| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 9/7/ 2009

 

مستلزمات الانتخابات النزيهة ممكنة

جاسم الحلفي

يجمع المهتمون بالشأن الانتخابي في العراق على أهمية تعزيز مشاركة المواطن في الانتخابات، وبينوا ان هناك عدد من المستلزمات المهمة التي ينبغي توفيرها كي تكون المشاركة ايجابية وفعالة. ووضع هؤلاء في الأولوية منها اهمية إصدار قانونا للانتخابات ينسجم مع طبيعة مجتمعنا ودرجة تطوره، قانونا يضمن بالقدر الممكن عدم ضياع أصوت الناخبين، وعدم تجيّرها الى غير القوائم التي ينتخبوها، كما هو عيب قانون انتخابات مجالس المحافظات. ويمكن اعتماد الطريقة النسبية التي يكون فيها العراق دائرة انتخابية واحدة، فهذه الطريقة في الوقت الذي تؤكد مفهوم الوحدة الوطنية، فإنها تحافظ أيضا على صوت كل ناخب، من أي محافظة كان، وتحسب صوته بمنتهى الدقة، هذا فضلا عن ما تعزز من صورة عضو البرلمان المنتخب، بأنه ممثلا للشعب العراقي بكل تنوعه، وليس نائبا عن مدينة او جهة او إقليم وحسب.

اما المستلزم الآخر هو أهمية تشريع قانون الأحزاب، الذي بدونه لا يمكن الاطمئنان على سير العملية الديمقراطية وسلامتها، فالتاريخ يبين انه لا توجد تجربة ديمقراطية راسخة في العالم كله دون وجود حقيقي وفاعل للأحزاب، ولا بد من قانون ينظم وجود الأحزاب ونشاطاتها. فالحاجة تدعو الى تشريع قانون واضح وبسيط، ينسجم مع المفاهيم الديمقراطية وكما جاءت بالدستور، ويتوجب على الحزب المعني ان تكون المواطنة وحدة بنائه، والديمقراطية أساسا في منهاجه وفي حياته الداخلية، وان يحتكم لآلياتها وأحكامها قولا وفعلا.

كما بات ضروريا أيضا إصدار قانون ينظم الحملات الانتخابية ويحدد السقف الأعلى للإنفاق، فجوهر الديمقراطية هو توفير فرص متكافئة بين المتنافسين. فلا يمكن تصور تنافس نزيه بين من يمتلك الأموال الطائلة، مجهولة المصدر، وينفقها في الحملات الانتخابية دون أي سقف معين، ويستخدم كل الطرق في شراء الأصوات، مشوها الوعي ومزيفا للإرادة، بينما هناك أحزاب لا دخل لها غير اشتراكات أعضائها وتبرعات مؤازريها، تحرص على بناء الإنسان ومبادرته وضميره وتطوعه في النشاطات.

في جانب آخر يجب ان يكون الإعلام الممول من موارد الدولة، إعلام الدولة، محايدا ومتزنا وموضوعيا ، وعادلا في توزيع فرص حضور المتنافسين، إعلاما مستقلا وبعيدا عن تأثير هذه الجهة او تلك، لا ينحاز لأي حملة او قائمة انتخابية، إعلاما مسؤولا وقادرا على التفريق بين عرض نشاطات الحكومة والمسوؤلين الحكوميين وبين نشاطاتهم الانتخابية، إعلاما يعطي فرصا متكافئة للجميع.

اما المستلزم الآخر فيتعلق بالهيئة التي تشرف على العملية الانتخابية وتديرها، وهي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، التي يتوجب عليها ان تكون مستقلة قولا وفعلا، قوية غير مجاملة، تحكم بالعدل، لها مسافة واحدة بين الجميع، قادرة على قولة الحق، متمكنة من توفير المستلزمات الفنية للانتخابات، من سجل انتخابات رصين، الى عدد مناسب من مركز الانتخابات، وصولا الى إصدار بطاقة الناخب التي تعرف بالناخب، و تحتوي على اسم مركز التصويت وعنوانه. انها هيئة تقول كلمتها واضحة، بما في ذلك إخراج كل من يستخدم المال السياسي، ويستغل إعلام الدولة، ويستثمر الموقع الحكومي، ومركز المسؤولية من اجل الدعاية الانتخابية، ويثير الكراهية ، ويروج للتعصب والانقسام، ويلوح بالطائفية، هيئة تدين كل نشاط او عمل مشين، وتستطيع إخراج من يقترف ذلك من دائرة المنافسة الانتخابية.

يؤكد المهتمون في موضوع الانتخابات على أن هذه المستلزمات أساسية وضرورية ويعدوها ممكنة أيضا. فالمواطن العراقي، الذي صبر على الدكتاتورية ومصادرة الرأي، يتطلع اليوم كي يبدي رأيه بكامل حريته، لا إلى تشويه وعيه، وتزييف إرادته، والاستحواذ على صوته بأي صيغة كانت. لقد ملّ من الوعود والكلام المعسول .. بمقابل ذلك انه ينتظر الفعل الجميل والنظيف.


 

 

free web counter