| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 14/1/ 2010

 

الاجتثاث والتمييز وما بينهما

جاسم الحلفي

ما كان يمكن لهيئة المساءلة والعدالة ان تستبعد خمسة عشر كيانا سياسيا من خوض الانتخابات قبل خمسين يوماً فقط من إجرائها، لو كان هناك قانون للأحزاب مشرع ونافذ في العراق. فرغم أن هذا القانون هو وحده الذي يفترض أن ينظم عمل وإجازة الأحزاب وضمان حقها في ممارسة نشاطاتها، غير أن الكتل المتنفذة لم يرق لها إدارة العملية الانتخابية بصورة صحيحة، كما هي في الديمقراطيات الحديثة في العالم، حيث تدار العملية الانتخابية هناك وفق ثلاثة أسس؛ قانون الأحزاب، قانون الانتخابات وهيئة مستقلة محايدة نزيهة وكفوءة لإدارة هذه العملية.

أن قضية الديمقراطية وترسيخها تعد واحدة من أهم مواضيع الصراع الدائر في العراق. وتكمن صعوبتها في أسباب عديدة من بينها عدم اهتمام الكتل المتنفذه في تشريع قوانين تعزز الديمقراطية وتخدم المواطنين، حيث لم يشرع عدد من القوانين المهمة منها: قانون الأحزاب وقانون منظمات المجتمع المدني وقانون حماية الصحفيين وكذلك قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي وغيرها.

من جهة أخرى كانت المحاصصة المقيتة، ولا زالت، هي الصفحة السوداء في تشكيل الهيئات المستقلة على حساب المواطنة والكفاءة والاختصاص والخبرة. لذا فان التشكيك في دور هذه الهيئات وعدم الثقة بقراراتها هو السائد في أحاديث المواطنين. ولم يكن قرار هيئة المساءلة والعدالة في استبعاد خمسة عشر كيانا من خوض الانتخابات، خارج إطار ذلك رغم استناد الهيئة في قرارها على المادة السابعة من الدستور.

ومن اجل توفير القناعة بالقرار لا بد من اتخاذ إجراءات عديدة من بينها توضيح ان استبعاد الذين ينطبق عليهم قانون المساءلة والعدالة من تبوء المناصب القضائية والتشريعية والتنفيذية العليا، لا ينبغي تصوره نكوصا عن مبدأ المصالحة الوطنية وتراجعا عنه، فلا مناص من الاستمرار في عملية المصالحة التي يجب ان تشمل الجميع، باستثناء من تلطخت أيديهم بدماء الشعب العراقي، إذ ينبغي أن يكون القضاء العادل والمستقل هو الجهة التي تقول كلمتها الفصل بحقهم مع أهمية تامين عودة من كان منتميا الى البعث لأي سبب كان الى الحياة الطبيعية. وفي نفس الوقت لا بد من إنصاف ضحايا نظام البعث العفلقي الصدامي. ولهذا لا بد من طرح التساؤل التالي: كيف يمكن تقسيم الضحايا الى فئات واستثناء البعض منهم والكل يعرف ان الظلم والتعسف لم يحدث بعد انقلاب 1968 فقط، وإنما ابتدأ منذ انقلاب شباط الأسود عام 1963 الدامي، فهل سنسمع، أيضا، قرارا ينصف ضحايا هذا الانقلاب من سجناء سياسيين وعوائل الشهداء، كي نطمئن بان العدالة في العراق تسير بعيدا عن الشبهات. وهو ما نريده لها؟

ان أي ادعاء بالعدالة سيكون موضع شك عندما يجري التمييز بين الشهداء والسجناء السياسيين وضحايا هذه الانقلابات من خلال اعتماد منظار الفئوية والحزبية الضيقة.


 

free web counter