| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 15/11/ 2007



التحسن الأمني...حتى لا يكون مؤقتاً

جاسم الحلفي

يتلمس المواطنون في العاصمة بغداد تحسناً ملموساً في الوضع الأمني. ومن مؤشرات هذا التحسن انحسار عمليات الخطف والسلب والقتل على أساس طائفي، وتراجع وتيرة التفجيرات والمفخخات، مما خلق أجواءً مشجعة لحركة الناس التي بدأت تزداد يوميا، وهذا ما يشهده المرء بوضوح في الأسواق والمتاجر والساحات والحدائق العامة. وفي هذا الإطار هناك حقيقة واضحة لا ينبغي ان تغيب عن الأذهان، تؤكد على الدور الفاعل للمواطنين ومشاركتهم النوعية في الدفاع عن وطنهم، وإسهامهم بمسؤولية في تحقيق الأمن، انطلاقا من الشعور بواجبات المواطنة، ونبذ العنف وأهمية العيش المشترك. غير ان القلق لايزال ينتاب سكان بغداد، ولهم كل الحق في ذلك، فالسنوات السابقة التي مرت عليهم كانت قاسية ومؤلمة، وتركت مآسي غير قليلة.
ولكي يتبدد القلق ويصبح الانفراج حقائق ثابتة وواقعاً معاشاً، ينبغي على الحكومة ان تجعل من التحسن في الوضع الأمني منطلقا قويا للمضي في تقديم مبادرات تنطلق من المصلحة الوطنية، التي تتطلب حشد كل الجهود وتنسيقها من اجل تحقيق الوحدة الوطنية الحقيقية، فهذه الوحدة لا يمكن ان تثمر دون سياسة واقعية منفتحة على الآخرين، وإشراكهم في عملية صنع القرار الوطني وتنفيذه، وعبر تفعيل سياسة المصالحة الوطنية.
وفي هذا السياق، تأتي أهمية التعاطي الايجابي مع فكرة الوساطة بين الحكومة والمجلس السياسي للمقاومة، الذي أعلن عنه أخيرا، رغم الملاحظات على طريقة وشكل إعلان الوساطة، التي بدت وكأن الهدف منها هو الاستثمار السياسي لهذه القضية من طرف الوسيط.
ومن جانب آخر لم تكن الطريقة التي تعاملت فيها الحكومة مع استقالات وزراء (التوافق) مناسبة، في وقت مطلوب منها إيجاد حلول للمشكلات التي حصلت مع الكتل السياسية، مما ولد الانطباع بان الحكومة سرعان ما أصابها الغرور من نشوة النصر، رغم محدوديته على الجانب الأمني، وهذا ما يخلق القلق. والسؤال كيف تتعامل مع الآخرين لو قدر لها تحقيق انجازات اكبر؟
على الحكومة ان تعي بأنها ما تزال أمام تحديات غير قليلة ، فلا زالت هناك ملفات ساخنة تشكل أولويات عند الكثير من السياسيين فضلاً عن المواطنين، وفي مقدمة هذه الأولويات، هي حاجات الناس ومطالبها، تلك المطالب الواقعية والمهمة في آن. وتأتي الخدمات وتحسينها وتقديمها الى المواطنين في المقدمة من تلك المطالب.
وان مقياس نجاح الحكومة في أداء واجباتها أمام المواطنين، لا يقتصر على معيار التقدم في الجانب الأمني فقط، على أهمية ذلك، بل على ما يحصل عليه المواطن من خدمات، وليس على كميتها فحسب، بل على نوعيتها وديمومتها وطرق إيصالها للناس. لذا نؤكد دائما على أهمية تقديم الخدمات للمواطنين، والتعامل مع هذه المهمة كهدف دائم لا يمكن التغاضي عنه.

وهناك معيار آخر لمدى نجاح الحكومة، هو تمكنها من تأمين عودة المهجرين الى مناطق سكناهم بعد ان شهدت مناطق عديدة تهجيرا واسعا. صحيح ان الفترة الحالية لم تشهد نزوحا طائفيا، لكن الصراع الطائفي لم يترك منطقة دون ان يشوهها، ويجعلها مناطق مغلقة حصرا لهذه الطائفة او تلك.
ان ما يشهده الوضع الحالي من تحسن في الوضع الأمني قد يكون ظاهرة مؤقتة ما لم يرسخه الواقع وعبر توافقات سياسية واضحة.
فمازال أمام الحكومة العمل الكثير، فهل تجرؤ على التقدم الى الإمام وتمضي نحو توافق وطني أم تواصل المراوحة في مكانها؟





 


 

Counters