| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

جمال الهنداوي

 

 

                                                                                 الأثنين 18/4/ 2011

     

التدخل السعودي في الشأن المصري..نفي واثبات وتاريخ..

جمال الهنداوي                 

قد يكون من دواعي الحكمة وبعد النظر والتروي وطول البال المثمر ذلك القرار الذي اتخذته بعض الفعاليات السياسية المصرية بتعليق الوقفة الاحتجاجية التى كان من المقرر الدعوة لها أمام السفارة السعودية كاعلان لرفض المصريين للاخبار المقلقة التي تداولتها بعض وسائل الاعلام عن تدخل مفترض للمملكة وبعض الدول الخليجية الاخرى في الشأن المصري الداخلي..

ومكمن الحكمة هنا هو في عدم وجود سبب مباشر يدفع الى تكذيب النفي الرسمي السعودي السريع لما تردد بكثرة في وسائل الاعلام العربية عن توجيه تهديدات مباشرة من قبل دول الخليج الى الحكومة المصرية تتعلق بتجميد العلاقات مع القاهرة، ووقف أي مساعدات مالية، وتعطيل وسحب مجمل الاستثمارات الخليجية في مصر، بل والتضحية بأكثر من خمسة ملايين مصري يعملون بأراضي دول مجلس التعاون حاليا إذا تمت إهانة "مبارك" أو ملاحقته وتقديمه لأي محاكمات.. على اعتبار ان الإقدام على مثل هذه الخطوة تعد إهانة للحكام العرب الحاليين أو السابقين، ولا يجب أن تتم بأي حال من الأحوال مهما كان حجم الضغوط الشعبية والداخلية..

وهنا لا نملك الا ان نصدق هذا النفي الصادر عن المملكة وتوابعها في الخليج..ولكن النفس الامارة بالسوء..قد تجعلنا نميل الى تصديق هذه الاخبار والتقارير ولو جزئيا لسوابق كثيرة صدرت من هذه الانظمة تستهدف الوقوف امام ارادة الشعوب والتدخل لصالح رؤوس الشر والفساد في المنطقة وبذل الجهود والاموال والاعصاب لضمان افلاتهم من المسائلة القانونية عن جرائمهم المخزية التي اقترفوها بحق شعوبهم ومواطنيهم..

فمن خلال استعراض بسيط نجد ان لدول الخليج تاريخا طويلا من المبادرات التي عادة ما تضم فقرة اقرب الى اللازمة الا وهي اعفاء المخلوعين او من هم في طريقهم الى الخلع من جميع المطالبات القانونية وضمان خروجهم المشرف هم ومنهوباتهم وبطانتهم تحت دعاوى ظاهرها الرحمة الواجبة لعزيز قوم ذل وباطنها التعاطف مع من خانته الايام من افراد عصابة القمع والاستبداد والنهب المنظم..

فمثل هذه المبادرات وهذه الروحية طرحت في اواخر انفاس صدام حسين في الحكم من خلال الشيخ زايد "رحمه الله"..وكذلك من خلال استقبال الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي المحمل بما ثقل من اموال الشعب التونسي وتجاهل مذكرات الاعتقال الصادرة بحقه..وكذلك من خلال التلويح بامكانية التكفل بدفع متطلبات بقاء الرئيس المصري السابق في الحكم رغما عن الانتفاضة الشعبية الكبرى التي زلزلت الارض تحت اقدامه المرتعشة..وليس آخرا الحضور الواضح لهذا النفس في المبادرة الخليجية الاخيرة التي تتعلق بترتيبات استلال الرئيس علي عبد الله صالح وعائلته من بين ايدي الشعب اليمني الثائر وقواه الشعبية المطالبة بالقصاص لدماء الشهداء الطاهرة التي امعن في سفحها السيد الرئيس..

وليس من الحكمة التغافل عن الجهد السياسي والاعلامي المسرف والمثابر واللحوح الذي واكب محاكمة رئيس النظام العراقي المخلوع محاولا حرفها عن مسارها القضائي والقانوني من خلال التهوين المهين والوقح لجريمة استباحة مدينة كاملة وهدم منازلها وتجريف بساتينها واسر عوائلها واعدام المئات من شبابها على اعتبار انها من المسائل التي لا تستحق ان يسأل عنها رئيس حتى لو كانت دول الخليج هي من سهلت وروجت وتوسلت ومولت عملية اسقاطه..

وعلى هذا الاساس فأن قمع المتظاهرين وقتلهم وتسليط شذاذ الآفاق والبلطجية وقوى الامن المتسترة بالملابس المدنية عليهم..وكل تلك السنوات من الارهاب والتنكيل وسرقة المال العام والاغتناء الفاحش مما اقتطع من رغيف المواطن المصري المنهك والمعذب..لن تكون من الاهمية بحيث تستدعي ان يقطع الرئيس المخلوع فترة استجمامه الطويلة في شرم الشيخ ليسائله فرد من عامة الشعب عن علاقته بالاحداث..

المهم..ليس من العدل ولا الانصاف ان نظلم احدا..فاننا لا نعلم تمام العلم ان كانت هذه الاخبار والتقارير الصحفية صحيحة..كما اننا لا نستطيع الجزم بمصداقية النفي الرسمي السعودي من عدمه..ولكن ما نستطيع التأكد منه تماما هو ان هذه المبادرات والتدخلات قد تجاوزها الزمن والتاريخ والمنطق السليم للاشياء..وان الشعوب قد اسقطتها من خلال التمسك بأولية وقدسية الدستور والقانون ومبدأ مساواة جميع افراد الشعب امام عدالته..لا فرق بين فلاح وغفير ورئيس..وهذا ما بدأنا نتلمسه في المناخ الصحي والمعافى الذي افرزته ثورة الشعب المصري المباركة..وهذا ما ننتظر ان يعم جميع البلدان العربية..ولكن هذا ايضا هو ما يخافه البعض..فالمحاكمة أتية لا ريب فيها ..ولا أحد بعد الثورة فوق القانون ..فالقانون هو الضامن الوحيد لحرية الشعوب ..وهو الذي يعلي كرامة الانسان..وهو الذي يقتص من المجرم والمسئ..حتى لو كان مدعوما من الجوار المتواطئ..وحتى لو كان رئيس..

 

free web counter