| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الأربعاء 18/11/ 2009

 

اعتراف متأخر بانتهاكات انتخابية

جاسم الحلفي

كشف الدكتور فريد أيار عضو مجلس المفوضية العليا للانتخابات السابق عن أرقام مضلله وأموال كبيرة أهدرت، في الانتخابات التي جرت بداية ونهاية عام 2005. والغريب في الأمر هو تجاهل وسائل الإعلام لذلك. ربما يكون انتشار أخبار الفساد والغش والتضليل في العراق بشكل واسع، قد حال دون التوقف عند هذا التصريح المثير والتعامل معه بالجدية والمسؤولية المطلوبة كما يجب. والملفت ان الاتهامات هذه وثقها الدكتور أيار بدقة، سيما و انه احد المسؤولين الأساسيين عن أداء المفوضية وعلاقتها بالأمم المتحدة وبمنظمة الهجرة الدولية وتعاقداتها.

ويبدو ان ما كشف لغاية هذه اللحظة من معلومات هو غيض من فيض، ولا يشكل إلا جزءا ضئيلا من الانتهاكات التي رافقت جميع العمليات الانتخابية، وشملت أنواع عديدة من طرق التزوير وتقنياته، واستخدام المال السياسي، واستغلال مناصب الدولة ووسائلها في الدعاية الانتخابية، والتدخل الإقليمي والدولي، وشراء الذمم والأصوات مرورا بالاغتيالات وحرق مقرات الأحزاب المنافسة، تلك الجرائم التي غضت المفوضية الطرف عنها، ولم تتخذ أي إجراء بصدد القوى التي انتهكت العمليات الانتخابية.

لقد تأخر الدكتور أيار أكثر من أربع سنوات في كشف ما بحوزته من معطيات، لكنه قدم مع ذلك اعترافا أوليا خطيرا، ونتطلع ان يحذو الآخرون الذين عملوا ويعملون الآن في المفوضية حذوه، حيث أدان الاستهتار بأعداد الناخبين والخفة وعدم المسؤولية في إنفاق الأموال المخصصة للانتخابات، وتسجيل حالات فاضحة من الفساد وتوظيف الكوادر من طيف سياسي معين، وتعيين الأقرباء وأفراد العائلة، وأملاءات بعض الزعماء السياسيين، وتدخلاتهم في شؤون المفوضية مما افقدها الحيادية والشفافية والعلنية والوضوح.

خطورة إخفاء المعلومات تكمن في تسترها الواضح على تلك الجرائم، والانتهاكات المخلة، الذي حال دون تقديم منفذيها الى القضاء لإدانتهم. ولو تم الإعلان عنها في وقتها المحدد، او في وقت لاحق من حدوثها على اقل تقدير، لشكلت دعما وسندا آخر بيد المراقبين المحليين والإعلاميين العراقيين الذين راقبوا العلمية الانتخابية وقدموا تقارير امتازت بالمهنية، وأشرت بشجاعة على الانتهاكات دون خوف او وجل. بدافع الحرص على صوت الناخب، والمسوؤلية الوطنية في ترسيخ الخطوة الأولى في التوجه الديمقراطي للعراق الجديد. ووضع حد لفرسان الجرائم الانتخابية من المضي في غيهم.

ليست المفوضية وحدها المسؤولة عن تلك الانتهاكات، وانما يشاركها في ذلك كل زعيم سياسي او مسؤول في الدولة، وكل شخص وجه او نفذ او ساهم، بشكل مباشر او غير مباشر، في منع المواطنين من إبداء رأيهم، واختيار ممثليهم بحرية دون إكراه او إغراء، وكل من أساء للعملية الانتخابية وشوه صورتها، وساهم في سرقة أصوات الناخبين، ومهما كان الدافع والتوجه.

ان الحرص على مشاركة المواطن وتنميتها هو موقف ايجابي، مناهض للأتكالية والسلبية، وكل مساهم في تشريع يتيح الاستحواذ على أصوات الناخبين انما هو مشارك في تزييف إرادة المواطنين والتضييق على حرية الاختيار.

على المواطن، وبعد ان مرت عليه تجارب التزييف والتزوير والضغط والإرهاب الفكري ان يحسن اختياره في التصويت لمن لم يمارس الانتهاكات والفساد والارتهان لغير العراق.





 

 

free web counter