| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جودت هوشيار

 

 

 

                                                                                        السبت 25/2/ 2012

 

أصدقاء بشار

جودت هوشيار

فى الوقت الذى تعارض فيه موسكو و طهران و بغداد ، التدخل الأجنبى فى الشأن الداخلى السورى كذبا و رياءا ، فأنها لا تتورع عن التدخل السافر و المستتر فى الشأن الداخلى السورى فى محاولة يائسة لأنقاذ النظام الآيل للسقوط .عن طريق تقديم كل أشكال الدعم اليه و بضمنها الدعم العسكرى و الأقتصادى و اللوجستى ..

التدخل الروسى : تخطيط و توجيه و قيادة
تؤكد جريدة ( الفيجارو ) الفرنسية و صول عدد كبير من المستشارين العسكريين الروس و عملاء المخابرات الروسية الى سوريا فى الأشهر الأخيرة ، حيث تم توزيعهم على وحدات الجيش و أجهزة المخابرات و بعض الوزارات فى دمشق. و المهمة الرئيسية لهؤلاء الروس ، هى التأثير على تطورات الأزمة الشاملة الناجمة عن القمع الوحشى للأنتفاضة الشعبية التى تهدد نظام بشار الأسد بالسقوط.
و نقلت الجريدة عن رجل اعمال فرنسى من اصل سورى له صلات قوية بقيادة المخابرات السورية ،قوله ان بشار الأسد لا يتخذ اجراءا من دون موافقة الروس . و حسب تأكيد هذا الرجل فأن موسكو اشترطت على بشار لقاء تأييدها له ، عدم القيام بارتكاب مجزرة مماثلة ، لمجزرة حماه فى عام ، 1982، عندما قتلت قوات حافظ الأسد ، حوالى (15000) شخص معظمهم من أنصار الأخوان المسلمين ، الذين كانوا قد انتفضوا ضد حكم حافظ الأسد .
كما تطالب موسكو أيضا ، اعادة فتح محطة التنصت الروسية فى جبل قاسيون . و هذا الطلب تحديدا كان احد المحاورالرئيسية خلال مباحثات بشار الأسد مع وزير الخارجية الروسى سيرغيه لافروف و مدير المخابرات الروسية ميخائيل فرادكوف . و اضافة الى ذلك فقد حاول المبعوثان الروسيان اقناع الأسد بضرورة أجراء اصلاحات (ديمقراطية )بالسرعة الممكنة .رغم ان المعارضة السورية لا تثق بوعود بشار و لا بأصلاحاته المزعومة و ترفض التفاوض معه ، لأن من شأن ذلك أعطاء النظام المزيد من الوقت لقمع الأنتفاضة الشعبية .لذا فأن المعارضة مصرة على ضرورة تنحى بشار عن السلطة .
و يعتقد بعض المحللين السياسيين الروس المتفائلين ، ان موسكو يمكنها محاولة السيطرة على عملية أقصاء بشار عن السلطة بشكل سلمى و الأنتقال المنظم الى نظام جديد من دون بشار و بالأستناد الى الحرس القديم المؤيد لعائلة الأسد . و لكن اتصالات السفارة الروسية فى دمشق بزعماء المعارضة من اجل بحث هذا الأحتمال لم تسفر عن اى نتائج لحد الآن .
ثمة شكوك حول قيام موسكو بتجهيز سوريا بمدافع مضادة للطائرات ، كما تم مؤخرا توقيع عقد لبيع 36طائرة من نوع yak-130 الى سوريا بقيمة 550 مليون دولار و بالدفع الآجل .
و لم يقتصر التعاون السورى - الروسى على المجال العسكرى ، بل ان عددا من الخبراء الروس منهمكون الآن فى اعداد " مشروع اعادة تنظيم حزب البعث " الذى يتضمن تقديم المال و مواقع فى السلطة لزعماء الحزب الجديد الذى يراد تشكيله ، ليكون قوة تتمتع بالمال و النفوذ و بديلا عن الحزب القديم عندما يعلن بشار شكليا الأنتقال الى النظام الحزبى التعددى .
الروس يعتقدون انهم قادرون على قيادة المرحلة الأنتقالية . حيث اعطوا التعليمات اللازمة بهذا الصدد الى الجنرالات السوريين حول أستبدال النظام الشمولى بنظام تعددى زائف . و يعتقد بعض المحللين السياسيين الروس ، بان من المرجح ان يكون حث الجنرالات العلويين على القيام بانقلاب عسكرى عندما تصدر اليهم الأوامر بذلك ، هو الأحتمال الأنسب ، مع الأخذ بنظر الأعتبار التجربتين التونسية و المصرية .

التدخل الأيرانى : تنظيم فرق ( كوماندوز ) من مرتزقة حزب الله اللبنانى
منذ فترة و الأعلام الغربى يتحدث عن نقل حوالى (15000) من عناصر الحرس الثورى الأيرانى عن طريق الجو الى سوريا . و أعتقد أن من غير المحتمل ظهور هذه العناصرعلانية فى المواجهات اليومية بين قوات القمع السورية و المحتجين العزل ، بسبب (حاجز اللغة ) الذى سيفضح هويتهم الحقيقية و لكى لا يكون هذا الظهور المكشوف ، مبررا للتدخل العسكرى الغربى او التركى لدعم النتفاضة الشعبية . و تفيد المعلومات المتسربة من داخل سوريا ، بأن العسكريين الأيرانيين، الذين لا يعرف عددهم على وجه الدقة قد وصلوا الى سوريا منذ الأيام الأولى للأنتفاضة و ان عددا منهم يعملون بصفة مدربين و مستشارين لقوات النظام ، و بعضهم الآخر قناصين يطلقون النار من داخل او من فوق البنايات على المتظاهرين و قسم ثالث متخصص فى تعذيب المعتقلين و أنتزاع الأعترافات منهم حول تنظيمات المعارضة فى الداخل .غير أن المهمة الأساسية للقسم الأهم و الأخطر منهم هى تشكيل و تدريب و قيادة قوات " الكوماندوز " المؤلفة من مقاتلى حزب الله اللبنانى ، الذين يعرفون طبيعة المناطق السورية التى يتواجدون فيها و لا يصعب عليهم كشف تكتيكات المعارضة . هذه الفرق تقوم بكل لأعمال القذرة التىتطلب منها سواء بالأشتراك الفعلى المباشر فى قمع المحتجين أو التجسس عليهم أو تنظيم "مجاميع معارضة كاذبة ". لغرض تشتيت المعارضة من الداخل .
ومن جهة أخرى يقوم العسكريون الأيرانيون ، ممن لهم خبرة فى حرب العصابات بملاحقة عناصر الجيش السورى الحر والمنتفضين المدنيين ، عند لجوئهم الى المناطق الجبلية و نصب الكمائن لهم و أرشاد الطائرات الحربية الى أماكن تواجد هم .
ان أندحار النظام البعثى السورى يشكل كارثة حقيقية للنظام الأيرانى ، لأن هذا الأندحار لايعنى فقط خسارة الحليف الرئيسى فى المنطقة ، بل يعنى أيضا أنحسارالنفوذ الأيرانى عن سوريا و لبنان.

التدخل العراقى : طهران تتآمر و بغداد تنفذ
ثمة شبه اجماع بين القوى السياسية العراقية بأن النظامين السورى و الأيرانى كانا وراء معظم العمليات الأرهابية التى حدثت فى العراق طوال السنوات الماضية بشكل مباشر أو عن طريق تقديم الدعم المتعدد الأوجه لعناصر تنظيم " القاعدة " و أرسالهم الى داخل العراق لتنفيذ عملياتهم الدموية .
أعتاد رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى على أطلاق التصريحات المخالفة للواقع للتستر على حقائق الأمور .و ربما المرة الوحيدة التى لم يجاف فيها المالكى الحقيقة كانت ، حين أتهم النظام السورى بالضلوع فى العمليات الأرهابيةالكبرى فى العراق . و لكن ثورات الربيع العربى أدخلت الرعب الى قلب الماكى ، أضافة الى التقريع الشديد الذى تلقاه من النظام الأيرانى ،مما جعله يغير موقفه الى النقيض تماما. أى من الأتهام الصريح للنظام السورى الى التعاون الوثيق معه فى المجالات العسكرية و الأقتصادية . و لا نذيع سرا اذا قلنا ، أن النظام البعثى الفاشى هو الجدار الذى يحتمى به المالكى اليوم ، بعد ان وجد نفسه و نظامه معزولا عن المحيط العربى ، كما أن خشيته من قيام نظام أسلامى فى سوريا ، سرق النوم من عينيه .
أننا اليوم امام أستقطاب واضح فى المنطقة . فثمة " محور دمشق- بغداد –طهران " .فى مقابل تكتل عربى كبير – بضم معظم الدول العربية - يخشى الخطر الداهم القادم من طهران ، خاصة بعد أن صرح مسؤول أيرانى رفيع المستوى ، بأن العراق و لبنان تابعان ذليلان لنظام الملالى فى طهران .لذا فأن أرسال عدة آلاف من مقاتلى ميليشيا ما يسمى جيش المهدى - الأيرانى المنشأ و التدريب و التمويل و التسليح و التوجيه - الى سوريا بعلم و مساعدة حكومة المالكى ، للأشتراك فى قمع الشعب الثائر المطالب بالحرية. لم يكن مفاجأة لأحد ، بعد أن أصبح العراق لقمة سائغة لنظام الملالى ، نتيجة لأكبرحماقة ترتكبها الأدارة الأميركية فى السنوات الأخيرة . حيث سلمت مقاليد الأمور فى العراق و بمحض أرادتها الى الطابور الأيرانى الخامس.
و قد كشفت و ثيقة سرية تعاونا بين بغداد و طهران للألتفاف على العقوبات الأقتصادية المفروضة على سوريا و لأنقاذ الأسد . و جاء فى الوثيقة التابعة لوزارة شؤون رئاسة الجمهورية السورية و نشرتها صحيفة " هارتس " الأسرائيلية ،أنه تم الأتفاق على بحث أمكانية الأسراع بتنشيط التعاون الثلاثى السورى العراقى الأيرانى ، لا سيما ما يتعلق بخط الغاز من ايران الى البحر المتوسط عبر سورية ، و خط النقل البرى عبر العراق و كذلك النقل السككى ، و تم التطرق الى أمكانية فتح خط جوى عبر أجواء العراق بعد أنسحاب القوات الأميركية من العراق .
كما و كشفت الوثيقة السورية ، التى ذكرت الصحيفة أنها سربت بعد عملية القرصنة التى تعرض لها البريد الألكترونى لمكتب الرئيس السورى مؤخرا ، ان طهران خصصت مليار دولار لأستيراد سلع سورية لمساعدة نظام الرئيس السورى على التغلب على العقوبت النفطية و المصرفية التى فرضت عليه
و كان مدير عام صندوق دعم الصادرات السورية ، أيهاب أسمندر ، قل فى وقت سابق ، أن " العراق يستورد يوميا من سوريا بقيمة ( 25) مليون دولار ، ما يصل الى مليار دولار كل (40 ) يوما ، متباهيا بقدرة النظام على أيجاد حلول ( خلاقة ) للالتفاف على العقوبات الأقتصادية الدولية ".
و على هذا النحو نرى مدى كذب و نفاق أصدقاء بشار، حين يطالبون الآخرين بعدم التدخل فى الشأن الداخلى السورى ، و هم أول من ينتهك هذا المبدأ بشكل صارخ سرا و علانية أمام المجتمع الدولى .

ان تقديم الدعم للطغاة لسفك دماء رعاياها هو أسوأ و أفظع أنواع التدخل فى الشؤون الداخلية للدول الأخرى .
و نحن نعيش اليوم فى عالم يتعذر فيه أخفاء الجرائم المرتكبة بحق الشعوب ، و مهما تفنن الفاعلون فى التستر عليها ، فأنها ستنكشف ان عاجلا ام آجلا . و سيندحر الحلف الثلاثى الشرير فى منطقتنا و أن غدا لناظره قريب .

 

free web counter