| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 3/7/ 2008



قمة روما وأزمة الغذاء في العراق

جاسم الحلفي

يعتبر سهل شمامك في جنوب مدينة اربيل من اغني المناطق الزراعية، فخصوبة الأرض فيه ووفرة المياه، جعلته دائم الخضرة، واعتبر في يوم ما سلة اربيل الغذائية، ولكن من يزور تلك المنطقة هذه الأيام يصاب بالذهول، حيث الأرض جرداء تفتقد الخضار الا ما ندر، وتغيب عن ناظريك حركة الفلاحين ونشاطهم الدءوب في الحقول العامرة آنذاك بشتى أنواع الخضروات. ليست المنطقة تلك هي استثناء مما لحق القطاع الزراعي من إضرار، بل ان اغلب المساحات الزراعية في العراق تضررت الى حد كبير، مما يؤكد ان القطاع الاقتصادي الزراعي في خطر كبير، بعد ان كانت الزراعة في يوم ما المصدر الأساس لاقتصاديات البلاد كما أنها كانت ولم تزل المهنة الرئيسية للعراقيين على مر العصور، مما يتطلب التوقف عند هذه الحالة ومعالجتها بمسؤولية، لأنها لا تمس العاملين في هذا القطاع وحدهم بل لانعكاساتها الكبيرة على غذاء العراقيين وحياتهم، خاصة وان هناك أزمة غذاء عالمية باتت تهدد الأمن الغذائي والإنساني، كما دار البحث في قمة روما الأخيرة، التي توقفت أمام تدهور الزراعة في العالم، وأكدت على مخاطر أزمة التغذية في العالم وأهمية معالجتها، واللافت ان هذه الأزمة لا تلقي بضلالها على بلدان القحط والمجاعات وحسب بل لها آثار كثيرة على مختلف البلدان بما فيها البلدان الزراعية التي بدت تستغل إنتاج بعض محاصيلها الزراعية لتصنيع الوقود العضوي، دون الالتفات الى نحو مليار إنسان يعانون الجوع.
لا يعيش العراق, بالتأكيد, بمعزل عن هذه الأزمة وذلك لتبعيته الى للخارج في ما يتعلق باستيراد المواد الغذائية، وباتت اسواق العراق تفتقر الى أي إنتاج زراعي محلي الا ما ندر، ولم يقتصر الاستيراد على الحبوب فقط بل يتم استيراد كافة المنتجات الزراعية حتى الخضروات التي لا تتطلب زراعتها الكثير من المستلزمات.
لم يحظ القطاع الزراعي في العراق باهتمام الحكومات العراقية المتعاقبة، ومنذ فترات طويلة، رغم أهميته القصوى ووجود عوامل مشجعة بشرية ومناخية ومالية وفنية، وأدى هذا الإهمال إلى إضعاف الإنتاج المحلي فأصبحت التغذية نتيجة ذلك مرتبطة بالخارج.
صحيح ان هناك عوامل عديدة أثرت على ذلك منها الحصار والحروب، والأوضاع الأمنية الصعبة التي مر بها العراق، إضافة الى مشكلة تراجع حصة العراق في المياه نتيجة سياسية الموارد المائية في تركيا وإيران وسوريا وبناء السدود دون التنسيق الكافي مع العراق والتجاوز على حصة العراق في الأنهار الدولية وحسب ما تقتضيه القوانين والدولية، كما ان سوء الإدارة في استخدام الموارد المائية اثر أيضا وبدرجة كبيرة في تفاقم أزمة المياه في بلدنا.
وفي القوت الذي تعتبر فيه وزارة الزراعة جهة الاختصاص في هذا الجانب، لكن لا تستطيع النهوض لوحدها في هذه المسؤولية، نتيجة سنوات الجفاف والإهمال الطويلة، ما يتطلب وضع برنامج حكومي شامل، على ان تسهم فيه الجمعيات الفلاحية، الى جانب الخبراء والمختصين، والبدء في الانطلاق في إعادة بناء القطاع الزراعي، ويتطلب ذلك فيما يتطلب تبني خطة اقتصادية، تعطي الأولية لتشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي بصورة علمية، ومنح الفلاحين حزمة من الخدمات والإصلاحات على صعيد سياسات تنظيم لاستصلاح الأراضي وتقديم الدعم المالي ومنح الإعانات لهم، ورصد الأموال لإصلاح الأراضي، وزيادة رأسمال المصرف الزراعي، وتوفير البذور والأسمدة، وتأجير الآلات بأسعار مناسبة وصيانة المنتجات الزراعية من الأمراض وتلقيح الحيوانات وتقديم الإرشاد الفني.

وتبقى مسالة حصة العراق من مياه دجلة والفرات والأنهر الدولية الأخرى، وتنظيم ذلك باتفاقيات دولية مع تركيا وإيران وسوريا، هي مهمة وطنية لا تقبل التأجيل.

على الحكومة الاستعداد الكافي لمواجهة آثار الجفاف ونقص الغذاء، فخصوبة ارض العراق تؤهله للإسهام في حل مشكلة الغذاء لا ان يكون من المسببين لها كما هي بلدان أخرى في العالم، وحتى لا تبقى لازمة الشاعر بدر شاكر السياب تدور مر السنين "ما مر عام والعراق ليس فيه جوع"!

 


 

free web counter