| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جودت هوشيار

 

 

 

 

الأثنين 19 / 3 / 2007

 


الأمبراطور الفنان


جودت هوشيار

الزعماء والقادة السياسيون لا يعيرون فى العادة اهتماما" يذكر بالفن ، وان كانوا يتظاهررون بذلك من خلال رعاية المعارض و المهرجانات الفنية المختلفة ، ونادرا" ما تجد بينهم من يفهم فى الفن حقا" . و هم يبررون ذلك دائما" بأن أعباء الحكم لا تترك لهم مجالا" للأنشغال ، الا بما هو آنى و عملى فى آن.
و لا يذكر التأريخ سوى أسماء عدد ضئيل منهم ، كرسوا بعض الوقت و الجهد لممارسة لون من ألوان الفن كالرسم و النحت و الموسيقى ، لعل أشهرهم هو الأمبراطور الصينى ( سون هواى تسون ) الذى عاش فى القرن الحادى عشر .
كان هذا الأمبراطور متعدد المواهب و الأهتمامات ، يشجع الفن و يرعى الفنانين ، لذا كان عهده ، عهد ازدهار للفن الصينى بكل فروعه و الوانه و أشكاله .و كان يمارس هوايته الفنية المفضلة ، وهى الرسم و يستمتع بها كثيرا" .
و قد ترك وراءه عددا" كبيرا" من اللوحات الفنية الرائعة التى تتميز بقيمتها الجمالية العالية و تعكس اسلوبه المتفرد كأى فنان موهوب و أصيل . و لكن معظم هذه اللوحات ضاعت أو هربت الى خارج الصين فى مختلف العصور .
و قد اكتشفت لحد الآن ( 19 ) لوحة من لوحاته التى لا يعرف عددها على وجه التحديد. و تبذل الحكومة الصينية جهودا" متواصلة و حثيثة من أجل استعادة لوحات الأمبراطور الفنان التى هربت الى خارج البلاد .
وضمن هذا السياق اقيمت خلال السنوات الماضية عدة مزادات علنية لبيع لوحات الأمبراطور الفنان . وفى آخر مزاد علنى شهدته العاصمة الصينية ( بكين ) عرضت للبيع واحدة من أجمل لوحاته و هى لوحة ( الطيور ) التى رسمت على قطعة من الحرير الطبيعى . وكان صاحب اللوحة - وهو يابانى من هواة اللوحات الفنية - يعتقد أن أعلى سعر يمكن ان يدفع مقابل هذه اللوحة لا يتجاوز مليون دولار أميركى . و لكن خلافا" لتوقعاته و توقعات الخبراء الفنيين المتخصصين ، و صل سعر اللوحة الى ( 3 ) مليون دولار أميركى . و قد اشتراها مواطن صينى ، لم يكشف عن اسمه .!
حكم ( سون هواى تسون ) الصين فى فترة عصيبة من تأريخها بين عامى ( 1986- 1135 ) .
و يقول المؤرخون : ان الأمبراطور الفنان كان رقيقا" و مسالما" بطبعه ، لا يحب العنف و لا القسوة . فالفن يهذب السلوك الأنسانى و يعمق التفكير الفلسفى و جسر تواصل و محبة بين البشر .
و حين عصفت الأزمات بمملكته ابان حكمه و سقطت العاصمة ( ليو ئويان ) بأيدى القبائل الرحل ، فقد عرشه ، ووقع هو نفسه أسيرا" بأيدى المغول . و توفى فى عام( 1162)
و هذه هى المرة الأولى فى التأريخ التى تباع فيها لوحة بالمزاد العلنى رسمها امبراطور فنان .
لقد طوى النسيان أسماء عشرات الأباطرة الأقوياء الذين حكموا الصين عبر تأريخها العريق الممتد لآلاف السنين ، فى حين ظل اسم ( سون هواى تسون ) خالدا" فى ذاكرة الشعب الصينى و فى نأريخ الفن العالمى .