نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم هداد

jasemhaddad@hotmail.com

 

 

 

 

الجمعة 24/3/ 2006

 

 

 

ثلاث سنوات بعد سقوط الصنم

 

جاسم هداد

مرت ثلاث سنوات على سقوط نظام البعث العراقي الفاشي ، وحال العراق من سئ الى أسوء ، فالتردي شامل وعام ، من الأمن الى الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن ، والأقتصاد بلغ " الحضيض تقريبا" و" المذهبية تسود والميليشيات تسيطر على كثير من الأحياء في بغداد " ، و" فرق الموت" تصول وتجول رغم منع التجول المفروض .

وبعد ان اجترح شعبنا العراقي المآثر وتحدى قوى الأرهاب وزحف بالملايين لثلاث مرات نحو صناديق الأقتراع ، ففي المرة الأولى انتخب ممثليه للجمعية الوطنية الذين ناقشوا واهتموا بأول " مطلب جماهيري " ، هو رواتبهم ومساكنهم وحمايتهم . وفي المرة الثانية صوت على الدستور ، القانون الأعلى للبلاد وذلك من اجل ارساء نظام دستوري برلماني وليودع بيان رقم واحد ، وفي الثالثة انتخب ممثليه لمجلس النواب ، ورغم كل ما قيل عن هذه الأنتخابات ، فأن الجميع اقتنع بنتائجها املا بالأستقرار والأنتهاء من الحال " المؤقت " .

وبعد ثلاثة اشهر من انتهاء الأنتخابات لا زال طريق تشكيل الحكومة وعرا ، مليئا بالحفر والمنزلقات ، ويترافق ذلك مع التدهور في الوضع الأمني .

فخلال شهر " 22 شباط 2006 ـ 21 آذار 2006" قتل اكثر من ثلاثة آلاف عراقي في مختلف مدن العراق ، وحصة الأسد من نصيب بغداد ، حيث صار مشهدا يوميا اكتشاف الجثث لعراقيين تعرضوا للتعذيب قبل قتلهم سواء بإطلاق النار او شنقا .

والتطهير العرقي اخذ مظهر الظاهرة ، واعترفت الحكومة رسميا بنزوح آلاف العوائل خوفا من الأنتقام بسبب الأنتماء المذهبي ، وخصصت مبلغ " 500 مليون دينار " لمساعدة هذه العواءل المهجرة ، ووزارة المهجرين اصدرت بيانا اشارت فيه انها تقدم مساعدات عينية وغذائية لـ " 3075 عائلة " ، واللهم يعلم بعدد العوائل المهجرة والتي لم تكن ضمن احصاءات وزارة المهجرين .

والولايات المتحدة الأمريكية صاحبة مشروع " بناء الديمقراطية في العراق " يصرح وزير دفاعها بـ " نحن نحاول معرفة ماذا سنفعل اذا سقط العراق في دوامة حرب اهلية " ووزير دفاع بريطانيا يصرح هو الآخر بأن " الوضع الأمني في العراق خطير " ، ولم يقولا كيف يمكن ابعاد " دوامة الحرب الأهلية " او ازالة الخطر عن الوضع الأمني ، وهما اللاعبان الأساسيان في العراق ولهما التواجد العسكري الكبير ، وهما من قاما بغزو العراق وحلا جيشه وشرطته ، وهدما دولته ، ووعدا كثيرا بأن الديمقراطية ستسود العراق ، وزادا في ذلك ان اشعاعاتها سوف تنتقل لبلدان الشرق الأوسط .

اما السياسيون العراقيون فتصريحاتهم تحمل من التناقض مما يقبض القلب ويزيد الأسى ، فأحدهم يقول " اننا في حرب اهلية " ، ويرد عليه الثاني بأنه " لا يؤيد فكرة وجود حرب اهلية وشيكة " ، بينما ثالث يقول " العراق يشهد بدايات حرب اهلية " ، فيجيبه رابع بأن " الحرب الأهلية غير واردة " وذكر آخر بـ " وجود مخاوف من انتقال الأزمة من صراع سياسي الى قتال اهلي " .

ونود تذكير هؤلاء السياسيين بأنه رغم مرور ثلاث سنوات على اسقاط نظام البعث العراقي الفاشي ، فأن الصراع على بديل الكتاتورية لا زال محتدما وضارا ويحمل مخاطر جدية على الأستقرار والأمن ، ويهدد بشكل جدي الى اخذ الصراعات الطائفية الجارية الآن تحت الطاولة مديات اوسع وشكلا علنيا ، والذي يتطلب من قادة القوى السياسية ، الجلوس معا وسوية وطرح مستقبل العراق وشعبه على جدول عملهم وتغليبها على مصالحهم الحزبية الفئوية الضيقة ، فالتاريخ لا يرحم ، والشعب العراقي سوف يلعن كل من يتسبب في تأجيج الحرب الأهلية وضياع العراق كما لعن ويلعن صدام حسين .

وفي الأشهر الأخيرة فأن الناس " بطلوا من العنب ويريدون سلتهم" ، فالجميع ينادون بصوت عال ويطلبون الأمان ، وصار المواطن العراقي يتمنى امنية ان ينام ليلته بدون خوف او قلق على حياته .

فهل يكون السياسيون العراقيون بمستوى هموم ومحنة الشعب العراقي ، الأيام القادمة ستكشف ذلك .