| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 18/6/ 2009

 

قانون الأحزاب وضمان الخيارات الديمقراطية

جاسم الحلفي

لم تعد موضوعة إجراء انتخابات أخرى في العراق بدون تشريع قانون الأحزاب مقبولة من طرف الحريصين على مستقبل الديمقراطية في العراق. ولا يتعلق الأمر هنا بضبط العملية الانتخابية وتخليصها من النواقص والأخطاء والانتهاكات التي حصلت فيها فحسب، وإنما من اجل بناء نظام ديمقراطي متين، فليس هناك نظام ديمقراطي حقيقي بدون أحزاب سياسية شرعية ناشطة في المجتمع. كما ان من أولويات هذا النظام هو توفير مستلزمات نشاط الأحزاب السياسية، ويأتي في مقدمة ذلك تشريع قانون للأحزاب ينظم دورها ويحدد واجباتها في النظام الديمقراطي.

ورغم إجراء عدد من الانتخابات التشريعية على المستوى الوطني والمحلي، غير ان العمل الحزبي في العراق ما زال دون قانون ينظمه. وعندما يتمعن المرء في اللوحة السياسية العراقية، لا يستطيع إحصاء الأحزاب السياسية التي تعلن عن وجودها في هذه المناسبة او تلك، والتي تتشابه عندها الأسماء في أكثر الأحيان. وبحسب معطيات سجلات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، هناك أكثر من 500 كيان سياسي مسجلة لديها.

وهذا يدل على ان هناك عدم استقرار وثبات للوضع الحزبي في العراق، وهو تعبير عن فوضى واضطراب. وهذا ما ينبغي معالجته لان بقاء الوضع كما هو عليه الآن هو إسهام في الإساءة للعمل الحزبي الحقيقي، فما جدوى تشتت وتشرذم كل هذه التنظيمات التي لا يحمل الكثير منها من موضوعة الحزب السياسي سوى الاسم دون الوجود الحقيقي المعبر عنه بتنظيم محدد وبرنامج معلن ونشاط حقيقي ملموس.

صحيح أن هناك لافتات ترفع أثناء الحملات الانتخابية، ويعلن من خلالها عن أسماء أحزاب سياسية، ولكنها بهذا المعنى ليست سوى تكتلات انتخابية، تستجيب للنزعة الشخصية والزعامة الفردية للطامحين نحو السلطة والنفوذ، تلك التكتلات التي ليس لها نشاط يذكر خارج الحملات الانتخابية، دع عنك افتقارها للجهد الفكري الذي يدرس الواقع ويحلله ويقدم بدائل تهدف الى تغيير هذا الواقع وحل مشكلاته. ومن هنا تعد قضية إصدار قانون للأحزاب في غاية الأهمية، بل أصبحت أكثر إلحاحا لأكثر من سبب، يأتي في مقدمتها ضرورة تنظيم العمل الحزبي وفق معايير عملية ومنهجية وقانونية، كذلك موضوعة ضبط تمويل الأحزاب، ومنع التمويل الخارجي عنها، واعتماد التمويل الذاتي فقط من خلال اشتراكات منتسبيها، وتبرعات مناصريها، وريع مشاريعها، هذا فضلا عن دعم الدولة ووفق معايير عادلة منها مثلا الدعم حسب عدد الأصوات او عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب السياسي في الانتخابات.

من جهة أخرى يجب ان تكون شروط وإجراءات تأسيس الأحزاب السياسية بسيطة وواضحة وغير معقده وتنطلق من المضامين الديمقراطية للدستور، وتخلو من أي قيود على حرية تكوين الأحزاب وممارسة نشاطها، وتضمن التعددية الحزبية كي يتم وضع العمل الحزبي في موقعه الصحيح. وإضافة لذلك فان مثل هذه الخطوة ستضع حداً للتشويهات التي لحقت بالعمل الحزبي، وتبعد المخاوف غير المشروعة من دور الأحزاب، وتعيد الاعتبار للعمل الحزبي بعد ان تم تشويهه، سواء الذي كان سائدا قبل التغيير حيث اتسم الانتماء الحزبي بالترغيب والترهيب، او تلك الممارسات التي أنتجتها سياسة المحاصصة، وتوزيع المناصب والامتيازات على أساس الولاء الطائفي والعشائري، وكونت تبعا لذلك أحزاب هي اقرب الى تجمعات معبرة عن مصالح طائفية وعشائرية.

وإضافة لذلك لا بد من تضمين شروط منح الحزب إجازة ممارسة النشاط السياسي، التي تكون موضوعة تبني الديمقراطية فكرا وممارسة في مقدمتها. فمن جهة يجب تضمين القانون وجوب الالتزام بمضمون الدستور، وبأسس الدولة المدنية وحقوق المواطنة ومقومات المجتمع الديمقراطي، وتعزيز حقوق الإنسان، ونبذ الشوفينية والتعصب والطائفية وكل فكر ينتج عنه العزل والتهميش والاستحواذ وبث الكراهية. ومن جهة ثانية ضرورة تضمين النظام الداخلي آليات تتيح وتسهل ممارسة الديمقراطية في الحياة الحزبية الداخلية للحزب المعني، وذلك بتامين وضمان حرية المناقشة والحوار وإبداء الرأي والاعتراض، فضلا عن المشاركة الفاعلة في عملية صنع القرارات الحزبية، وانتهاءً بحق عضو الحزب في الترشيح للمناصب الحزبية بما فيها القيادية وأهمية عقد مؤتمرات الحزب في الأوقات التي يحددها النظام الداخلي.

ان قانون الأحزاب اهم القوانين في الأنظمة الديمقراطية، فهو الذي يؤكد على اتباع البرامج، بحيث تكون العضوية فيه أمرا متاحا لكل مواطن حسب اتجاهه الفكري، وكما يعبر الحزب المعني عن مصالحة الطبقية وليس حسب الانتماءات الطائفية والعشائرية والاثنية، قانونا يكون فيه ابواب الحزب مشروعة لكل عراقي يريد الانتماء، والعمل التطوعي لتنفيذ البرامج والخيارات الديمقراطية.

 

 

free web counter