| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. جاسم محمد الحافظ

 

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 10/7/ 2012



مهام الحزب الشيوعي العراقي ليست سهلة ...!

د. جاسم محمد الحافظ 

دون الخوض في تفاصيل البرامج الأستراتيجية والتكتيكية التي أقرها الشيوعيون العراقيون في مؤتمرهم التاسع , الذي أنهى أعماله بالامس القريب في بغداد واربيل , لا بد من التأكيد على حقيقة أن ذلك كان نتاج العقل الجمعي لمناضلي الحزب في تلك اللحظة التأريخية من مستوى التطور الأقتصادي والأجتماعي وأفرازاته كحالة أدراك للواقع الموضوعي . وفي أطار نسق معرفي تتحدد أمكانية التكيف مع ذلك الواقع وتبتكر على اساسه أساليب وأشكال أجزاء منظومة الكفاح , وتطور أدواتها الفاعلة في سياق مجموعة قيم بيئة الصراع . وبناء على ذلك فأن الشيوعيين أحق من غيرهم بعد أن أشركوا الناس في مناقشة مقترحات برامجهم , في تحديد ما يرونه مناسباً من الأدوات والوسائل المتاحة لأدارة الصراع الأجتماعي , على قاعدة أن الحزب الشيوعي هو هيئة أركان الطبقة العاملة والكادحين المنخرطين بشجاعة في المعارك الطبقية , التي تتجلى بمظاهر مختلفة تحدد أشكالها وطبيعة تأثيرها الظروف المعقدة في بلادنا , والتي يستأثر فيها المحتلون الامريكيون بدور الريادة في رسم الخارطة السياسية وتوزيع الأدوار على الأطراف الفاعلة في أدارة الحكم , وتحديد الأتجاهات العامة للأقتصاد الوطني , لضمان تأمين المصالح الحيوية للرأسمال العالمي , الى جانب تعاظم دور حلف بقايا الأقطاعيين وطبقة البرجوازية الطفيلية الأنتهازية , التي نشأت وترعرعت في كنف البعث وواصلت زحفها نحو مفاصلٍ مهمةٍ في دولة ما بعد السقوط برعاية ومباركة اطراف نافذة في الحكم تشابكت مصالحها مع هذه الفئات .

وهكذا وفي مثل هذه اللوحة المعقدة والمتسمة بالعنف أحياناً , يكون من الصعب وعدم الحكمة أن يفرض بعض التقدميين المهمومين بالشأن السياسي قيوداً على مناورات الحزب وتكتيكاته لفك الحصار المضروب عليه من قبل تحالف القوى المناهضة لسياسته , والتشويش على سعيه الجاد في أنضاج الظروف الموضوعية لمواصلة قيادة الكفاح المشروع للكادحين , من أجل العبور بهم الى ضفاف التمتع بحقوقهم الأقتصادية والأجتماعية المنشودة , خاصة أذا ما كانت هذه التكتيكات والمناورات وحتى - المساومات - قد فرضتها مقتضيات النضال الطبقي , حيث أن اللينينية لا تنفي أهميتها , لكنها تحذر من أن تتحول هذه المساومات الى أسلوبٍ يفقد الحزب تلمس ومعرفة جوهر القضية الأساسية , وأعتمادها تكتيكاً لا يخدم في النهاية رفع المستوى العام لوعي الجماهير ذات المصلحة الحقيقية في التغيرات الثورية , وكذلك رفع جاهزيتها وقدرتها على النضال وعلى الأنتصار , وأنما النزول بذلك المستوى , وهذا ما حذر منه لينين مراراً وتكراراً وما يشكل مصدراً لقلق الكثير من أنصار الحزب الشيوعي العراقي , الذين لا اشك مطلقاً في نواياهم المخلصة وحرصهم على أن يظل الشيوعيون أوفياء لمبادئهم الانسانية وقيمهم في سبيل أرساء مقدمات هزيمة مشروع المحاصصة والطائفية والسير بالبلاد نحو افاق المستقبل الوضاء . بعيداً عن التهريج والتشكيك الذي لا يسهم في شحذ همم الجماهير ورفع معنوياتها , لترص صفوفها في جبهة واسعة مكافحة من أجل وطن للتآخي والسلم الأجتماعي والبناء . كما أنني لا أشك كذلك في رغبة الحزب في مواصلة السهر على توطيد علاقاته مع الجماهير والاصغاء الى آرئها حتى "لا يصبح حزب الجماهير بالكلام فقط " على حد تأكيد لينين .

أنني أعتقد بأن الشيوعيين قد وضعوا أنفسهم ومعهم قوى التيار الديمقراطي على الطريق المؤدي الى تلاحم قوى الخير , رغم جبروت ماكنات الخديعة والتضليل والتشويش على رؤآهم الموضوعية ومقترحات حلولهم الواقعية للخروج من مستنقع المحاصصة الطائفية والاثنية , مما دفع بعض القوى والاحزاب السياسية الى أعادة النظر في علاقاتها مع الحزب , وعلى الأخير أن يعرف كيف تدار ملاعب الصراع بيقضةٍ ثورية , وكيف يعزز الحزب تحصينه الفكري من أوهام العقليات البرجوازية الثورية الصغيرة . آخذين بنظر الأعتبار التغيرات المتسارعة في مزاج شعوب محيطنا الجيوسياسي لصالح الأتجاهات الاسلامية المعتدلة والعلمانية.
 

 


 

free web counter