| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 28/1/ 2010

 

فساد وضحايا

جاسم الحلفي

لم تمض ساعات قليلة على تصريحات "مسؤول " امني كبير في العراق، زكـّى فيها كفاءة أجهزة كشف المتفجرات، حتى هزّت قلب بغداد ثلاثة إنفجارات كبيرة استهدفت ثلاثة فنادق فيها، ما جعل تبريرات الـ"مسؤول" مضحكة ومبكية في آن.

حماسة " المسؤول " التي عرض فيها قدرات جهاز كشف المتفجرات وحسناته، وطريقة دفاعه عن البطاقات الذكية، وتكنولوجيا الجهاز، وكأنه صاحب براءة الاختراع، ودعايته للجهاز ، فاقت ادعاءات "جيم ماكورميك" مدير شركة "ايه تي اس سي" البريطانية، المنتجة والمصدرة للجهاز، والتي ذكر فيها أن الجهاز يعمل من خلال بطاقات مبرمجة، لها قدرة على كشف المتفجرات.

لا شيء يدعو للاستغراب حينما تستجوب الحكومة البريطانية مدير الشركة المنتجة والمتعاقدة على تصدير هذه الأجهزة الى العراق، بتهمة الاحتيال، ويبقى "المسؤول"، الذي تعاقد واستورد هذه الأجهزة، التي كلفت العراق ضحايا وأموالا، دون ان تؤدي الغرض، يبقى طليقا يصرح بحسنات هذا الجهاز، الذي مرت من تحت إشارته تفجيرات أربعاء الرماد والأحد الدامي والثلاثاء الأسود و...

بالتأكيد إن أمرا ما دفع " المسؤول" لنفي تهمة عدم كفاءة جهاز كشف المتفجرات، ولا اظن ان هناك سرا ما يبقى مخفيا وراء تأكيدات المسؤول عن قدرات هذه الأجهزة. وقد يبدو ان السر يكمن بمفارقات سعر التعاقد، الذي تجاوز خمسة إضعاف سعره الحقيقي كما يشاع. أما كفاءة الجهاز من عدمها، فليس هذا ما يشغل بال المسؤول، فالكفاءة أصبحت مادة للتندر من قبل كل مواطن يمرر عليه الجهاز المذكور.

ومن هنا تتضح استباحة المال العام ورخص الدم العراقي، عند هؤلاء. ان مقولة "الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة" لخصت بشكل جلي حقيقة الوحدة العضوية بين الجانبين، ووحدة طريقة فعلهما المشين في سفك الدماء وإهدار المال، ولم تفرق بين الإرهابي والفاسد.

المفارقة: حظرت الحكومة البريطانية تصدير هذه الأجهزة إلى العراق كونها "تهدد بإصابة جنود بريطانيين وجنود آخرين من القوات الصديقة"، ولم نسمع قرارا حكوميا عراقياً بإرجاعها من حيث جيء بها، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الصفقة موضع الشك والتساؤل! المؤلم في كل ذلك، الدم العراقي الذي ينزف، والمال العام الذي يهدر.

free web counter