| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم الحلوائي 

jasem8@maktoob.com

 

 

 

 

الأثنين 20/6/ 2005

 

 

 

تحالف القوى الديمقراطية و وحدة اليسار الديمقراطي العراقي

 

 جاسم الحلوائي

تتصاعد الدعوات لوحدة ما يسمى تارة بالتيار الديمقراطي، وتارة أخرى باليسار الديمقراطي، وثالثة باليسار العلماني والديمقراطي و...الخ والمقصود بهذه القوى أساسا، هي الأحزاب والقوى الديمقراطية واليسارية التي لم تفز بالإنتخابات و/ أوالتي فازقسم منها ببضعة مقاعد في الجمعية الوطنية العراقية . وإنني أفضل تسميتها باليسار الديمقراطي ،وستتوضح مبررات هذه التسمية لاحقا. إن وحدة هذه القوى لها اهميتها، ويجب مواصلة السعي لتحقيق وحدتها. ولكن هذه القوى لايمكن أن يكون لها رأي مقرر في الجمعية الوطنية القادمة، ضمن توازنات القوى الراهنة. وسيكون دورها أكبر في تحقيق مهمتها الأرأس ، الا وهي إقامة النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي، وإستكمال السيادة الوطنية ، إذا ماتحالفت ، ككتلة موحدة ومستقلة على نطاق الوطن، مع القوى الديمقراطية الأخرى، بما في ذلك الجناح اليميني من هذه القوى.

إن إقامة نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي  يتطلب تحالف كافة القوى الديمقراطية من أقصي اليسار الى أقصى اليمين، فهي المعنية أولا وأخيرا بتحقيق هذا الهدف. و حتى الجناح اليميني من هذه القوى أكثر إخلاصا لهذه المهمة من إدعاءات أي حزب أو قوة من قوى الإسلام السياسي. ومحاولات الإلتفاف على هذا الهدف وعلى رؤوس الأشهاد وفي وضح النهارفي نص القسم الا ول الذي أدته وزارة الجعفري عندما حُذف من القسم عبارة (الديمقراطي الفيدرالي) .  وكذلك تجاهل الإشارة الى تطبيق المادة 58 من قانون إدارة الدول فيما سمي بالبرنامج السياسي لرئاسة الوزراء، وجملة من التصرفات المنافية لحقوق الإنسان التي تقوم بها قوى وأحزاب الإسلام السياسي على الأرض في المحافظات الجنوبية  وفي اي مكان يستطيعون فيه ذلك ، درس بليغ لكل القوى الديمقراطية ، سواء المتحالفة مع الإئتلاف الوطني الموحد أم غيرالمتحالفة معه. ولابد أن تستفيد من التجربة للإنتخابات القادمة.

ولمعرفة تخوم الاحزاب والقوى الديمقراطية لابد من إيجاد تعريف لها. بإعتقادي إن أي حزب أو قوة يمكن إعتبارها ديمقراطية في العراق إذا ماتوفرت لديها القناعة بالتعددية وبالتداول السلمي للسلطة والإحتكام لصناديق الإقتراع . وإحترام حقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل, والقناعة بالفدرالية الكردية، والطموح بفصل الدين عن الدولة . والتمسك بالحريات الديمقراطية ، حرية العقيدة والرأي والنشر وتأليف الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية ومختلف منظمات المجتمع المدني .

وهذا التعريف ينطبق على كافة الأحزاب الكردية غير الإسلاموية وينطبق على الوفاق الوطني وعراقيون (كتلة الياور) وما يسمى بالتيار الديمقراطي (22 حزب وكتلة) أبرزهم الحزب الشيوعي العراقي . وفي هذه المجموعة الكبيرة من القوى والأحزاب هناك  يمين ويسار ووسط . وهذه محاولة لتحديد ذلك. يتطلب الشروع في هذا الأمر تحديد الأحزاب والقوى التي تحتل موقع الوسط بين القوى الديمقراطية أولا . في رأيي إن حركة الوفاق الوطني والحزبين الكرديين الكبيرين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني، يشكلون الوسط الدمقراطي . تعتبر جميع الأحزاب الكردية في العراق ، غير الإسلاموية، قوى ديمقراطية، بصرف النظر عن أية مآخذ عليها. إنها ديمقراطية، شاء المرء ذلك أم أبى . لأن هذه الأحزاب عندها قضية أساسية، وهي تمتع القومية الكردية بحقها في تقرير مصيرها بما في ذلك حقها في الإنفصال وتكوين دولتها المستقلة، أوإتحادها مع العراق بصيغة توافقية، كما هو الحال الآن ـ الفيدرالية. ولايمكن أن يتحقق ذلك بدون إقامة نظام ديمقراطي في العراق . أضف الى ذلك فإن هذه الأحزاب والقوى أظهرت قناعة ، في التطبيق العملي، بالموصفات المذكورة في أعلاه في تعريف الحزب أو القوة الديمقراطية في مناطق حكمهم في السنوات الأخيرة، بعد توقف إقتتال الأخوة الذي لم يكن يجمعه أي جامع مع الديمقراطية. ولا يغير في الأمر شيئا حتى لو تصرفت هذه الأحزاب، أحيانا، خلافاً لطبيعتها، فإن مثل هذا التصرف يقع في باب الخطأ والصواب. وهذه الأحزاب ، بإعتبارها كيانا حيا فهي تتطور بتشذيب نفسها من الشوائب والنزعات المنافية للديمقراطية بمافي ذلك بعض النزعات العشائرية في بنيتها وسلوكها. إن تحديد المجلس الوطني في إتحادية كردستان، مؤخرا، ولايتين فقط لرئيس كردستان، يعتبر  تطورا ديمقراطيا هاما من شأنه أن يضمن تداول السلطة سلميا في كردستان . ويعطي مثلا إيجابيا للجمعية الوطنية في بغداد لتحذوا حذو كردستان في هذا المضمار .

وموقع حركة الوفاق الوطني هو الآخر في الوسط من القوى الديمقراطية، رغم كل المآخذ عليه من قبيل إستغلال السلطة في الإنتخابات أو أعادة الإعتبار الى بعثيين ينطبق عليهم قانون إجتثاث البعث . على أي حال إننا نتحدث عن الديمقراطية بمقاس عراقي وليس اوربي. وتسجل لحساب علاوي والوفاق الوطني إجراء أول إنتخابات حرة وناجحة بإعتراف الآخرين . والتصدي الصريح والجريء لتدخل رجال الدين في شؤون الدولة، بالرغم من إحترام علاوي وحركته للدين الإسلامي ولكل ألأديان ورجال الدين وفي المقدمة منهم المراجع الدينية. ولم يخش علاوي، لومة لائم ، في وصف حميد مجيد موسى ب "الرجل النزيه والكفؤء بإعتراف الجميع" مع إن الحزب الشيوعي العراقي الذي يرأسه حميد مجيد موسى هو حزب منافس في الساحة. في حين لم يذكر لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء في كلمات تنصيبهما إسم أي شهيد من قافلة شهداء الحزب الشيوعي العراقي عندما إستعرضا أسماء شهداء بارزين في تاربخ الحركة الوطنية. لم يذكرا حتى إسم الشهيد سعدون عضو الجمعية الوطنية المؤقتة شهيد العملية السياسية التي بفضل نجاحاتها نُصب السيد جلال الطالباني رئيسا للجمهورية والسيد إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء.

أن ما يميز الوسط الديمقراطي، الحزبين الكرديين الكبيرين و حركة الوفاق الوطني، إنهم مخلصين لهدف تحقيق نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي، وفوق ذلك فإنهم يطمحون الى فصل الدين عن الدولة. وهذا ما فعلته الأحزاب الكردية في منا طق حكمها. ونادى به علاوي بأعلى صوته. ويدعم الوسط الديمقراطي التطور الرأسمالي الحر. وجدير بالملاحظة إن هذه القوى ساهمت في جميع المؤتمرات التي عقدت قبل الحرب وبعدها برعاية أمريكية. وباركت الحرب بإعتبارها شرا لابد منه لإسقاط أعتى دكتاتورية على وجه الأرض ، بعد أن فشلت القوى الوطنية المعادية لها من زحزحتها طيلة عقود. ولديها في المجلس الوطني العرافي 115 نائبا. 

الان، يسهل علينا تحديد اليسار واليمين من القوى الديمقراطية . أعتقد إن التيار الديمقراطي (22 حزبا وقوة) وإمتداداتها التنظيمية والسياسية والفكرية في كردستان  هو في موقع اليسار من القوى التي أفرزناها كوسط ، فهي بالتالي اليسار الديمقراطي والذي يتطلب الوضع السياسي تحقيق وحدته في ضوء برنامج طويل الأمد نسبيا والتوجه للتنسيق مع إمتداداته في كردستان بما في ذلك التهيؤ للإنتخابات بشكل لاتضيع معالم اليسار الديمقراطي الكردستاني كما هو الحال الآن في الجمعية الوطنية العراقية. إنما يكون جزءًا من اليسار العراقي في الإنتخابات العامة ونتائجها. مما يميز قوى اليسار الديمقراطي ، إن لم يكن جميعها فعلى أقل تقدير مركز الثقل فيها، إنها لاتؤيد التطور الرأسمالي المنفلت وتدعو الى الرأسمالية الإجتماعية . جدير بالملاحظة ، إن اليسار الديمقراطي لم يشترك في المؤتمرات التي عقدت قبل الحرب وبعدها برعاية امريكية. ولم يؤيد الحرب كوسيلة لإسقاط النظام الدكتاتوري . نوابهم في الجمعية الوطنية العراقية لايتجاوز، مع الأسف ، أصابع اليد الواحدة

ويمثل اليمين الديمقراطي كتلة الياور(عراقيون) . إن ما يماثلهم بالوسط الديمقراطي هو قناعتهم بالمباديء الديمقراطية وإن ما يميزهم هو التمسك بعادات وتقاليد عشائرية ودينية غير عصرية مثل إرتداء الياور للملابس التقليدية حتى خلال سفره الى أوربا وأمريكا، وتعدد الزوجات . وفي مجموعتي الوسط واليسار توجد احزاب أو كتل أوتيارات ممكن تصنيفها يمين ويسار ووسط . ولسنا بصدد ذلك الآن.

إن القوى الحريصة على إقامة نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي في العراق، هي القوى الديمقراطية من يمينها الى يسارها مرورا بوسطها. وإذا ما تحالفت في الإنتخابات يمكن أن تفوز بأغلبية مقاعد البرلمان . إن فوز هذه القوى بالأغلبية في مصلحة العراق وتطوره اللاحق. إن القوى الإسلاموية مجبرة على القبول بهدف إقامة نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي ، ولكنها غير مقتنعة به. وهي تتحين الفرص للإلتفاف عليه أولا والإنقضاض عليه لاحقا. هذا التكتيك نفسه إتبعته القوى الدينية في إيران فقد بدأ النظام ديمقراطيا وإنتهى خلال أقل من سنتين الى أعتى نظام شمولي مقيت في العالم . يسيطر فيه رجال الدين على جميع مفاصل الدولة الأساسية ويتدخلون في كل صغيرة وكبيرة. ولمرشد الجمهورية الإسلامية، وهو غير منتخب ، صلاحيات مطلقة ولديه قوة عسكرية تأديبية تتدخل بأمره لقمع المظاهرات المعارضة أو الإعتداء على النساء بحجة عدم التحجب على ما يرام (بد حجاب) ولديه قوة مخابراتية تتدخل حتى في شؤون الدول الأخرى كما أشارت لذلك بعض التحقيقات التي جرت مع مخربين إيرانيين في العراق. وأدت سيطرة رجال الدين على السلطة في إيران الى تدهور الوضع الإقتصادي والإجتماعي. فالى جانب إزدياد البطالة والغلاء هناك زيادة في تناول المخدرات والبغاء "الشرعي" وغير الشرعي وتفشي الفساد الإداري .  فالوسط الديمقراطي لايمكن أن يكون تحالفه مع القوى الإسلاموية الا هشا، و التحالف الهش ليس من مصلحته لأنه لا يساعد على تحقيق أهدافه مما يدفعه للتطلع الى تحالف راسخ . إن الوسط الديمقراطي  وخا صة يسار الوسط وأفترضه الوفاق الوطني بزعامة علاوي قد أخذ المبادرة فعلا لتجميع القوى الديمقراطية في تحالف واسع . إن تحالف الوسط الديمقراطي واليسار الديمقراطي هو حجر الزاوية في التحالف الديمقراطي ومن مصلحة الوسط الديمقراطي إبداء أقصى المرونة السياسية لتحقيق ذلك . وكذلك أقصى المرونة في نسب مشاركة اليسار الديمقراطي في الجمعية الوطنية القادمة فذلك في مصلحة الطرفين في التحليل الاخير.

إن مصلحة الوطن تتطلب تحالف كافة الاحزاب والقوى الديمقراطية من أقصى اليمين الى أقصى اليسار في الإنتخابات القادمة للفوز بأغلبية مقاعد الجمعية الوطنية. وإن توحيد قوى اليسار الديمقراطي على صعيد الوطن كله عاملا هامأ لتحقيق ذلك.