| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 18/3/ 2010

 

تنفيذ الوعود الانتخابية ام توزيع الغنائم

جاسم الحلفي

لم ينتظر بعض زعماء الكتل المتنفذه كثيرا كي يعلنوا فوزهم! بل مباشرة وبعد انتهاء الاقتراع انبرى كل منهم للحديث عن عدد الأصوات والنسبة التي حصلت عليها كتلته. ولو اعتمدت هذه الأرقام وتم تقسيم المقاعد الانتخابية في ضوئها لظهر ان عدد المقاعد سيتجاوز الـ 500 مقعداً. وما ان استقرت آخر ورقة في صندوق الاقتراع حتى بدأت وفودهم تتزاور من اجل ترتيب تحالفات الحكم، وبسرعة فاقت مغزى رسائلهم التي عبّروها لبعضهم، فالجميع يسعى إلى الحكم، وليس هناك من رغبة للبقاء في المعارضة، فموقع المعارضة خال من الصفقات والعقود. ويبدو ان الحكومة ليس لها تفسير آخر في العراق غير السلطة والوجاهة والنفوذ والمال الوفير !.

فهذا لا يخفي رغبته بمنصب رئاسة الوزراء، وذاك يسعى الى منصب رئيس الجمهورية بشتى الطرق ومنها المحاصصة المشؤومة مرة أخرى، وهناك من يساوم كي يحظى بموقع رئيس البرلمان. فهذه المشاغل، وليست غيرها، هي التي اهتم بها عدد من قادة القوائم الكبيرة الفائزة ويبدو انها ستشغلهم طوال الأشهر القادمة. ومن المتوقع انهم سيلجأون الى لعبة عض أصابع بعضهم البعض، بانتظار من سينسحب، ويبدو ان الصراع حول المناصب سوف لا ينحصر بين القوائم، بل سيظهر بشكل واضح في إطار كل قائمة بحد ذاتها.

نعرف ان البرامج لم تكن الأساس في تشكيل القوائم الكبيرة، وإنما كان التطلع الى إشغال مواقع السلطة والنفوذ، والحصول على الحصة المضمونة من كعكة السلطة، احد العوامل الأساسية في تشكيل القوائم، ولم تكن الخدمات وتوفيرها، والقضاء على الفساد، وإنهاء المحاصصة، وبناء الدولة المدنية، دولة المواطنة والمؤسسات، وتأكيد الهوية الوطنية العراقية كأساس بدلا من الهويات الفرعية، ليست تلك الأهداف النبيلة هي شاغل المتنفذين هذه الأيام، كما توهم الكثيرون بالصياغات البراقة التي تضمنتها البرامج.

ان السرعة التي وصل بها بعض زعماء الكتل الفائزة الى أربيل بهدف ترتيب أوراق توزيع المغانم تقابلها سرعة مخفية تسير نحو تفكيك الكتل ذاتها حين يتزاحم زعماؤها على المناصب في إطار الكتلة ذاتها. اما المواطن ، وحسب ذهنية الكتل الكبيرة، فقد انتهى دوره في الدقيقة التي رمى فيها ورقة الاقتراع، بعد ان نجحوا بتمرير شعارات براقة، لو صدقناها لكذبنا واقعنا اليومي المر الذي نعيشه من جراء حكمهم الذي امتد كل هذه السنوات. فالوعود المعسولة لا تصمد أمام انقطاع الماء عن جانب الرصافة في بغداد ثلاثة أيام بعد عدة أيام فقط من يوم الاقتراع، والخطابات الرنانة أنحرست أمام الفساد الذي لا ينتهي رغم افتضاح اختلاس ثلاثة مليارات دينار عراقي في كربلاء بعد اسبوع واحد من يوم الاقتراع.

لم يسلكوا طريق الشعارات فقط في إيهام المواطن، بل مارسوا كل الخدع، والحيل، من شراء الأصوات الى بيع الوعود البراقة، والشد الطائفي، وإثارة المخاوف، واستغلال المناصب، فضلا عن قانون الانتخابات الذي يبيح سرقة الأصوات والاستحواذ عليها. أدار بعض الزعماء الكبار ظهورهم للمواطن، ولم يلتفتوا إليه، وسيعودون للقائه بعد اربع سنوات حيث سيحتاجون لصوته مرة أخرى، وكي يكون مطواعاً لهم كالمعتاد، فالأمية أسهل لهم لتمرير الخديعة، والجهل اقصر طريق للغش، والمرض أوسع باب للحاجة، والفقر اكبر منفذ لشراء الأصوات الرخيصة.

غاب عن أذهان هؤلاء الزعماء ان الرهان على نيل الحقوق، التي لا بد أن تنتزع، يتطلب مواصلة كشف الحقيقة، وبث الوعي الصحيح، وخوض النضال في معارك وجولات قادمة، من اجل تامين الخيار الأفضل الذي يستحقه شعبنا.

فالرهان على عقل المواطن والتي تعد سعادته وصحته وتوفير فرص العمل له وتعليمه هو أسمى هدف، هو رهان القوى التي ربطت مستقبلها بالدفاع عن الإنسان وصون كرامته، التي ستواصل طرق أبواب الناس والأخذ بيدهم من اجل الدفاع عن حقوقهم ومعهم ستلاحق الوعود الانتخابية.




 

 

free web counter