| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

                                                                 الخميس  10 / 6 / 2014



انه إنقلاب بعثي بأمتياز

د. جاسم محمد الحافظ 

صُدِمَ العراقيون اليوم بتسارع الاحداث الإدراماتيكية في الموصل واندهشوا لغرابتها, إلا بعض من المثقفين والديمقراطيين العراقيين وبالأخص منهم اليساريين,الذين امتلكوا بفعل نضالهم المتواصل وقراءاتهم المعمقة للواقع العراقي وبنيته الطبقية القدرة العالية على فهم قوانين الصراع الاجتماعي, وإستيعاب ما تفرزه تفاعلاتها من مظاهرٍ, ولكونهم شاركوا بفعالية وفروسية في صياغة ما تَحمل الذاكرة الجمعية للعراقين من مآثرٍ وتضحيات كبيرة قدموها لهذ الوطن, ولطالما حذرنا من حدوث ذلك مراراً امام من لا يعرف إلا أن يقذفنا بحجر لهزالة وعيه, وها هو اثيل النجيفي يستفز تلك الذاكرة ويطرق عليها كنسخةً جديدةً لمحمد عبد الوهاب الشواف, ليؤكد للواهمين بان طريق الحق لا يحتمل السير فيه من جُبلَ على الخديعة والتآمر, ويا لحسن الحظ ان يحتكر البعث هذه السجية, ليسهل على الناس معرفة مصادر الفتنة في بلادنا إلا الذين في قلوبهم مرض, فبعد السقوط المدوي للبعث وتسلم احزاب الإسلام السياسي مقاليد الحكم, ولانهم كأي فصيل من فصائل البرجوازية الصغيرة لا ترى ابعد من انوفها , فتحت مقارتها لمن هب ودب ومن بين اكثر الدابين في التاريخ المعاصر لبلاد مابين النهرين صوب السلطة والمال هم كبار البعثيين, فصارت لهم وعاء رحباً وتوزعوا بخطة مدروسة وبتوجيهات حزب العودة - شُكِلَ وريثاً لحزب البعث بعد سقوط الدكتاتورية فوراً – فتنافست عليهم غالبية احزاب وتيارات العملية السياسية, وبالاخص الاسلام السياسي تحت ذريعة مزيفة مفادها, الحاجة لخبراتهم الادارية, وبعد ان توزعوا على اهم مفاصل الدولة واجهزتها المدنية والعسكرية وتغلغلوا في المنظمات الاجتماعية المختلفة, وواصلوا اشاعة الفساد المالي والإداري وكل ما من شأنه تشويه التجربة السياسية الجديدة في انظار المواطنين لصالح الحنين الى الاستبداد البعثي, وبهدوء مفتعل ومسكنة الأذلآء هم الآن في طور انتضار لتكرار ما فعلوه رفاقهم في الموصل, إذ بعد ان سُلمت مدينة الموصل بهذا الشكل الذي تحيطه الشبهات, ووقعت المدينة بكاملها أو بعض اجزائها تحت سيطرت الجناح العسكري لحزب العودة, المشكل اصلاً من عتات المجرمين وشذاذ الافاق من خريجي الحملة الإيمانية (الداعشيين) وفدائيي صدام والحرس الجمهوري , احكمت عناصرهم القابعة بحذرٍ في الادارة المدنية لمؤسسات الدولة السيطرة عليها - وفق تصريحات المتآمر اثيل النجيفي - وانظمت اليهم البرجوازية الطفيلية التي خرجت من عبائة النافدين في الحكم عبر مقاولات وسمسرة اتسمت بالغموض والفساد, ولتجاوز هذا الوضع يجب مراعاة ما يلي :-
1- ان تسعى احزاب الاسلام السياسي الشيعية منها والسنية, الكردية والعربية, الى رفع الغطاء السياسي والدعم عن كل البعثيين الخاضعين لقوانين المسائلة والعدالة واتباعهم في مؤسسات الدولة كواجب شرعي ووطني , بطريقة لا تمس حقوقهم المدنية, سوى عدم السماح لهم بتسنم مناصب مهمة في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية على وجه التحديد, وان اي إلتفاف على هذا الامر هو خيانة لإرادة العراقيين في العيش الآمن والكريم, لان المدرسة البعثية لم تخرج احراراً يمكن الإطمئنان إليهم, بقدر ما كرست القيم والسلوكيات الرديئة كالخنوع والنفاق والشللية والحلقية والتآمر والتسلق كما انهم سدنة فكر اداري متخلف لا يُعتَدَ بمنجزاته الوهمية, إن بقائهم في قيادة الدولة ومواقع إتخاذ القرارات لا يخلق لنا جيل إدارياً جديداً ماهراً ووطنياً نحن بامس الحاجة اليه الآن, ورغم قناعتي بان تشابك مصالح هؤلاء الإنتهازيين مع قيادات الاحزاب الاسلامية وغيرها ستشكل لهم حماية وتمنع المساس بهم وبمصالحهم بسبب الطائفية التي يجب محاربة المروجين لها والمعتمدين على نهجها, لكنني أذكر وقد تنفع الذكرى.

2- على قيادات الاحزاب القومية العربية والمتعاطفين معها, وبالاخص الاستاذ اياد علاوي العمل على بناء حركة قومية تقدمية تضع وراء ظهرها كل ميراث حزب البعث الدموي, والخروج من عالم الاوهام بان شيء منهم يرتجى, خاصة وان الجميع كانوا ضحايا هذا الحزب الفاشي بما فيهم حضرتكم الموقرة.

3- على التقدميين واليساريين تجديد حملات التوعية ضد اعادة تأهيل البعثيين, وتحذير المجتمع من مخاطرمحاولاتهم في إبداء ولاءات مخادعة للعملية السياسية, الى جانب فضح التحالفات المشبوة مع رموز البعث من اي موردٍ جائت, والدعوة الصريحة الى الاعتماد كل الإعتماد في ادارة شؤون البلاد على ضحايا النظام الدكتاتوري من العلماء والمثقفين الديمقراطيين من ابناء الطبقة الوسطى وحلفائهم الطبيعيين, ان مصائر الناس والوطن لا تتحمل المجاملات في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ العراق والمنطقة.

4- على الحركة التحررية للشعب الكردي وبالاخص منها الاحزاب النافذة في الحكم , ان تتحرر من اوهام الإنفصال عن العراق- لاسباب محلية واقليمية ودولية - بتاثير العقلية القبلية والبرجوازية الطفيلة الخارجة من عبائتها, رغم قناعتنا الاكيدة بانه حق اصيل نأيده في ظل الدكتاتورية والإستبداد, ونعترض عليه ونحن قد اجتمعنا على مشروع بناء دولة ديمقراطية يتمتع الاكراد فيها بحق الفدرالية وهو مشروع قيد البناء لحد الآن, أن التلويح بهذا الحق, في كل منعطف من منعطفات التطور السياسي وكأنه سيف مسلط على رقاب شركاؤكم في الوطن وليس حقاً تقر الناس لكم بقدسيته, هو تنازل مجاني عن تأييد شعبي واسع وتضييق لحلقات الصداقة وتفريط مجاني بتاريخ نضالي مشترك. وعليه ينبغي أن تتذكر بعض القيادات الكردية المغامرة والقبلية ان اضعاف الدولة العراقية وعدم العمل على تقوية الاجنحة الديمقراطية فيها, سياسة انانية وقصور نظر سيكون الشعب الكردي من بين ضحيتهما , مع ضرورة الإشارة الى ان كل من يضعف الوحدة الوطنية اليوم ويمس التآخي العربي الكردي يصب جهده في طاحونة المتآمرين البعثيين.

لنوطد معاً تحالف الجيش مع الشعب من اجل دحر التحالف البعثي - الاسلاموي المتطرف, وان الفاشية لم تمر

 

 


 

free web counter