| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 31/7/ 2008



كي لا تُصادر اصواتنا!

جاسم الحلفي

لم تكن قضية كركوك على اهميتها، هي الثغرة الوحيدة في قانون انتخابات مجالس المحافظات، بل ان هناك قضايا مهمة اخرى لا تقل خطورة عنها، فبالتصويت على القانون، يكون المصوتون قد رسموا خطاً، لا نتمنى ترسيخه، هو التشريع القانوني للمحاصصة، كما جاء في الفقرة ثانياً من المادة (24) من القانون حول كركوك. وهذا اول قانون يقسّم محافظة من محافظات العراق على اسس اثنية، ويوزع السلطات فيها وفقاً لذلك، مما يضع بداية خطرة لتقسيم محافظات اخرى، على اساس اثني هذه المرة، وربما على اساس طائفي في مرات اخرى. وخطورة هذا الوضع تكمن بما يوّلده من تداعيات تهدد الوحدة الوطنية، وينسف الجهد الذي بذله ويبذله المخلصون في المحافظة على النسيج الوطني والاجتماعي العراقي، الذي تحترم فيه الخصوصيات، ويقر فيه الجميع على ان التنوّع الاثني والديني والفكري في العراق هو ثراء وغنى للمجتمع وليس عامل اضعاف وانقسام وصراع.
ليس هذا وحسب بل ان الفقرة ثالثاً من المادة (24) تثير القلق لانها تشير الى استقدام وحدات عسكرية من جنوب ووسط العراق لمسك الملف الامني في المدينة، وتبيّن هذه النقطة عدم ثقة المصوتين بالوحدات الوطنية التي تشكلت في المدينة، والتي اشترك فيها ابناء المحافظة من كل القوميات والاديان هذا من جانب. ومن جانب اخر تثير حفيظة الكرد الذين ما زالوا يستذكرون سنوات القمع السابقة .
ان التصويت السري على الفقرة (24) الخاصة بكركوك، دون ان يُصار الى اتفاق على التصويت السري هو قرار فردي، دع عنك ان تمرير القانون ووضعه في جدول العمل، بهذه الطريقة، دون التداول داخل هيئة رئاسة البرلمان لا يُضعف الثقة وطريقة العمل المتبعة وحسب، بل انه يُشكل خرقاً للسياق القانوني، كما انه «مخالف لدستور الدولة العراقية»، كما عدّه الكثير من السياسيين والمختصيين العراقيين .
من جهة اخرى، هناك نقاط اخرى خطيرة مُرّرت بالقانون لا تقل اهمية عن قضية كركوك، منها حصة النساء حيث ضمن القانون مشاركتهن بالترشيح فقط دون ان يضمن فوز امرأة بين كل ثلاث فائزين (حسب نظام الكوتا)، كما هي الوجهة التي تبناها السياسيون العراقيون.
أما الفقرة خامساً من المادة (14) من القانون فقد نصّت على ما يلي: ( تمنح المقاعد الشاغرة عند وجودها للقوائم المفتوحة الفائزة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات بحسب نسبة ما حصلت عليه من المقاعد لاستكمال جميع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية). وتعني هذه الفقرة ان يحصر توزيع المقاعد المتبقية – بحسب هذا القانون - بالقوائم الكبيرة فقط، وهو ما يُشكل مصادرة لأصوات الناخبين وتعدياً على حقوق الأقليات والقوائم الصغيرة والمرشحين المستقلين.
وتكمن خطورة الفقرة اعلاه في انها تساهم في تضييق التمثيل، وخنق التنوع، وتحديد المشاركة التي هي الاساس في العملية الديمقراطية، خاصة والعراق يمر بمرحلة انتقالية، يحتاج فيها الى ترسيخ المشاركة وتشجيعها.

وقد وصف العديد من المراقبين هذه الخطوة بالخطرة فيما سمّاها سياسيون بارزون بالانقلاب الكبير على منهج العملية السياسية التوافقي. ومن جانبها وصفت رئاسة إقليم كردستان مصادقة البرلمان العراقي على قانون الانتخابات بأنه عملية سياسية الهدف منها «الانقلاب على الدستور»، معلنة في نفس الوقت عدم التزامها بنتائجها. كما ان الاحداث الدامية التي وقعت في كركوك يوم الاثنين الماضي، والمظاهرات والاحتجاجات التي انطلقت في المحافظات الكوردستانية، والجدل الواسع بين السياسيين حول القانون وطريقة تمريره، كل ذلك يبيّن خطورة هذا القانون واستحالة تطبيقه بصيغته الراهنة، فمجلس الرئاسة سرعان ما نقضه. الامر الذي سيؤدي الى اعادة القانون المذكور، مرة ثانية الى البرلمان كي يقول فيه كلمة اخرى، وبمسؤولية اكبر هذه المرة، وسيتيح ذلك الفرصة مرة اخرى للعراقيين على مختلف انتماءاتهم للمساهمة في صياغة قانون يضمن مصالح الجميع ويعبّر عن تطلعاتهم وامالهم، ويوفر الفرصة لتعديل الفقرة التي تخص المرأة وكذلك توزيع المقاعد المتبقية على اكبر كسر متبقي من الاصوات، وليس لاكبر قائمة، بخلاف منطق الحساب والديمقراطية.



 

free web counter