| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الأحد 28/12/ 2008



الانتخابات وتقنيات التزوير

جاسم الحلفي

إن عمليات التزوير التي رافقت الانتخابات السابقة، ولدت خيبة أمل، وأنتجت ردة فعل سلبية من المشاركة في الانتخابات المقبلة. والسؤال عن جدوى المساهمة فيها، ان زورت لازال يراود الكثير.

ويبدو ان فرسان تزوير إرادة المواطنين وتزييفها، لا زالوا يلهثون نحو مواقع السلطة والنفوذ ليس عبر الحملات الانتخابية وإطلاق البرامج، بل بالإفساد والتزوير، مطلقين على الفعل المشين الذي ينوون الإقدام عليه بـ"تقنيات الانتخابات".

لكن ان مرت جريمة من مارس تلك "التقنيات" المدانة، دون عقوبات قانونية، فهذا لا يعني ان الناس ستنسى من باع واشترى أصواتهم. فالثقافة القانونية، واحترام الحق الشخصي في الاختيار الديمقراطي، هو وعي ينمو ويترسخ عند العراقيين، إلى جانب وازع الضمير الإنساني، والشعور بالمسؤولية الوطنية، والتمسك بالقوانين والالتزام بالقواعد الانتخابية ما يشكل قوة ردع بوجه المفسدين مهما ابتدعوا من "تقنيات" التزوير وطوروها.

ان المتمسكين بالنزاهة ورفعة الشأن العام يدركون تماما ان التزوير لا ينفذ فقط في يوم الانتخابات، عبر أساليب الضغط والتهديد، والتصويت بالنيابة، والتأشير بالضد من خيارات الذين لا يعرفون طريقة التصويت، واستغفال البسطاء واستغلال مشاعرهم والمتاجرة بأصواتهم، وملء الصناديق بأوراق الاقتراع المتبقية بعد تأشيرها لقوائم خاصة، والتأشير المزدوج على القوائم المنافسة وإسقاطها. ليس يوم الانتخابات فقط هو اليوم الذي ينفذ فيه المفسدون جرائم تزوير الانتخابات وتزييف نتائجها، بل أثناء الحملات الانتخابية أيضا حيث المال السياسي وشراء الذمم، وممارسة الإرهاب الفكري والنفسي وصولا الى تشويه السمعة والتهديد بالتصفيات وتنفيذ جرائم القتل.

ان" تقنيات" تزوير الوثائق الرسمية، والتلاعب في السجل الانتخابي، والإنفاق على الحملات الانتخابية دون إعلان مصادر التمويل، والتلاعب بالمال العام، واستغلال مؤسسات الدولة والمناصب الحكومية في الشأن الانتخابي. ان جميع تلك" التقنيات" سواء التي تنفذ قبل الحملات الانتخابية وإثنائها مرورا الى يوم التصويت حتى مرحلة عد الأصوات وفرزها و إعلان النتائج والمصادقة عليها، باتت مكشوفة للمواطن ومن السهل تمييزها ولا يمكن ان تعبر هذه المرة كما يتصور المفسدون، فأن قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 36 المعدل لسنة 2008، وكذلك النظام المرقم 14 لسنة 2008 الصادر من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. كانا واضحين بما فيه الكفاية لحماية صوت الناخب و معاقبة من تسول له نفسه بممارسة "تقنيات" التزوير و الفساد والتزييف.

ان المدافعين بحزم عن حق المواطنين في اختيار الأصلح والأكفأ والأكثر إخلاصا، هؤلاء الذين وقفوا بشدة ضد عمليات التزوير الكبيرة التي مورست في الانتخابات السابقة، هم اليوم أكثر حزما وأقوى عزما في الوقوف ضد كل أنواع عمليات التزوير المقيتة. وسيسلكون الطرق القانونية ويلجئون الى القضاء لمقاضاة المفسدين ان أقدموا على أي ممارسة تخل بقانون الانتخابات وقواعده.

اما المواطن المتطلع نحو الدولة المدنية الحديثة، والمؤسسات العصرية، الدولة التي يحترم الإنسان فيها وتصان كرامته، الدولة التي تؤمن التعليم والطبابة والعمل للجميع، سوف يشارك في العملية الانتخابية ويسهم في أي عمل يمكنه من حماية الانتخابات من كل شائبة تفسدها.
فلا سبيل أمام القوى الديمقراطية وجماهير شعبنا في العراق الا الإسهام بقوة والمشاركة الواسعة لبناء وطنهم الديمقراطي المزدهر.
 


 

free web counter