جواد كاظم غلوم
jawadghalom@yahoo.com

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 15/11/ 2011

 

إنّما الدنيا لِمَن وهَبا

جواد كاظم غلوم

لمّـا رأيت الـذي يـجري بموطنـنا            خلوتُ وحدي لأني أعرفُ السببا

الزيـفُ في وطـني يـسْودُّ متسعـا
             والمـوتُ صارَ أخانا والدمـوعُ أبا

أذوقُ مـن حصرم الآلام ألذعهُ
                وغـيرنا يـتـشهّـى الخـمرَ والعـنـبا

أسيرُ كالضائعِ الوسنانِ دون هدى
         أجـول فـي بلـدي حـيران مكـتئـبا

تـمـزّق القـلبُ أشـلاءً مبـعْــثرةً
            العـظمُ هيظ ولحمي قـد غـدا إرَبا

ماذا أحدِّث يا بغدادُ عن ولَهي
                  أضحى الحبيبُ رمادا والهوى خشَبا

أرنو على طللِ الأجدادِ منكسِرا
              يحوطني الحشدُ لكنْ لاأرى العرَبا

وكيف أحملُ جمْراً في كفوفِ يدي
            مـثل التـي وُصـِفـتْ:حمّـالةً حـطبا

نحـن ابتـليـنا بإبـليسٍ وزمـرتِهِ
              أشـاعَ فيـنا الأسى والفقرَ والجَـرَبا

ضاقَ الفضاءُ بهم من فرطِ لوثتهمْ
          وأطفئوا الشـمس والأقمار والشهبا

ما ضرّني جمرةٌ تجثو على جسدي
         بل شاقني صحبةٌ صاروا لها لَهَبا

أين النجوم التي كانت تلاحقنا
               تحدو الزمان إلى الأمجاد والحقبا؟

أين العراق الذي ناخ الجميع له
          وأنبت الطّهْرَ والأطهار والنجبا؟

رشَّ الحضارات عطرا وافرا ثملا
     تضوّعَ المجدُ منه حيثما سكبا

قاد الرّيادة في الأصقاع منفردا
        وأجزلَ الكرَمَ المعطاءَ ما وهبا

دارُ المهابةِ بغدادُ الندى أبَدا
           تزيحُ أجنحةَ الظلماءِ والحجبا

وتفرش الأرض عشب الخير من يدها
       ليستريحَ بها من كان قد تعبا

بغدادُ دمعة أيامي ولوعتها
                وفي ثراها أرى الحلاّج قد صُلبا

دموعُ يعقوبَ تجري في مرابعنا
       دماءُ يوسفَ ما كانت دماً كذبا

يا خمرة الرَّوْح والريحان تُسكرني
      فأنهلُ الزِّقَّ حتى ألعقَ الحببا

تشدو المقاماتُ في أفيائنا نغَما
        كرْداً ،بياتاً ،نهاونْدا، وثم صَبا

أكاد أربأُ من قولٍ حوى سفَها
          يقضي بأنّ الدنى تأتي لمن غلبا

وفي السماواتِ أذكارٌ وأدعيةٌ
       تقول لي إنما الدنيا لِمن وهَبا

لكنما السعْدُ لا يبقى إلى أمَدٍ
         ففي الحنايا بكاءٌ لامسَ الطرَبا

وفي الجوانحِ قلبٌ هدّهُ ظمأٌ
             لا يرتضي الماء إلاّ زمزماً عذِبا

وفي المنافي حبيبٌ أنَّ مبتعداً
        وترقص الروحُ جذلى كلما قربا

كأننا في رحيل دائمٍ أبدا
             يبقى فتانا يعيش العمر مغتربا

لا مستقر له في أرضه وطرا
           يضيع كالتائهِ الولهان مضطربا

يا لَلأعاصير تعرونا وترعدنا
      وتأخذ الصبرَ منا غيلةً نهَبا

تؤرجح الريحُ أحلامي وتحملني
       إلى الطفولةِ أُملي سوحَها لعِبا

وتستبيحُ هزيعَ العمْرِ، آخرَهُ
            تذيقني الشهْدَ والأطيابَ والرطَبا

لكنها الريحُ مهوى حبِّها قلِقٌ
          ترى رضاءً وحيناً تلمحُ الغضبا

لا للدماء ولا للسيف يحكمنا
         إنّ البطولة فيمن يُحْكمُ العصبا

دع العقاربَ تحبو في خرائبها
      لكنْ عليكَ بأنْ تستأصلَ الذنَبا

ملّ الكلام وغام الحزن في كبدي
     حتى يئست، مللت اللوم والعتبا

free web counter