خط احمر ... أم خطوط حمر ؟
جاسم هداد
تم اجراء الأنتخابات والتي كانت استحقاقا امريكيا اكثر منها
استحقاقا عراقيا ، ولعب اللاعبون الرئيسيون في العملية الأنتخابية ، الاعيب شتى من
اجل ضمان " الفوز الساحق " ، وعلى طريقة معاوية بن ابي سفيان عندما اراد أخذ البيعة
لأبنه يزيد ، فاستخدم المال والسيف وعلى القولة الشهيرة (من بايع يزيد فله هذا "
كيس مال " ، ومن رفض فهذا " السيف " ) ، وهذا هو ما حصل في الواقع بعد ان خطط له
ونفذه القائلين بـ " الأستحقاق الأنتخابي " ، والمصيبة انهم يتباكون على الأمام
الحسين ( ع) ويلعنون يزيد يوميا ، وهم التلاميذ ليزيد ومعاوية من خلال تنفيذهم
سياساته وسلوكهم الاعيبه ، مثلما يذمون الطاغية صدام ويلعنونه وفي الواقع العملي لا
تختلف سياساتهم عن سياساته .
والتجاوزات والأنتهاكات والخروقات للعملية الأنتخابية سواء قبل الأنتخابات او
اثناءها وبعدها " الفرز " ، صارت كالخط الأحمر لا يمكن الا فاقد البصر ان لايراه ،
والحديث عن ذلك طويل ويطول ، اسوق مثلا واحدا حقيقيا صادقا على التزوير ، في مركز
انتخابي في احدى مدن الفرات الأوسط ، نجح احد الأخوة " وهو صادق في قوله ، وبطل من
ابطال انتفاضة آذار 1991 ، وتشهد له مدينته ، حيث قام بإقتحام مديرية الأمن فيها "
بإقناع ثلاثين فردا من عائلته واصدقائه ومعارفه وجيرانه للتصويت لأحدى القوائم .
وعندما ظهرت نتيجة الفرز كان نصيب القائمة المعنية " ولا صوت " ، كيف حدث ذلك فهو
معروف !؟ ، وجدلا حتى لو لم يعط جماعة اخينا اصواتهم لتلك القائمة ، فأين ذهب صوته
هو شخصيا ؟ ، ويؤكد هذا الأخ بأن الغالبية العظمى من الموظفين العاملين في المفوضية
في مدينته ، والمشرفين على المراكز الأنتخابية ، هم من البعثيين الذي استبدلوا
الزيتوني بالقميص الأسود واللحية ، فلا ريب في ذلك فهم ازلام كل زمان ، وهم الذين
قال عنهم معاوية بن ابي سفيان لعنه الله ، لا يفرقون مابين الجمل والناقة ،
وبأمثالهم حارب معاوية امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) ، وصدقت يا ابا عادل يا
مظفر النواب عندما قلت " لو خرجت لقاتلك الداعون اليك وسموك شيوعيا "
وخير دليل اعتراف المفوضية العليا المستقلة !!! " إقرأ : المستَغلة " للأنتخابات
وكذلك تقرير اللجنة الدولية للتدقيق الدولي ، بأنه شاب الأنتخابات الكثير من
التجاوزات ، ولذلك قامت بإلغاء " 227 " صندوقا وهذه فقط للشكاوى ذات الخط الأحمر ،
اما ذات الخط الأصفر والأخضر فلم تجد المفوضية وقتا للبت فيها ، ومع الأسف تبارى
عدد من العازفين على وتر الحزب الواحد واللون الواحد والمنطقة المقفلة وهي من
تعليمات ودروس البعث الفاشي ، الى رفع الأصوات عاليا بأن هذه التجاوزات تحدث في
جميع بلاد العالم ونسبتها لا تشكل شيئا ولا تؤثر على العملية الأنتخابية ، وبالضبط
وبنفس اسلوب مدرسة البعث الفاشي ، عندما استكثر الطاغية صدام على الشعب الكويتي
المطالبة بمصير اسراه وان عددهم لا يتجاوز المئات .
والآن ومن خلال اللهاث وراء المكاسب الحزبية والمناصب الوزارية تنشر وسائل الأعلام
تصريحات لبعض سياسيي المرحلة الحالية ، فمراهق سياسي يضع خطا احمرا حول التعامل مع
شخصية سياسية ، التي كان لها دور في السياسة في الوقت الذي كان هذا المراهق السياسي
في ظهر ابيه ، وقائد احدى الميليشيات يضع خطا احمرا حول وزارة الداخلية مؤكدا انه
لا يمكن التنازل عنها .
اما كان الأجدر بالذين لديهم امكانية وضع الخطوط الحمر ، وضع هذه الخطوط الحمر امام
التدهور الكبير في الخدمات العامة ، وامام ارتفاع عدد القتلى وعمليات الأختطاف
والهجمات الأرهابية وتزايد اعمال العنف ، وكما اكدت على ذلك تقارير دولية وعراقية
والتي اشارت الى ان الأوضاع العامة في العراق تدهورت تدهورا كبيرا .
اما كان الأجدر وضع الخطوط الحمر امام نهب خيرات العراق ومحاربة الفساد الأداري
والمالي الذي استشرى في جسد الدولة العراقية كالسرطان ، ووضع الخطوط الحمر امام
انتشار المخدرات ، والتي اصبح العراق مركزا لتوزيع وبيع المخدرات وذلك بفضل الجارة
المسلمة ! إيران ، الا يستحق تهريب الأدوية الى ايران وجلب ادوية منتهية الصلاحية
وليس ذات جدوى علاجية خطوطا حمرا .
اما حان الوقت لأعضاء هذه الأحزاب وجماهيرها بأن يرفعوا الرايات الحمر " حيث لا
يكفي وضع الخطوط الحمر " في وجه هذه القيادات والقول لها ، كفى لعبا بمقدرات الشعب
العراقي . كفى استهتارا بهموم الفقراء والمستضعفين . كفى هدرا ونهبا لخيرات العراق
. كفى انانية ومصالح حزبية وشخصية . فبأسم مصالح العراق والعراقيين تبؤتم مناصبكم .
فكونوا اوفياء لوعودكم . وراعوا مصلحة العراق ومصالح العراقيين . وصبر العراقيين
لابد وان يكون له حدود .
موقع الناس http://al-nnas.com/