|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 21/6/ 2012                                                           جاسم الحلفي                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

مفارقات الانتخابات والمحاكم

جاسم الحلفي

لم يمنع الوضع المتأزم في مصر، الناجم عن صراع القوى السياسية على ثمار ثورة 25 يناير، المحكمة الدستورية من ان تحكم ببطلان الثلث الفردي في انتخابات مجلس

الشعب، حسب ما اعلن المستشار ماهر سامي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والناطق باسمها. وجاء هذا الحكم ليؤكد مرة اخرى قوة القضاء المصري واستقلاليته، وهو الذي سبق ان حكم بعدم دستورية انتخابات 1987، فاضطر نظام مبارك الى حل البرلمان المنبثق عنها، وإن ماطل في تنفيذ الحكم ولم ينفذه إلا عام 1990.

لم يتراجع القضاء المصري امام قوة ونفوذ بعض الجهات السياسية، واستغلاها حالة الانفلات والفوضى، للاستحواذ على مقاعد برلمانية ليست من حقها. فكان القانون وحده المعيار في اصدار الحكم بعدم دستورية القوانين، التي اجريت الانتخابات وفقا لها. وبناء عليه فان تكوين البرلمان كله "باطل منذ انتخابه، والحكم نافذ دون حاجة إلى إجراءات أخرى لتنفيذه وفقا لقانون المحكمة، مما يعني حل البرلمان فورا"، كما جاء في نص قرار المحكمة.

وحين ننتقل من حكم المحكمة الدستورية المصرية، الى حكم القضاء العراقي في الدعوى التي اقامها الحزب الشيوعي العراقي والاتحاد الاسلامي الكردستاني امام المحكمة الاتحادية، عشية انتخابات آذار 2010، نجد ان الحكم اكد حقهما في المقاعد التعويضية. ما يعنى ان الاصوات التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي مثلا، في تلك الانتخابات، كانت تؤهله للحصول على مقعدين في مجلس النواب.

لكن الاستدراك الغريب الذي تضمنه قرار المحكمة : "على ان لا ينفذ (اي الحكم) في هذه الدورة الانتخابية، ويمكن ان ينفذ في الدورات الانتخابية المقبلة" جرد القرار على الجانب الآخر من فاعليته المباشرة، وانتقص من عدالته. فهو، وقد جاء لإحقاق الحق، وبشرنا باستقلالية القضاء العراقي، لم يكتمل كما في الحالة المصرية، واصبح مثل الحكم بحقنا في مُلكٍ لنا، استولى عليه شخص آخر ظلما، من دون اجبار هذا الشخص على اعادته الينا، وتأجيل ذلك الى المستقبل!

لقد ادام الحكم شعورنا العميق بالغبن، حين أبقى أصواتنا المسروقة تحت تصرف الكتل المتنفذة، التي حولتها - استنادا الى المادة الثالثة من قانون الانتخابات المعدل رقم 26 لسنة 2009، المطعون فيه من أكثر من جانب - الى "نواب" من منتسبيها لم يصوت احد لهم! نواب فرضوا باصواتنا المسروقة، وظلوا وما زالوا يمثلوننا رغما عنا، ولفترة تشريعية كاملة!

وهذا يعني ان المحكمة الاتحادية منحتهم فرصة لا يستحقونها، وصيّرتهم نوابا باصواتنا، رغم اننا صوتنا لقناعاتنا برفض المحاصصة والانقسام والتشرذم!

لكن عدم دستورية قانون انتخابات مجلس النواب المعدل، لم يكن الثغرة الوحيدة في انتخاباتنا البرلمانية في آذار 2010. بل رافقته شتى صور التزوير وتقنياته، واستخدام المال السياسي، واستغلال المناصب في الدولة ووسائلها في الدعاية الانتخابية، وشراء الذمم والأصوات، وحتى الاغتيالات وحرق مقرات الأحزاب المنافسة، فضلا عن التدخل الإقليمي والدولي!

فهذه كلها كانت افعالا غير قانونية، وبعضها جرمي، وقد غضت المفوضية العليا المستقلة للانتخبات الطرف عنها، ولم تتخذ أي إجراء ضد القوى التي انتهكت العملية الانتخابية. واتاح ذلك للكتل المتنفذة الهيمنة على البرلمان، وتقاسم السلطة في ما بينها على وفق المحاصصة الطائفية والاثنية!  وفي هذه المحاصصة يكمن اساس ازمة النظام الراهنة المستفحلة، والتي لا فكاك منها الا باجراء انتخابات مبكرة، يقول فيها المواطنون كلمتهم الواضحة الصريحة، والمعبرة عن ارادتهم الحرة.

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter