| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الأربعاء 21/10/ 2009

 

الغياب والحضور في مؤتمر القوى الديمقراطية

جاسم الحلفي

التأم مؤتمر القوى والشخصيات الديمقراطية يوم 16/10/2009 في بغداد، وهو خطوة على الطريق الصحيح لتنسيق جهود القوى والشخصيات الديمقراطية واستنهاضها كي تأخذ دورها المنشود في إحداث التغييرات المطلوبة بشأن شكل الدولة ومحتواها، حيث يدور الصراع بين القوى السياسية من اجل رسم مستقبل العراق الجديد. والشيء الايجابي في هذا المؤتمر هو قدرة منظميه على عقده وتنظيمه اعتمادا على الإمكانيات الذاتية والتمويل الذاتي والتبرعات التي جادت بها بعض القوى التي ساهمت في المؤتمر، دون طلب أي دعم من أي جهة خارج حدود المؤتمرين. فالبساطة هي التي طبعت المؤتمر وميّزته عن المؤتمرات التي تعقد هذه الأيام حيث يسود فيها البذخ والصرف دون ان تعرف مصادر التمويل.

وكي نضع المؤتمر في نصابه الصحيح، تجدر الإشارة الى انه لم يكن المؤتمر الأول للقوى الديمقراطية، وليس هو المؤتمر الاستثنائي لها، انما هو نشاط آخر جاء عقب عدد من الفعاليات والاجتماعات واللقاءات التحضيرية، اشترك فيها، الى جانب لجنة التنسيق عدد من الأصدقاء الذين كانت لملاحظاتهم وحضورهم وتشجيعهم عوامل ساعدت على المضي بعقده رغم المصاعب. ومن المناسب الإشارة الى ان أكثر من عشرة اجتماعات عقدتها لجنة التنسيق في بغداد مع العشرات من الشخصيات السياسية والأكاديمية والفنية والثقافية والنقابية والنسوية والشبابية ومن ناشطي منظمات المجتمع المدني من النساء والرجال. فيما كانت قضية إشراك ممثلي المحافظات في هذا النشاط احد أهم القضايا التي شغلت لجنة التنسيق أثناء التحضيرات لعقد المؤتمر.

لم يكن هدف المؤتمر الأساسي هو الخروج بقائمة انتخابية، فالمؤتمر ليس تتويجا لنشاط انتخابي، رغم ان الانتخابات كانت حاضرة في جدول أعماله بقوة، وعقدت من اجلها ثلاث ورش عمل من أصل أربعة. ويمكن القول ان المؤتمر بحث إمكانية وكيفية اشتراك الديمقراطيين في الانتخابات. فالانتخابات هي محطة مهمة لا بد من التوقف عندها. فالأمر لا يتعلق بتحديد موقف من الاشتراك او عدمه، وإنما كان السؤال المهم يتعلق بالكيفية التي يشترك فيها الديمقراطيون في الانتخابات. وكان الاتجاه العام للنقاش يؤكد على أهمية خوض الانتخابات في قائمة واحدة، توضح برنامج وهوية الديمقراطيين وخطابهم.

ويبدو ان بعض المساهمين في لجنة التنسيق كان لهم رأي آخر لم يطرحوه حينها، وهو رغبتهم في الانضمام الى قوائم أخرى. وفوجئنا لاحقا باشتراكهم في هذه القائمة او تلك. وفي هذا الصدد يهمنا التأكيد هنا على ان لكل حزب الحق في اتخاذ القرار المناسب له، وهذا أمر طبيعي ويجب تفهمه، لكن كان من الأصوب إشعار حلفائهم وأصدقائهم قبل فترة مناسبة بهذه القرارات، لاسيما وان اللقاءات كانت تعقدها السكرتارية بانتظام فضلا عن الاتصالات اليومية التي يتم التداول فيها بأخر المستجدات والتطورات.

لقد بذلت خلال الأشهر الماضية جهود طيبةً لتنسيق عمل القوى والشخصيات الديمقراطية، ويتطلب الأمر الاستمرار في بذل المزيد من النشاط حتى يتضح الدور الطبيعي والريادي للقوى الديمقراطية. فلا مناص من مواصلة العمل الجاد والمنظم والمسؤول، وعدم الجزع، والقنوط أمام العوائق والصعوبات وهي كثيرة، منها المعاناة الطويلة لهذه القوى وأشكال الأضطهاد بالغة القسوة التي تعرضت لها، وما أصاب حاضنتها الاجتماعية من ضعف إبان العهد الدكتاتوري، والتداعيات التي خلفها الاحتلال والمحاصصة والطائفية السياسية والإرهاب، وكذلك الصعوبات الذاتية من قبيل عدم توحدها ضمن إطار انتخابي، والموسمية في عملها والابتعاد عن الواقع وتعقيداته، وقبول البعض بأي مكان يحدد لهم في قوائم الآخرين، دون التواضع مع إخوتهم في الاتجاه، وكذلك مشكلة قلة الإمكانيات وغياب الدعم، بما فيه الدعم الإعلامي. فلا عجب ان حوصر المؤتمر إعلاميا، فالمهيمنون على وسائل الإعلام ومالكوه لم يرق لهم بث مشهد صحيح يبشر بالأمل، ربما بفعل خوفهم من بروز بديل يتشكل بثقة وعلى مهل.

حين نتمسك بنهج العراق الديمقراطي، نعرف ان لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين، ونعرف ضرورة تحديد الهوية وتوضيح البرامج وقبول التحدي وخوض النزال بشجاعة وبنفس طويل، فالصعوبات التي تعترض الطريق كبيرة. لكن لا بد من الخطوة الأولى التي تمضي بنا في الاتجاه الصحيح، من أجل استعادة التيار الديمقراطي عافيته واحتلاله المكانة اللائقة به وبجذوره العميقة في الواقع العراقي.

 

 

free web counter