| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جمال الهنداوي

 

 

الأثنين 31/1/ 2011

     

بعد الاستعانة بالبلطجية..ماذا بقي للنظام؟؟

جمال الهنداوي

بوجه شائه.. وحلق جاف.. واطراف مرتعشة ظهر الفرعون متهالكا متحنطا راميا بورقته الاخيرة في وجه الشعب.. محذرا من فوضى قد تطالكم مثل ما جرى لاهل لكم في جوار قريب.. في اشارة الى الاحداث التي رافقت اسقاط النظام العراقي والتي كان لنظام مبارك "ايادٍ بيضاء" كثيرة في اذكائها وتأجيجها وتغطيتها سياسيا واعلاميا..

تحذير.. قد يكون.. ولكنه اقرب الى اشارة انطلاق متفق عليها - تذكرنا بطيب الذكر ديليسيبس - ..وتدل على خسة ودناءة وسوء منبت لم تقوى سنوات التنعم الطويلة بالحكم في تهذيبها.. اشارة انطلاق لتفعيل مثير للريبة والاستغراب للسيناريو الذي الصق عنوة بالعراق .. واعيد تدويره تونسيا ..وقام النظام المصري باعادة انتاج نسخة مستعجلة وغير متقنة عنه.. الا وهو اختفاء هذه الاجهزة الامنية فجأة من الشارع وترك الامور الى رب كريم وتحولها الى التشبح والتخفش والانكفاء نحو جحور واوكار وخطط يبدو انها مرسومة بدقة وعناية ومنذ وقت ليس بالقليل..

خطط تهدف الى اطلاق موجة من الفوضى وانتشار اعمال السلب والنهب والترويع، مصحوبة باحراق بعض المباني واطلاق استغاثات ونداءات بالعون على لسان البسطاء الذين ارعبهم الانتشار الفجائي لعناصر مجهولة من محترفي الاجرام المتعاونين مع اجهزة امن الدولة والمستهدفين العباد في ارواحهم وممتلكاتهم.. والذي اريد له ان يستكمل حلقاته الجهنمية بفتح السجون واخراج المساجين الجنائيين باعداد كبيرة واطلاقهم على المواطنين الآمنين..

خطط يبدو انها ذات اتجاه واحد يقوم على التمهيد لاعلاء شعار الامن مقابل النظام.. او الفلتان الامني مقابل الخضوع والطاعة..

وهذا ما تم حذوه القذة بالقذة في العراق ومن ثم تونس كمؤشر على سياسة عربية عليا تهدف ترويع المواطن واقران وربط أي حراك تجاه الديمقراطية والتعددية بالفوضى والانقسام السياسي والمجتمعي.. وقد يكون فشلها المدوي على يد فرعون مصر صك براءة في حق الشعبين العراقي والتونسي من تهمة الاساءة الى الممتلكات العامة التي طالما الصقها الاعلام المصري الرسمي بالشعبين الشقيقين..

ولكن يبدو ان قصر النظر المتراكم في تلافيف مخيال النظام الرسمي العربي.. والمتوفر على تراث طويل من التزلف والنفخ في الذات.. والمتأثر بالهتافات الجماهيرية المسبقة الدفع .. والاطمئنان على الدعم الغربي.. لم يمد النظام بالقدرة على استخلاص النتائج الكارثية لهذا العمل الاجرامي بامتياز .. خصوصا مع اسقاط التجربة التونسية لفكرة الغزو الخارجي والانقسام الطائفي او المد الاصولي .. وهي تلك المفاهيم الذي ما فتأت تجترها وتلوكها وتبشر بها الفعاليات السياسية والاعلامية العربية والمصرية بالذات - وعلى اعلى المستويات الممكنة - منذ عملية التغيير في العراق..

ويبدو ان نفس هذه العقيدة التي تربت عليها هذه الاجهزة.. وانتشار الفساد المستشري بين اروقتها .. ومحاولة استغلالها الوضع للقيام باعمال ذات منافع شخصية.. والوعي العالي والشعور المتفرد بالمسؤولية الوطنية الذي مثلته فعاليات الانتفاضة المصرية المباركة.. قد اسقطت تماما في يد النظام ليعود بعده مستجديا القوات المسلحة التي لطالما اذلها من خلال التهميش والاذلال وتوريطها في واجبات تتقاطع مع مهامها المقدسة في الحفاظ على الامن القومي المصري من الاعداء واخرها محاولته البائسة "الخاسئة" لجرها الى صدام مفتوح مع الشعب المصري البطل..

وبسقوط هذا الخيار ايضا.. والتململ الامريكي الواضح والمعلن من عدم اتخاذ الرئيس الخطوات التي تراها كافية لنزع فتيل الاحتقان الشعبي العارم.. ولعدم نجاح الاستقواء بالبلطجية والرعاع وشذاذ الافاق في لجم تطلعات الشعب في الحرية.. يبدو ان الطريق الوحيد الذي بقي للنظام هو في شد حقائبه.. والتي يبدو انها قد رزمت فعليا.. والتوجه الى حيث يريد.. ويترك المصريين يطلقون حوارهم الوطني الهادف لتخليق الاليات التي تدفع باتجاه تصحيح المسار الديمقراطي التعددي المقنن بدستور متفق عليه وتشكيل حكومة منتخبة عن طريق انتخابات حرة ديمقراطية وفق قانون انتخابي حقيقي..

وبهذا قد يجد له حسنة ما في سجل اعماله في يوم القيامة وان كنت اشك انها ستقوى على رفع ميزان سيئاته المثقل بثلاثين عجاف من القمع والاضطهاد وجمع السحت الحرام..




 

free web counter