| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 4/12/ 2008



عراقيون تحت مستوى الفقر!

جاسم الحلفي

" ما مر عام والعراق ليس فيه جوع" عبر ولا زال يعبر ما قاله الشاعر بدر شاكر السياب رغم رحيله، في هذا البيت من الشعر، عن أوجاع الفقر التي لا تكاد تغادر حياة العراقيين، في كل الأزمنة والأحوال.

رغم الحديث المتكرر عن حاجة الفئات الضعيفة في المجتمع وأهمية مراعاتها، وضرورة دعمها، فان هناك معطيات إحصائية عن حجم الفقر وآثاره، تدعو إلى القلق. فالمسح المدعوم من برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة "WFP" عن العوز والفاقة التي يعيشها ملايين العراقيين، يدعو إلى التحرك العاجل لوضع معالجات هادفة. لقد تبين من هذا المسح ان هناك 990 ألف عراقي يعيشون حاليا تحت خط الفقر، وأن النسبة الأكبر من بينهم تتركز في المناطق الريفية. وبغض النظر عن حدود العينة التي تم اعتمادها، ومدى تضمينها لجوانب الخدمات الأساسية، لكنها تؤشر، في كل الأحوال، إلى خطورة المشكلة التي لا بد للحكومة العراقية من النظر إليها بمسؤولية، خاصة وان المسح أظهر "أن 24 % من سكان العراق يعيشون في حالة فقر في مختلف المجالات، وان اكبر نسبة من فقراء العراق هم من محافظة المثنى، حيث بلغت نسبتهم 49% من سكانها ".

ولا بد من الإشارة إلى ان تلك النسب والأرقام لا تشكل أي مفاجأة للمتابع الميداني، لان العوز والفاقة التي يعيش في كنفها سكان الريف معروفة للجميع. فهم يعانون من الجفاف، فضلا عن صعوباتهم الحياتية التي لا حد لها واعتمادهم أساسا على مفردات البطاقة التموينية، هذا ان وصلت إليهم كاملة، وبأوقاتها، وغير مغشوشة. كما إنهم يعتمدون أيضا على إنتاجهم الزراعي، وهو رغم شحته لا يستطيع منافسة المستورد لعدم وجود الحماية والدعم.

لم يكن سكان الريف وحدهم من تحاصرهم آفة الحاجة وضيق اليد، بل كذلك أبناء المدن، كما هو الواقع الصعب الذي يعيشه سكان المدن الهامشية، المنتشرة في اغلب ضواحي المحافظات. ففي هذه الأماكن تعشعش مختلف الأمراض بسبب نقص الخدمات وانعدامها، وعدم وجود مراكز صحية، ونقص المدارس، وانقطاعات التيار الكهربائي المستمرة، فضلا عن المطالبة بالماء الصلح للشرب.

ولا يأتي المرء بجديد حينما يقول أن ما ينتجه الفقر من أزمات ذات إبعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية مكلفة، تهدد استقرار البلد وتعيق تقدمه. غير أن مشكلة الفقر في العراق اليوم، حيث يمر بظروف بالغة التعقيد والتشابك والخطورة في آن، تشكل تهديدا مقلقا على جميع الأصعدة. ويرتبط الفقر بمشكلة كبيرة أخرى هي البطالة وما تتركه من آثار خطيرة على حياة الشباب. ففي مسعى البحث عن فرصة عمل يضطر " المحضوض" منهم إلى دفع مبالغ تعادل ما يقارب ثلاث رواتب كاملة، حتى يحصل على فرصة عمل. ولكن السؤال: من أين هذا المبلغ لمن لا يتجاوز دخله الشهري 78 ألف دينار، وهو حد مستوى حد الفقر في العراق كما حدده المسح، ان "يشتري" فرصة عمل!.

رغم سعة الحديث عن الإعمار والتنمية، ونصرة الجائعين ورفع الحيف عن المعوزين، وتشغيل العاطلين، ودعم الفلاحين، وبناء المعامل والمصانع وتعبيد الطرقات وتشييد البنايات من جانب. ومن جانب آخر فانه ورغم تخصيصات البطاقة التموينية وشبكة الحماية الاجتماعية، فان مشكلة الفقر ما زالت تشكل عنوانا كبيرا من عناوين الأزمة في العراق.

ان معالجة مشكلة الفقر في العراق، ممكنة لكن عبر تبني إستراتيجية اقتصادية تأخذ بالاعتبار القضاء على الفقر والبطالة، وتعمل على رفع المستوى المعيشي للسكان، وبناء اقتصاد متنوع، يعتمد على الزراعة والصناعة والسياحة، وفق دراسة واقعية ومسئولة، تأخذ موارد واقتصاديات العراق وإمكانياته في الحسبان، وهذا ما يجب التركيز عليه عند مناقشة ميزانية عام 2009.

كما ان هناك ضرورة لإقرار قانون للضمان الاجتماعي كما في البلدان التي يحترم فيها الإنسان، يؤمن لكل شيخ او عاطل او أرملة او يتيم حياة لائقة يعيشونها بكرامة.

 


 

free web counter