| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

                                                                                                  الخميس 5/4/ 2012

 

الدولة المدنية .. الدولة العسكرية

جاسم الحلفي

الميزانيات الكبيرة للإغراض العسكرية، التي تخصصها الحكومة ويصادق عليها البرلمان، في مقابل تخصيصات تكاد أن تكون شحيحة لمجال الثقافة، وفي مقابل عدم رصد أي مبلغ لمنظمات المجتمع المدني (وليس هنا مجال للتطرق الى ما يخصص للتعليم والسكن وتأهيل العاطلين والقضايا الاجتماعية الأخرى)، تتضح لنا من قراءة سريعة لباب التخصيصات في ميزانية هذا العام والميزانيات السابقة. وجواب السلطات المعنية الجاهز هو، بطبيعة الحال، أولوية الجانب الأمني. ولا مجال هنا للحديث عن اثر تلك الميزانيات الكبيرة في تحقيق الأمن وإحلال الامان.

وبعيدا عن الشبهات التي تحوم حول ادارة كل هذه الأموال، ومدى سلامة صرفها على القضايا الأساسية للتدريب والتأهيل في المؤسسة العسكرية، وعلى تجهيزها بأسلحة ومعدات تناسب المبالغ التي تنفق عليها وفق إجراءات شراء صحيحة (ولا نريد هنا الخوض في ما أثير حول أجهزة كشف المتفجرات، وحجم المبالغ التي أنفقت على استيرادها، وطبيعة الصفقة ومن يقف وراءها، وفشلها عند الاستخدام، فكل ذلك مرهون باللجنة التحقيقية التي لم نسمع بما تمخض عنه عملها منذ يوم تشكيلها).

وبعيدا عن أعداد منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية وباقي المؤسسات الأمنية، والتي تجاوزت مليون منتسب، ومن دون ان ندخل في تفاصيل الأحاديث التي تدور بين الناس عن "التوريق مقابل التعيين"، او ان نبحث في حاجة العراق الجديد لهذه الأعداد الكبيرة من القوات المسلحة، او نتناول مدى انسجام ذلك مع العقيدة العسكرية العراقية، او نتساءل: لماذا يكون لهذه الأجهزة هذا العدد الكبير من الجنرالات؟ الذين فاق عددهم اعداد امثالهم في جيوش دول كبيرة جدا. وهل تم ذلك وفقا لمعايير الخبرة والكفاءة والنزاهة ام حكمته معايير اخرى غيرها؟

بعيدا عن كل ذلك نود التأكيد بان ما رغبنا في الإشارة إليه هو المهمات الأساسية التي حددها الدستور للقوات العسكرية والأمنية. فبعد ان قرر الدستور ان يكون وزير الدفاع مدنيا، اراد ان يؤكد ان هذا القطاع يحترم المدنية، وكي تستبعد والى الابد قضية الانقلابات التي يقوم بها الجنرالات الكبار في البلدان النامية بعد ان تتضخم اكتافهم بالرتب العسكرية، وتكبر امتيازاتهم، ويغدو لهم بحكم ذلك نوع من المطامح السياسية والرغبة في فرض الإرادة على إدارة البلاد.

وفي مقابل ذلك حدد الدستور بشكل واضح مهمة القوات المسلحة، وهي تتمثل في حماية حدود العراق الخارجية. فيما مهمة الشرطة هي حماية الدستور وضبط الأمن الداخلي. اما الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، فلا دخل لها في الاتجاهات السياسية للمواطنين، فحرية الرأي والتنظيم تم تثبيتها بشكل واضح وصريح في الدستور.

هناك خشية من ان تكون بعض القوات العسكرية والأمنية، قد مدت يدها الى غير ما حدده الدستور لها من واجبات، أو ان تكون قد تدخلت في باب حقوق المواطنين وحرياتهم، أي في مواضيع هي ابعد ما تكون عن اختصاصاتها، وهو ما يثير تساؤلا مشروعا عما اذا كنا متوجهين الى الدولة المدنية ام الى الدولة العسكرية؟

سؤال برسم الإجابة!


 

free web counter