيقي وضع العراقيين امام مسؤلياتهم التأريخية والأنسانية والوطنية " لم تكن برأيي موفقة ولا ترقى الى مستوى المساهمة الجدية , في تحليل طبيعة هذه الدعوة بموضوعية وألتزام وطني, وكانت دون الأمانة العلمية , في وصف الواقع الموضوعي لمزاج المجتمع العراقي ولدرجة تعقيد العملية السياسية في أطار رؤي وأديولوجيات المتصارعين , فضلاً عن تجاهلها لتأكيد جدى فض هذا الأشتباك في أطار البيئة السياسية العراقية فقط ,لتسجل تمريناً وزاداً لمواجهة أطواراً خطيرةً ستتعرض لها عملية البناء الديمقراطي لاحقاً .

وعند تقييم المبادرة بالقول "أهم ما فيها أنها مبادرة صادرة عن خادم الحرمين الشريفيين ..." يحزنني القول بأن الذوات الحرة غير مضطرة لتأليه الذوات المستبدة الجاهلة.

وأن المملكة " تعد ثقلاً عربياً وأقليمياً وعالمياً " هذا كلام صحيح , لكن هذا الثقل , ما مال يوماً لصالح شعوب المنطقة , ألا بمقدار ما يخدم المصالح الضيقة للعائلة المالكة في نجد والحجاز ومصالح أسيادهم الأمبرياليين , لقد لعبت السعودية أقذر الأدوار بقيادتها للرجعية العربية ضد حركة التحرر الوطني العربية , الى جانب معاداتها للأنظمة الثورية في أفريقيا وأمريكا الآتينية والأطاحة ببعض أنظمتها الوطنية وفقاً للوثائق المنشورة أخيراً , هذا فضلاً عن أن النظام السياسي السعودي العام , الذي يتشكل من المؤسسة الملكية ونظمٍ تحتية أخرى , يعد أستبدادياً ومتخلفاً بشكلٍ خطير الى الدرجة التي صحَ معها أتهام هذا النظام التعسفي , بأنه أكبر منتجٍ للمجموعات ألأرهابية المعاصرةِ المهددة لسلامة وأمن شعوباً كثيرة ومنها بلادنا .

أما الأدعاء بوقوف السعودية "على مسافة واحدة من جميع الأطياف العراقية" هو أدعاء باطل وتزلف لا أرضاه لعراقي , خاصة وأن تصريحات وتهديدات كبار المسؤلين السعوديين لبعض الطوائف العراقية , يطعن في مصداقية ونزاهة هذا الأدعاء ومطلقيه . فضلاً عن أن السعودية تميز بين رعاياها طبقياً ومذهبياً بشكل خطير.

أما القول بأن "هذه المبادرة تهدف الى تحقيق مصالح العراق وشعبه" فهو ضربُ من التضليلِ وخداع النفس , حيث ان النتائج المدمرة للحرب التي دعمتها السعودية ضد أيران أيام الطاغية صدام حسين , والتي ما زال شعبنا يرزح تحت أثارها الفضيعة يمكن تخفيفها بأسقاط الديون أن أصدقت القول في حب العراق وشعبه , غير أن أصرارها على تصدير الأرهاب الى الأحياء الشعبية الفقيرة في بغداد وغيرها من المدن العراقية وتأجيج الطائفية , لغرض عرقلة أنجاز مشروع الديمقراطية في بلادنا , يؤكد بأن السعودية أخطر اللاعبين ضد مصالح العراق وشعبه.

أما دعوة المثقفين وغيرهم من شغيلة الفكر لحضور اللقاء " كقوة عراقية ناعمة " فلا أرى جامعاً علمياً فيزيائياً بين مصطلحي القوة والنعومة في مثل ظروف العراق على أقل تقدير حيث المفرقعات تحصد أرواح الأبرياء كل يوم بخشونةٍ , ألا أذا أُريدَ لكلِ مُثَقفٍ أن يقفَ وراء سياسياً محاوراً يدلك له أكتافه بنعومة وحنية , شرطة أن لا يكون من بينهم مثقفاً ثورياً من جماعة لينين , لمخالفة ذلك شروط العولمة ودباباتها الناعمة .

أنني أعتقد أن الأنوات الحرة والعاشقة للحياة الكريمة مسؤولة عن صياغةِ تأريخها الشخصي والحفاظ على بهائه , وأن الأنحياز للفقراء والكادحين والأخلاص لمبادئهم الأنسانية في هذا الزمن الردئ كما القابض على النار. أتمنى أن لا أكون متجنياً في ما ذهبت اليه , لأعتقادي بأن دور المثقف الوطني وقلمه في هذه المرحلة من تأريخ شعبنا , كالسيف الذرب الحد المنحاز للحق ضد الباطل بكل تجلياته . أن كان حامله عاشقاً للحرية ومدركاً أن أشجارها لا تورق ويتفيء المتعبون تحت ظلالها ألا في أجواء الديمقراطية والعدالة الأجتماعية , فينبغي أن لا نجزع لأن مشوار أنجاز الديمقراطية بكل تأكيد مشواراً طويلاً وصعباً .




 

 

free web counter