| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

السبت  12/7/ 2008



المجد لعلماء الدين ،الذين ساندوا ثورة 14 تموز الوطنية .!!

د. جاسم محمد الحافظ

لقد شكلت ثورة 14 تموز الوطنية ، مثل غيرها من الثورات العظيمة ، التي أنجزتها الشعوب في مسيرة تأريخ نضالها العنيد في سبيل الخلاص من الإستبداد ، إنعطافة تأريخية في حياة شعبنا ، وموضوعآ لإنقسام سياسي حادآ في ذات الوقت ، بعد أن أضرت بمصالح الرجعية المحلية والإقليمية ، وألحقت بالمصالح الحيوية والأحلاف المشبوة والمخططات الإستراتيجية للرأسمالية العالمية في الشرق الأوسط خسائراً فادحة ، وأنعشت الآمال في قوى حركة التحرر الوطني العربية ، وبعد أن تبين إنحيازها التام لقضايا الفقراء والكادحين في بلادنا ، وشكلت لهم حلماً جميلاً للخلاص من الجهل والفقر والأمية ، ولا أعتقد أن شخصآ عاصر تلك الأيام المشحونة بالعاطفة الثورية لا يتذكر المبادرات الشعبية العفوية لدعم الثورة وتوجهات قيادتها ، حتى صدق الفقراء خيالهم بأن الزعيم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم ، يطل على أكواخهم الرثة بأبتسامته العذبة من سطح القمر ،لا بل أن شائعة سرت بين صفوفهم بعد أكثر من عقد على إستشهاده ، بأن الزعيم قد شوهد متنكرآ يؤدي مراسم زيارة ضريح الإمام موسى الكاظم (ع) ، لم يكن ذلك التأييد والإعجاب وكذا الوفاء الخالص لهذه الثورة الفتية قد أتى من فراغ ، بل لأن الثورة قد أنجزت الإستقلال الوطني ، ووّطدت الوحدة الشعبية والأخاء القومي وأنصفت الفقراء ، وسعت لحل مشاكلهم المزمنة وأرست مقدمات بناء حياة حرة وكريمة للمواطنين ، وأصدرت قوانين الإصلاح الزراعي ، وقانون النفط رقم 80 ، مما دفع كل القوى المتضرره من نهجها التقدمي أن تصطف معاً في حلف مقدس للتشويش على الثورة ومناصريها ومن ثم إجهاضها ، ولأسباب عدم وضوح الرؤى إنساقت بعض القوى السياسية ومنها أحزاب الإسلام السياسي لكلا المذهبين وراء الدعوات المناهضة للثورة وجماهيرها وشجعت أتباعها في مناطق نفوذها وبعض تجار سوق الشورجة بجمع التبرعات سراً لصالح العمل على إسقاط الثورة ، كما أستدرجت وللأسف المرجعية لوضع ثقلها الروحي ضد الثورة ، وصدقت الإدعاءات الباطلة والمفبركة ضدها ، كفرية تمزيق القرآن الكريم ، وغير ذلك ، مما أدى الى إصدار فتوى في الأيام الأولى للإنقلاب البعثي الدموي في شباط /مارس/ من عام 1963 تجيز إلحاق الأذى بالشيوعيين وهدر كرامتهم – لا أتذكر النص – مما شكل غطاءاً شرعياً للحاكم العسكري حينذاك رشيد مصلح – أعدمه رفاقه البعثيين بتهمة التجسس لبريطانيه أوائل السبعينات – لإصدار قانون 13 سيئ الصيت ، الذي أجاز للحرس القومي قتل الشيوعيين في الشوارع ، مما أحدث ردود فعل دولية غاضبة وإضطراباً واسعاً بين المواطنيين العراقيين ، ومنهم بعض علماء الدين المتنورين ، كالشيخ عبد الحسن الساعدي ، الذي صادف وجوده في مسجد في الرحمانية ، لحظة كان يأم الناس فيه أخيه الشيخ صالح الساعدي ذو الميول القومية ، وما أن بلغ الناس بعد الصلاة بمضمون فتوى المرجعية ، حتى نهض العالم الجليل الشيخ عبد الحسن معترضاً على ذلك ، وحذر من مخاطر الفتنة ، قائلاً لا تخلو عائلة عراقية اليوم من تنوع السياسيين في صفوفها ، فبلغ هذا الأمر علم المرجعية ، التي أمرت بحرمان الشيخ عبد الحسن من إمامة جامع حسين أبو الروح الكائن في منطقة الشورجة ببغداد ، ومنعته من إستحصال مستحقات الزكاة والتبرعات الأخرى من تجارها ، وعاش شظف العيش ، وإضطر للهجرة الى قم ومات هناك غريباً . غير أن المرجعية قد إكتشفت مؤخرآ - تحت ضغط إلحاح المؤمنين في الرغبة لمعرفة ملابسات صدور هذه الفتوى وتوقيتها - إن خدعة إنطلت عليها بإدعاء البعثيين بأن جماهير 14 تموز مزقوا القرآن الكريم ، علماً أن الشيخ عبد الحسن وآخرين غيره من علماء الدين قد أصدروا بياناً في الصحافة المحلية حينها كذبوا فيه هذا الإدعاء بعد تحريهم للحقيقة كاملة ، لقد كانت أجواء العراق أيام الثورة ، كما المختبر الواسع ، عبّر فيه كل المجتهدين عن أفكارهم وأفعالهم ، فمنهم من إجتهد وأصاب فخلده التأريخ ، ومنهم من إجتهد فأخطأ ، وها بين يديه تجربة العراق الحديثة لبناء الديمقراطية المنشودة إن أصدق القول مع الناس وقوّم أخطاءه ، وأتمنى أن لا نخطأ هذه المرة ، حتى لا تتسع أرض العراق لمقابر جماعية للفقراء مرة أخرى . فتحية لثورة تموز العظيمة ومجداً لصانعيها و لعلماء الدين ، الذين ساندوا تموز وساروا على طريق الحق أخذاً بوصية أمام الفقراء علي إبن أبي طالب (ع) .

 

free web counter