| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 16/4/ 2009

 

تجاذبات توزيع المناصب في المحافظات

جاسم الحلفي

أقيمت خلال الأسبوع الحالي وربما تستمر للأيام التالية مراسيم تسنم المناصب المحلية في عدد من المحافظات، ويبدو ان الاستحقاق الانتخابي وما افرز من نتائج كان هو العامل الوحيد في توزيع المناصب، ولم يكن هذا الأمر مستغربا خاصة وان الانتخابات لم تجري على أساس البرامج الخدمية وإنما على أساس سياسي بالدرجة الأولى. فقد كانت الشعارات السياسية العامة هي الأبرز إثناء الحملات الانتخابية، فيما غابت الشعارات التي تستهدف تحسين الخدمات وحسب حاجة المحافظات ومتطلبات المواطنين، من توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب وأعمار الطرق وتوفير فرص العمل وتحسين وضع المستشفيات وإصلاح المدارس.

رافقت مباحثات توزيع المناصب الأساسية في اغلب المحافظات حالة من الاستعصاء، خاصة وان ليس هناك أغلبية ساحقة حققها حزب لوحده وقائمة بحد ذاتها، لذا لجأت القوى الفائزة الى إقامة التحالفات فيما بينها، لكن الغريب في أمر هذه التحالفات التي تم ويتم في ضوئها توزيع المناصب، انها تتبدل بين ليلة وضحاها، لان إقامتها ليس على أساس توافقات برنامجية لخدمة المواطنين، وإنما على أساس الحصول على اكبر حصة من المناصب والمنافع على حساب الآخر. لذلك تشهد بعض المحافظات توترات كبيرة فهناك المظاهرات التي خرجت في واسط مطالبة بعدم التجديد للمحافظ السابق، الذي صرح بالمقابل انه سينظم مظاهرات اكبر تطالب بتثبيته، اما الموصل فتشهد توترا ينذر بتداعيات غير مرغوبة خاصة بعد توزيع المناصب بين إطراف قائمة الحدباء واستبعاد التحالف الكردستاني من أي منصب في المحافظة ما دفع مسؤولي بعض الاقضية والنواحي التابعة لمحافظة الموصل الى التصريح بمقاطعة المحافظ الجديد.

تمضي مراسيم التنصيب بينما يتزايد تذمر المواطنين من ضعف الخدمات وعدم التوقف ازاء معالجته، وهذا ما يزيد من قناعة المواطنين بان صراع الفائزين هدفه السلطة والنفوذ والامتيازات وليس كما تأملوا خيرا بتحسين الاوضاع الخدمية والمعاشية وبما يخفف من الأعباء عن كواهلهم ويعطيهم الأمل بان ممثليهم انما جاءوا لتقديم الخدمات والسهر على راحتهم.

يدور الحديث الذي اليوم هو حول التنافس على توزيع المناصب والمنافع مولدا حالة من الشعور بعدم الارتياح قد يضفي الى خيبة أمل بنتائج الانتخابات في وقت يشهد فيه الوضع اختلالا امنيا في أكثر من مكان، فضلا عن تردي الخدمات التي هي ضعيفة أساسا. وهذا ما يفاقم التذمر والقلق والإحباط عند المواطنيين، خاصة وان الأوضاع السياسية العامة تشهد توترا سياسيا بين الأطراف الحاكمة، التي لم تعد خافية على المواطن الاعتيادي. فاللقاءات بين القوى السياسية تكاد تكون معدومة وان وجدت فتقتصر على المجاملات والشكليات ولا تبحث سبل التعاون دع عنك تحمل المسؤوليات المشتركة. ولم نعد نسمع شيئا عن عمل اهم مؤسسات العمل الوطني والحكومي الكبيرة مثل المجلس السياسي للأمن الوطني, واجتماعات الأحزاب الرباعية والخماسية.

ان كانت نتائج الانتخابات قد أفرزت واقعا اخر وميزان قوى جديد فالأجدر بالقوى الفائزة ان تضع برنامجا يأخذ بالاعتبار حاجات المواطنين الأساسية وفي مقدمتها الأمنية والخدمية وان تضع برامج عمل يستوعب جميع القوى ويجذبها للاشتراك في تحمل المسؤوليات، اما نهج الهيمنة والاستحواذ وإبعاد الآخرين وتهميش دورهم فهو خطر لا يهدد الاستقرار وحده بل يعرقل التوجه نحو التنمية والأعمار.

وفي ظل هذه الأوضاع لا بد للقوى التي تمتلك برامج ان تنشط من اجل أداء واجبها والضغط على أصحاب القرار لتجنيب البلد المزيد من التوتر والمشاكل التي تثقل كاهل المواطن المتطلع الى الأمن والاستقرار والخدمات.


 

free web counter