| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلفي

 

 

 

الخميس 11/3/ 2010

 

جددتم انتخابهم، فمتى يبدأ التذمر مرة أخرى؟

جاسم الحلفي

اتفق مع كل من أطلق تهنئة للشعب العراقي بنجاح العملية الانتخابية، باعتبارها خطوة باتجاه بناء الديمقراطية الناشئة في العراق. ولا اختلف كثيرا مع المراقبين الذين أشادوا بالعملية الانتخابية وعدوها أفضل من سابقاتها من حيث تقليص حجم الانتهاكات التي رافقت الانتخابات السابقة، والتي لم تؤثر على نتيجتها النهائية.

لا شك ان ترسيخ أسلوب الانتخابات في النظام السياسي العراقي الجديد هو مكسب بحد ذاته، كما ان إقامة الانتخابات بوقتها المحدد هو ما يطمئن الجميع على ان العراقيين ماضون في طريق بناء بلدهم وفق رؤية جديدة. كذلك فان حجم المشاركة والتنافس في هذه الانتخابات كان كبيرا ومتنوعا الى حد غير قليل، بحيث يجعلنا نباهي شعوب المنطقة. كل هذا وغيره يعد من العوامل الايجابية ومن النتائج الأساسية للانتخابات التي جرت يوم 7 آذار، لكن من جهة أخرى، هناك سلبية كبيرة لا يمكن عند تقييم الانتخابات ونتائجها، دون التوقف عندها. ومع ان النتائج النهائية للانتخابات لم تعلن لغاية اليوم، لكن ما ترشح من خلال المفوضية ومراقبي منظمات المجتمع المدني يشير إلى ان الكتل المتنفذة هي التي حصدت أصوات الناخبين. هذه الكتل التي مسكت زمام الحكم منذ التغيير في أوائل نيسان عام 2003 لغاية اليوم، وتولى زعماؤها المسؤوليات الحكومية الأساسية في الدولة. فقد شغل زعماء ثلاث كتل متنافسة منصب رئيس الوزراء، فضلا عن تولي مرشحين من الكتل ذاتها مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والنفط. لا بل لم تتشكل حكومة دون ان يتقاسمها وفق المحاصصة الطائفية والاثنية زعماء هذه القوائم المتنفذه.

هذه القوائم وزعماؤها الذين تنافسوا على المقاعد البرلمانية انطلاقا من نقد أداء الحكومة، التي كانوا هم رموزها وأدواتها! بحيث لم يستعرض أي منهم انجازا افتخروا به، وتركزت حملاتهم على فضح الفساد، والاختراقات الأمنية، وانتشار البطالة، واتساع الأمية، وضعف الخدمات، هذه الملفات التي كان يمكن لأي ملف منها ان يقصم ظهر أي سياسي شارك في الحكومة السابقة، هذا اذا كان الشعب ينطلق في انتخابه لهذه القائمة او تلك من وعي كافي وأدارك واضح لمصالحه، لكن مع كل هذا نجد ان قطاعات واسعة من الناخبين كما يبدو، اختارت مرة أخرى نفس القوائم التي كانت وراء أسباب تذمرها ومعاناتها، وكانت وللامس القريب تصب عليها جامَ سخطها وغضبها وتحملها مسؤولية اتساع الفساد وسوء الأداء .

ربما لا يتسع المجال هنا لتحليل الأسباب السياسية والاجتماعية التي جعلت المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بالقوائم المتنفذه لكنهم، ولأسباب عديدة منها نجاح المتنفذين في زرع المخاوف مجدداً عند المواطنين، وتقديم الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية العراقية، ما جعل الناخبين يجددون انتخابهم بملء الإرادة دون أي أكراه، هذا اذ لم نحسب دهاء المتنفذين وإغراءاتهم وأساليبهم في شراء الأصوات والدور الإقليمي لدعم هذه القائمة او تلك، فضلا عن الترهيب والترغيب الذي استعاره البعض من ترسانة النظام المباد او الذي لم يكف عنه طيلة السنوات الماضية.

سؤالي هذه المرة الى اولئك الناخبين الذين اختاروا المتنفذين: لقد انتخبتموهم هذه المرة أيضا، فمتى يبدأ العد العكسي لتذمركم منهم مرة أخرى؟


 

 

free web counter