| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 22/4/ 2010

 

خبران... ودلالة واحدة

جاسم الحلفي

خبران غير اعتياديين احتلا صدارة وسائل الإعلام يوم 19/4/2010. كلاهما يمتلك مقومات "الخبر الأول" دون سواه، فالمفاضلة تصعب بين قرار الهيئة القضائية القاضي بإعادة العد والفرز اليدوي في محافظة بغداد، وتصفية زعيمي الإرهاب في العراق (ابو أيوب المصري و ابو عمر البغدادي)، كما أعلن ذلك السيد رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي خاص بهذه المناسبة.

قد يبدو للوهلة الأولى أن لا شيء يربط هذين الخبرين بصورة مباشرة. لكن تصفية هذين الإرهابيين يساهم في تضييق الخناق على تنظيم القاعدة ومشروعها التدميري في العراق، ويساهم، من جانب آخر، في تعزيز الثقة في مستقبل النظام السياسي الجديد في العراق. فيما تساهم إعادة العد والفرز اليدوي، ببناء الثقة بالقضاء العراقي، والذي يحرص على حماية أصوات الناخبين، الأمر الذي يعزز القناعة بان طريق الديمقراطية الذي يسلكه العراق لا بد ان يفضي الى نجاح، مادام الساسة العراقيون يسلكون الطرق القانونية التي تسمح بها حدود القانون، واليات إدارة الانتخابات.

صحيح انه بمقتل البغدادي والمصري لن يحط الإرهاب رحاله خارج العراق، فشراذم الإرهابيين ستواصل تنفيذ جرائمها، ما دام هناك مشروع يراد به إرجاع العراق الى عهد الدكتاتورية والاستبداد. لكن – مع ذلك – يؤشر هذا الحدث المهم الى انه لا مستقبل للإرهاب في العراق. بالمقابل فانه لصحيح أيضا ان إعادة العد والفرز في بغداد ليس هو الحل الكافي، ولا يحمل الجواب الشافي عن كل أشكال الانتهاكات التي شهدتها الانتخابات، لكنه قرار مطمئن، الى حد، كونه جاء اعترافاً واضحاً بانتهاكات واسعة بحيث لا يمكن تمريرها بالسهولة التي توقعها البعض.

حين يستبشر المرء بإعادة العد والفرز، فانه من السذاجة توقع حدوث تغيير كبير، فالتزوير الذي مورس بطرق عديدة ومتنوعة، يصعب معالجته بإجراء واحد فقط. قد لا تتغير نتائج الانتخابات بشكل جوهري، لكن ستظهر، بالتأكيد، حقيقة أرقام لم تحسب، فيما سيتم كشف الغش في أرقام أخرى. فالمطالبة بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لا تنطلق من طمع في مقعد ما، بل هي واجب وطني وديمقراطي، يطمح الى ترسيخ أسلوب عمل سياسي يؤمن التداول السلمي للسلطة، وليس طريقا يتم تلويثه ونسفه، عملياً، من اجل الوثوب الى السلطة والانقلاب على المجتمع وسد الطريق أمام الديمقراطية، كما هو مشروع القوى الإرهابية بمختلف تلاوينها.

ان ملاحقة الإرهابيين هي واجب وطني وأخلاقي، وهو مسؤولية كبيرة تحتل المساحة ذاتها التي تحتلها ملاحقة الفاسدين والمتلاعبين بقوت الشعب وخيرات الوطن وأصوات الناخبين.

 

 

 

free web counter