| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 23/10/ 2008



إسناد مؤسسات الدولة مسؤولية وطنية

جاسم الحلفي

لا يمكن تصور بناء الدولة بمعزل عن مشاركة مواطنيها في الشأن العام. وتعد مساهمتهم أساسية ومطلوبة، خاصة في البلدان التي تمر بظروف استثنائية مثل بلدنا، حيث ما زالت الدولة تواجه مهمات انجاز المرحلة الانتقالية من حيث بنائها واستكمال عملية تأسيس مؤسساتها الدستورية.

كما لابد من الإشارة إلى ان الصراع حول مستقبل الدولة ودورها وهويتها لم يحسم بشكل نهائي بعد، حيث لاتزال الإحكام الانتقالية المثبتة في الدستور سارية المفعول. كل هذا يجري في وقت يشتد فيه الصراع بين القوى السياسية، وخصوصا المتنفذة منها، حول السلطة والنفوذ، ويتخذ هذا الصراع إشكالا متنوعة.

وبطبيعة الحال، لا يغيب دور المواطن عن هذا الصراع. فهناك من يتحدث عن حقوقه، وما ينبغي على الحكومة تقديمه له من آمان وخدمات وفرص عمل، وهناك من يعدد واجبات المواطن ومسؤولياته تجاه الدولة. ليس هناك شك بأهمية دور المواطن وواجباته تجاه بلده، لكن السؤال هو: كيف يمكن للحكومة إشراك الناس في دعم وإسناد عملية بناء الدولة، في خضم الصراع الدائر حول شكلها ومضمونها؟

ان استنهاض المواطنين وتعبئتهم في عمليات بناء مؤسسات الدولة وإسنادها يتحقق عبر بناء الثقة بالدولة وأجهزتها، كي يشعر المواطنون بانتمائهم لها، وان مؤسساتها مفتوحة للكفء منهم بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه واتجاهه السياسي ووضعه الاجتماعي - الاقتصادي. وحين ذلك يقوم المواطن بواجبه الأساسي في إسناد الدولة وعبر مؤسساتها الحديثة، عبر الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات والمنتديات الاجتماعية، هذا اذا كان الهدف هو بناء مؤسسات الدولة العصرية.

ولا شك ان المواطنين سيلعبون دورهم في هذه العملية في حال إشراكهم على أسس تعتمد المواطنة قولا وفعلا، بعيدا عن الاستقطاب السياسي والطائفي، وبعيدا عن توظيف المال العام واستثماره سياسيا. وبعيدا عن تجاذبات اللعبة الانتخابية واستحقاقاتها، فأن انتخابات مجالس المحافظات التي هي مهمة كبيرة، يتوجب على الحكومة ان تهيئ مستلزماتها، على أحسن ما يكون، وان تظهر فيها الحيادية بوضوح، وان تجعل الإنصاف متطلبا أساسيا في بناء الثقة والمصداقية، وأن تكون النزاهة عنوانا كبيرا لضمان انجاز هذه الانتخابات في أفضل الظروف.

ومن جهة أخرى لا يمكن إغفال البنى التقليدية في المجتمع وما يمكن ان تلعبه من دور معين في استتباب الأمن والنظام العام. وفي هذا المجال لا بد من الإشادة بما لعبته العشائر في مجالس الصحوات ومحاصرتها للارهابين، ومساعدة الدولة في تقليص مساحة انتشارهم. ومن المؤكد ان هذا النجاح لم يكن ممكنا انجازه لولا شعور المواطنين بخطورة الإرهابيين على البلاد، وكذلك دعم الحكومة ورعايتها لرجال الصحوات، واعترافها بإمكانياتهم، الأمر الذي دعاها الى اعتماد برنامج دمجهم في المؤسسات العسكرية للدولة، كي يؤدوا واجبهم بما ينسجم مع متطلبات المؤسساتية، وبعيدا عن أي منحى قد يفهم منه إبقاء سلاح بعيدا عن مؤسسات الدولة. ومن هذا الباب لا تبدو أي فكرة تذهب نحو تشكيل مجالس أخرى لفرض الأمن والقانون مقنعة.

ان من أولويات سيادة القانون احترام المؤسسات الدستورية وعدم التدخل بشؤونها، وعدم فسح المجال أمام أي جهة تفرض " قانونها " الخاص او تطبق القانون بعيدا عن ذاك الذي اصطفاه ممثلو الشعب.


 

free web counter