| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم هداد

jasemhaddad@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 17/1/ 2006

 

 

 

استحقاق وطني أم انتخابي ؟

 

جاسم هداد

" فرق تسد " سياسة استعمارية قديمة لا يجهلها رجال السياسة العراقيين الذين عرفتهم شاشات الفضائيات اكثر مما عرفهم شعبنا العراقي ، ومن خلال هذه السياسة تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ مخططاتها سواء في العراق او في منطقة الشرق الأوسط .

وبعد ان أدى الطاغية صدام حسين خدماته لأسياده وأولياء نعمته الأمريكان سواء في ضرب القوى السياسية الوطنية التقدمية العراقية وخصوصا قوى اليسار العراقي ، او بحربه المجنونة مع الجارة إيران ولثمان سنوات انهكت اكبر واغنى بلدين في المنطقة ، اصبح ورقة محروقة يجب التخلص منها ، واصبحت المرحلة الجديدة تتطلب مواصفات جديدة تنسجم وطروحات القرن الواحد والعشرين من الديمقراطية وحقوق الأنسان وغيرها .

وتنفيذا لهذه الأستراتيجية تم تشريع قانون " تحرير العراق" عام 1996 وتحت حكم الحزب الديمقراطي وتم رصد ميزانية بمبلغ " مائة مليون دولار " لتغطية ذلك ، وتسابق رجال السياسة في الحج الى واشنطن للتبرك بالجالس في البيت الأبيض الأمريكي وفي مقدمتهم الرافعين الصوت عاليا بـ " الأستحقاق الأنتخابي " وذلك لفوزهم " الساحق " في الأنتخابات الأخيرة .

في المؤتمرات التي عقدت في لندن وصلاح الدين والتي مهدت للغزو الأمريكي لبلادنا ، كان عراب هذه المؤتمرات السفير الحالي للولايات المتحدة الأمريكية في بغداد ، واقطاب هذه المؤتمرات هم أنفسهم فريق " السبعة " . من هذه المؤتمرات بدأ الترويج لتقسيم العراق من خلال بث سموم النعرات الطائفية والقومية ( شيعي ، سني ، كردي ) ، والحديث عن مكونات الشعب العراقي بمفاهيم الطائفية والعرقية ، وليس عن التيارات السياسية والفكرية ( الأسلام السياسي ، الليبرالية ، اليسارية ، الديمقراطية ......الخ ) .

ثم جاء مجلس الحكم ، فعزز ذلك ، ودق اسفينه عميقا من خلال تشكيلة الحكومة الأنتقالية ، وفي الأنتخابات الأولى تجسد الشرخ الكبير من خلال ما قامت به الأحزاب الطائفية والقومية من دعايات وممارسات عمقت من النزعة الطائفية والقومية واضعفت بشكل كبير الشعور بالمواطنة العراقية ، وساهمت حكومة القوائم الفائزة التي تشكلت بعد انتخابات 30 كانون الثاني 2005 بشكل كبير في التخندق الطائفي وحالة الفلتان الأمني بسبب سياستها الطائفية .

وجاءت انتخابات 15 كانون الأول 2005 الأخيرة لتزيد الجرح إيلاما والطين بلة ، فسياسيو مؤتمر لندن وصلاح الدين وزوار البيت الأبيض ، عادوا ليؤكدوا على طائفيتهم من خلال طروحات ان " هناك مكونات يتألف منها الشعب العراقي " والقصد واضح بهذه المكونات ، أي انهم يريدون تقسيم الشعب العراقي من خلال ترسيخ مفاهيمهم الطائفية " سني ، شيعي ، كردي" ، فلذلك لم ترد في تصريحاتهم مفاهيم " التيارات الفكرية والسياسية " ، والتوافق الذي تحتاجه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا في نظرهم " قراءة سورة الفاتحة على الديمقراطية " ولذلك فهم يؤكدون على "حكم الأغلبية " ، وانطلاقا من طائفيتهم المقيتة فهم ينظرون الى مفهوم " الأستحقاق الوطني " بأنه " شعارا مزورا منافقا كاذبا " .

ان المرحلة الصعبة المعقدة التي يمر بها وطننا ، والمآسي التي تعرض لها شعبنا طيلة حكم البعث الفاشي، ورغم مرور اكثر من عامين ونصف من سقوط الصنم ولغاية الآن ولا تزال معاناة شعبنا متواصلة ، لابل تزداد تعقيدا ، وتزداد معها نهب خيرات بلادنا وينخر الفساد كل مفاصل الدولة العراقية ، ويستهتر الأرهابيون اكثر بحياة ابناء شعبنا ، وازمات الكهرباء والماء والوقود تتفاقم ، والفلتان الأمني يتعاظم رغم زيادة اعداد الشرطة والجيش ، واعداد الخطط الأمنية التي يصعب على المتابع عدها ، حتى غدا شعور المواطن بالأمن حلما.

كل هذا يدعو القوى السياسية العراقية الفائزة والخاسرة في الأنتخابات ، ان تجعل مصلحة العراق اولا واخيرا ، وان العراق للعراقيين ، وتتخلى عن انانيتها الحزبية ، وتبادر القائمة الفائزة بالأغلبية الأنتخابية لتشكيل حكومة وحدة وطنية فعلية حقيقية تضم كافة التيارات الفكرية والسياسية الأساسية في المجتمع العراقي ،أي لا حكومة طائفية اثنية " شيعية ، سنية ، كردية " ، حكومة تتمتع بالكفاءة والنزاهة وحب العراق ، حكومة قوية تستمدد قوتها من وقوف الشعب العراقي خلفها ، حكومة يكون هدفها الأول اشاعة الأمن والأستقرار ، واعادة هيبة الدولة ، وارساء قواعد دولة القانون ، والقضاء على الأرهاب المتأتي من المجرمين التكفيريين ومن عصابات الميليشيات الحزبية ، وايجاد المعالجات لمشكلة البطالة المتفشية والتي هي أس المشاكل والمولدة للكثير منها ، وليس آخرا توفير الخدمات والمتطلبات الأساسية لشعبنا .

فالتاريخ لا يرحم ، وهذا الطاغية صدام القابع في سجنه والمنتظر لحكم الشعب العادل بحقه ، خير عظة ومثال لمن لا يضع العراق وشعبه في المقام الأول ، ويغريه ما تراه عيونه ، فالزمن كفيل بفضح كل من يمارس الدجل والخداع بحق الشعب العراقي ، ومن فاز ولم يوظف هذا الفوز لخدمة العراق وشعبه فسوف يتحول سخطا عليه ، ولعل مظاهرات الناصرية درسا يستفاد منه