| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 4/12/ 2008



فضيحة مرتزقة - بلاك ووتر- الجديدة

جاسم الحلفي

كانت الدولة في ايطاليا أواسط القرن السادس عشر تعتمد على المرتزقة بإدارة شؤون الحرب، ولم يكن لديها جيش وطني، مما جعلها دولة ضعيفة مفككة، وكان هذا احد الأسباب التي دعت (مكيافيللي) ان يشترط وجود جيش وطني قوي، إلى جانب شرطه الثاني المتمثل في وجود أمير يتصف بميزات خاصة، كي يكتب لمشروعه في الدولة الوضعية القومية القوية النجاح. وعند البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه الرؤية هو أن المرتزقة في ايطاليا عندما كانوا يخوضون الحرب بدلا عن السياسيين فانهم، كانوا يقومون بذلك مقابل الأموال، ولا يحركهم في هذا أي مبدأ ولا يلتزمون بأية قيم، ولا يردعهم وازع من ضمير، ثم انهم سرعان ما يغيرون ولاءهم لمن يدفع أكثر. و من طبيعة المرتزقة أيضا تجنب القتال الذي يسبب لهم القتل أو الجروح، وفي ذات الوقت يحاولون إطالة أمد الحرب لأنه بخسرانها أو الفوز فيها، تنتهي مهمتهم، وبالتالي يفقدون فرصة عملهم.

وهكذا هو نهج المرتزقة المشين في كل مكان وزمان، لذا لم يعد مدهشا حين تناهى الى مسامع الناس ما نشر في وسائل الإعلام من قيام مرتزقة شركة " بلاك ووتر" بإدخال أسلحة هجومية وكواتم صوت إلى العراق بطريقة غير شرعية. وكواتم الصوت - كما هو معروف - هي أسلحة هجومية، تستخدم للاغتيالات، وهي بالتالي بعيدة عن المهمة المحددة لهذه الشركة وهي - كما يدعي القائمون عليها- تتمثل بحماية الشخصيات الأمريكية الرسمية والسفارات والشركات ورجال الأعمال.

تجري في الوقت الحاضر تحقيقات فيدرالية في ولاية كارولاينا الشمالية مع بعض مرتزقة " بلاك ووتر" لاتهامهم بإدخال أسلحة هجومية من بنادق M-4 وكواتم صوت وتهريبها إلى العراق، في أكياس كبيرة لأطعمة الكلاب. وبهذا ينكشف ما بقى مستورا من وجوه هؤلاء المرتزقة، وتوضحت مهمتهم الدنيئة في تهديد امن العراقيين واستقرارهم. ان ما حدث يتطلب من الطرف العراقي، وعبر الجهات القضائية المسؤولة، العمل بشفافية لمعرفة ملابسات هذه الفضيحة والكشف عن المخطط التآمري على أبناء الشعب العراقي، والكيفية التي وردت فيها كواتم الصوت هذه. كما يدعو الواجب الوطني السلطات العراقية لملاحقة هؤلاء المرتزقة قضائيا، لما اقترفت أياديهم من جرائم راح ضحيتها العديد من أبناء وبنات العراق الأبرياء.

من المؤكد ان الاستقرار في العراق لا يروق للقائمين على" بلاك ووتر" ومرتزقتها. لذا فتوتير الأوضاع وتفجيرها، يصب في خدمة المهمات القذرة لهؤلاء المرتزقة، كي يعطي مبررا لوجودها واستمرار تفعيل عقودها، التي تجاوزت مئات الملايين من الدولارات. وهي تقوم بذلك مستغلة كل المناطق التي أعلنت فيها الحروب، سواء في أفغانستان حيث أصبحت لاعباً رئيسياً فى الحرب هناك، مرورا بالعراق حيث لازالت الجريمة التي اقترفتها يوم 17 أيلول 2007 في ساحة النسور، وراح ضحيتها 17 شهيدا عراقياً و جرح آخرون، ماثلة أمام العين وتنتظر نطق الحكم بإدانة هذه الشركة القذرة، وإجبارها على تعويض شهداء العراق الذين سفحت دماءهم الزكية بسب طيش ورعونة المرتزقة المجرمين.

لم تكن أفغانستان والعراق السوق الأخيرة لهم، كما يتضح من الإشارات التي أعطاها الرئيس الأمريكي جورج بوش لإمكانية عمل هذه الشركة في جنوب السودان، حيث تستعد الشركة الآن، لإبرام عقودها هناك لتعمل في دار فور (كقوات سلام)!.

 


 

free web counter