| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلوائي 

jasem8@maktoob.com

 

 

 

الخميس 25/8/ 2005

 

الإرهاب ومسودة الدستور

جاسم الحلوائي

من المعروف إن هناك علاقة بين الإرهاب وميادين الحياة الأخرى، السياسية والإقتصادية والإجتماعية والخدمية... و لكن العلاقة الأكثر وثوقا ومباشرة هي علاقة الإرهاب بالسياسة. فمنذ أن تولى قادة الإئتلاف الطائفي مقاليد الحكم أهمل الجانب السياسي ، وإعتمد العنف للقضاء على الإرهاب، وقد فشلوا في ذلك فشلا ذريعا. فوعودهم وخططهم بالقضاء على االإرهاب قي بغداد أولا، ومن ثم التوسع الى المحافظات الأخرى، ذهبت، بعد أكثر من أربعة أشهر، أدراج الرياح، أمام هذا التصعيد، وفي بغداد بالذات، التي شهدت في الأيام الأخيرة أعمالا إرهابية كثيرة فاقت كل الفترات السابقة.

فالمفروض عزل الإرهابيين عن حاضنتهم، وإلا ما أن تختفي إمارة مثل إمارة الفلوجة ، حتى تظهر لنا إمارة تلعفر أو القائم أو سامراء. والآن حديثة التي تنعم بالكهرباء والماء على مدار الساعة! في حين تعاني بغداد شحة لامثيل لها في الماء والكهرباء ، منذ سقوط النظام الدكتاتوري ولحد الآن. 

وجاءت بعض صياغات مسودة الدستور وكأنها إستفزازا متعمدا لحاضنة الإرهابيين.  فعقلية بعض قادة الإئتلاف عقلية طائفية حقودة سياسيا، وإلا بماذا يفسر المرء النص التالي في ديباجة مسودة الدستور: " عرفاناً منّا بحقِ الله علينا، وتلبيةً لنداء وطننا ومواطنينا،  واستجابةً لدعوةِ قياداتنا الدينية والوطنية واصرارِ مراجعنا العظام وزعمائنا ومصلحينا، ووسطَ مؤازرةٍ عالمية من محبينا، زحفنا لأول مرةٍ في تاريخنا لصناديق الاقتراع بالملايين، رجالاً ونساءً وشيباً وشباناً في 30 كانون الثاني سنة 2005م ... "

الا يعني ذلك، ضمنأ، بأن ملايين المسلمين، الذين لم يكونوا رهائن ولم يمنعهم أحد من المشاركة في الإنتخابات، والتي لم تزحف نحو صناديق الإقتراع يعوزها العرفان بحق الله عليها ؟! هل من الدين الإسلامي أو الأخلاق الإسلامية أصدار مثل هذه الأحكام ضد ملايين المسلمين، وغير المسلمين، لأنهم لم يساهموا في الإنتخابات؟ وهل من مباديء الديمقراطية الإنتقاص من وطنية الملايين ( بل وحتى من وطنية مواطن واحد) لمجرد إنها قاطعت الإنتخابات، فما هو حكمكم  لوصوتت الملايين ضد مسودة الدستور؟  الإسلاموي  "الديمقراطي " ؟!

والأسوء من كل ذلك إنهم يرومون تثبيت مثل هذه الأحكام الإستبدادية في ديباجة دستور مكرس ﻟ " نظام جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي اتحادي ". لكي تتثقف به الأجيال القادمة !؟ إن مثل هذه الأخطاء السياسية الإستفزازية تصب في مصلحة الإرهابيين لانها تعزز حاضنتهم وتوسعها.

وجاء في المادة 7   من مسودة الدستور مايلي: " يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له، وبخاصة حزب البعث الصدامي في العراق وتحت اي مسمى كان ، ولايجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون.

هل هناك ضرورة لذكر وبخاصة حزب البعث الصدامي في نص الدستور، في الوقت الذي يضمن النص عدم قيام حزب من النوع المذكور في العراق. اليس هذا إستفزازا يصب في طاحونة الإرهابيين؟. ولكن نزعة الإنتقام وضيق الأفق وضعف الشعور بالمسؤولية أو عدم إدراكها، يعمي البصيرة !

 وفي المادة 40 جاء مايلي: " أتباع كل دين أحرار في ممارسة الشعائر الدينية بما فيها الشعائر الحسينية." لماذا التأكيد على الشعائر الحسينية؟ اليست هي جزء من الشعائر الدينية؟ وبالتالي لاضرورة لذكرها لأنها تثير الحساسية لدى حاضنة الإرهابيين.

إن مثل هذه الأخطاء السياسية الإستفزازية تصب في مصلحة الإرهابيين لانها تعزز حاضنتهم وتوسعها. وبالتأكيد لا يوجد هناك ما يبرر أعمال الإرهابيين التي حصدت وتحصد عشرت الألوف من أرواح العراقيين البريئة، ودمرت البنية التحتية للبلد، إضافة الى ما كان مدمر أصلا. وحولت حياة ملايين العراقيين الى جحيم لايطاق بأعمالهم الإجرامية. ولكن العقلية التي بيدها مقاليد الحكم غير فادرة على معالجة قضية الإرهاب ولا أية قضية حيوية اخرى هامة، لأنها عقلية ملالي طائفية !


 


 

free web counter